صنعاء 19C امطار خفيفة

كلما وقعت في واجب التصدي لأفكار «الحوثية» هرولت عارضة مسلسل «الفجر»: في أحوال الفضائية اليمنية وأهوالها

2007-09-27
كلما وقعت في واجب التصدي لأفكار «الحوثية» هرولت عارضة مسلسل «الفجر»: في أحوال الفضائية اليمنية وأهوالها
كلما وقعت في واجب التصدي لأفكار «الحوثية» هرولت عارضة مسلسل «الفجر»: في أحوال الفضائية اليمنية وأهوالها - جمال جبران
(1)
جاء على أخيرة صحيفة «الثورة» الرسمية عدد الاحد 11 رمضان خبر قال بما يلي «أوضح الاخ حسين باسليم رئيس قطاع «القناة الأولى الفضائية اليمنية» في تصريح خاص ان الاستاذ حسن اللوزي وزير الاعلام قد وجه يوم أمس بإيقاف عرض بقية حلقات المسلسل المحلي «شاهد عيان» الجزء الثالث وذلك عقب عرض الحلقة التي قدمت مساء أمس بعنوان «الأم»، بالنظر لما تضمنته من ضحالة فنية وموضوعية الى جانب أن فكرة الحلقة مقتبسة من أحد الأعمال التلفزيونية العربية ولكن بطريقة سيئة وغير لائقة. وأكد باسليم ان الاخ وزير الاعلام قد وجه أيضاً بتشكيل لجنة متخصصة رفيعة المستوى لاستعراض بقية حلقات المسلسل والاطلاع على مضامينها ومدى صلاحيتها من حيث المضمون والأداء الفني. مشيراً الى أن الفضائية اليمنية ستبث اعتباراً من مساء اليوم حلقات المسلسل المحلي الجديد «حياتنا» وهو عمل توجيهي واجتماعي رائع وذلك بدلاً عن «شاهد عيان».
ينتهي الخبر هنا وقد تعمدنا نقله كاملاً بغية وضوح الصورة على ما هي عليه وحتى لا يقال أن تحريفاً قد وقع على بعض فقراته مما أدى الى الإخلال بحقيقة ما كان فيه.
وعليه يكون من حقنا استخراج عدد من علامات الاستفهام حول ما جاء في الخبر عاليه.
(2)
يقول الخبر الذي جاء على لسان رئيس قطاع القناة الاولى القناة الفضائية، أن توجيهاً قد صدر من طرف وزير الاعلام قضى بإيقاف عرض «شاهد عيان» وذلك بسبب ظهور حلقة منه وقد تضمنت «ضحالة فنية وموضوعية الى جانب أن فكرة الحلقة مقتبسة من أحد الأعمال التيليفزيونية العربية ولكن بطريقة سيئة وغير لا ئقة». وهنا استفهام: لو لم يكن وزير الاعلام قد شاهد هذه الحلقة لما كان للمسلسل أن يتوقف فكما بدا أنه هو صاحب القرار الأوحد في إيقاف عرض هذا وبث ذاك. وحسين با سليم رئيس قطاع الفضائية ليس سوى «شاهد عيان» لا غير. إضافة لحسن الحظ الذي جعل ذاك الوزير يشاهد تلك الحلقة العربية المنقول عنها مما أدى لاجراء مقارنته بينهما وبالتالي كان قرار إيقاف عرض «شاهد عيان». يبدو وزير الاعلام هنا ظاهراً كتيرموميتر ذائقة فنية لكافة ما يعرض على تلك الفضائية اليمنية.
«وأكد با سليم ان الاخ وزير الاعلام قد وجه أيضاً بتشكيل لجنة متخصصة رفيعة المستوى لاستعراض بقية حلقات المسلسل والاطلاع على مضامينها ومدى صلاحيتها من حيث المضمون والأداء الفني».
علامات استفهام هنا: لماذا أمر الوزير بتشكيل لجنة رفيعة المستوى للاطلاع على ما تبقى من حلقات المسلسل؟ أين ذهبت اللجنة الأولى التي، بحسب ما نعرف، أنها قد تكونت وبقرار من الوزير ذاته في وقت سابق لرمضان وأقرت صلاحية الأعمال التي طرحتها على الخارطة البرامجية الرمضانية؟ كيف سقطت تلك الحلقة المغضوب عليها من قائمة ما تم إطلاعها عليه؟ هل ولأنها لم تكن «رفيعة المستوى» فلم تمتلك حق مشاهدة كل ما تم تقديمه لها لإقراره؟هل شاهدت حقاً؟ وهل كانت مالكة قرارها؟ عليه وبعد توجيه وزير الاعلام باعادة النظر في بث ما تبقى من حلقات «شاهد عيان» يمثل هذا التوجيه كسهم إدانة في صلاحية تلك اللجنة في أمر ما كان في يديها، وبالتالي إدانة الخارطة البرامجية الرمضانية برمتها، وإلا فما حاجتنا للجنة أخرى حتى وإن كانت «رفيعة المستوى»، وكيف سنكون على يقين من أن اللجنة «رفيعة المستوى» هذه لن تكون لاحقاً بحاجة الى لجنة «أرفع» في مستواها من اللجنة الـ«رفيعة المستوى»؟
 
(3)
«مشيراً (باسليم) الى أن الفضائية اليمنية ستبث اعتباراً من مساء اليوم حلقات المسلسل المحلي الجديد «حياتنا» وهو عمل توجيهي واجتماعي رائع وذلك بدلاً من «شاهد عيان»؟
علامات استفهام هنا: لو أن مسلسل «حياتنا» بحسب باسليم «رائع» فلماذا لم يتم عرضه بداية الشهر وطرحه على رأس القائمة؟ لقد أقرت اللجنة الفائتة أن مسلسل «شاهد عيان» رائع أيضاً وأقرته على الخارطة فلماذا لم يعد رائعاً بعد مشاهدة وزير الاعلام له؟ مالذي سيضمن لنا ان «حياتنا» وبعد عرضه انه لن يكون رائعاً كما حدث لسابقه؟.
علامات استفهام أخيرة: ماذا لو كان وزير الاعلام لم يشاهد تلك الحلقة من «شاهد عيان» وكتب أحدهم ناقداً إياها قائلاً بضحالة مضمونها وبرداءة مستواها الفني. هل كان لما حدث من إيقاف أن يحدث؟ هي علامة استفهام فقط ولا تنطر إجابة.
(4)
من حسنات هذه الواقعة أنها فتحت، ولو من حيث لا تدري، مناسبة للحديث عن أحوال وأهوال الدراما المحلية وما صارت اليه بعد أن أصبحت معروضة في الفضاء ولم تعد محصورة على جغرافية هذا البلد. وهو ما يتوجب على أهل القرار ملاحظته بعين مسؤولة، هذا إن كان بهم رغبة في تحقيق تقدم، وطموح لتغيير الأحوال.
فأولاً لا بد من فعل سؤال كبير، هل يمكن تصنيف هذه الدراما المحلية التي تقدمها الفضائية اليمنية ووضعها في خانة الدراما؟ هل تنتمي بأي حال من الأحوال لهذا العصر والوقت الذي نحن فيه الان؟ هل يمكن إيجاد فارق بين هذه الدراما المحلية وبين ما كان يقدم منها قبل عشرين سنة مثلاً؟ هل يمكن عمل مقارنة لإيجاد مستوى التطور فيها، مع الأخذ في الاعتبار ضخامة الدعم المادي المقدم الان لها عن ما كان يقدم سابقاً؟ هل يمكن تصنيف كل ذاك الصراخ والصوت العالي والتماسك بالأيدي حال الحوار على أنه دراما؟ ألم يحن الوقت لفعل دراما هادئة تأخذ من الواقع متكئاً لها ومن الحوار العاقل البسيط وسيلة وصول؟ ألم يحن الوقت للكف عن التهريج واعتباره كوميديا؟ ألم يحن الوقت للكف عن استخدام أصحاب العاهات كوسيلة إضحاك والقول بأن هذا من الكوميدياوينتمي إليها؟ ألم يحن الوقت اعتبار أن هذا الفعل الحاصل يمثل عيباً أخلاقياً ومداناً في العالم كله، أقصد السخرية واللعب على أصحاب العاهات؟ الكوميديا لا تعني أبداً السخرية من إخواننا أصحاب العاهات واستخدامهم وسيلة اضحاك.
ألم يحن الوقت لنعرف مقدار التشابه الحاصل ومن زمان في تكوين هذه الدراما المحلية بحيث صار أمر التفريق بينها صعباً؟ وعلى هذا مثال: في اليوم الثالث من هذا الشهر تم عرض الحلقة الرابعة من مسلسل «شر البلية» على أنها الحلقة الثالثة ومر وقت غير قصير على ذلك العرض حتى تم الانتباه لهذا الخطأ، وقد يحدث هذا في أكبرها محطة تليفزيونية. لكن اللافت أن أحداً من الجالسين معي أمام التيلفزيون، وكانوا كثراً، لم يلاحظ ذاك الخطأ. ألهذا القدر صار التشابه بين حلقات المسلسل كبيراً حتى يكون أمر التفريق بين حلقة عُرضت وأخرى لم تعرض بعد صعباً؟ سؤال آخر يمكن إضافته لما جاء عاليه من أسئلة.
(5)
يا جماعة الخير: التطور أمر حتمي ينتمي لأصل الحياة. الوقوف حالة معادية لها وهي المجبولة على الحركة فكيف الحال لو كان الحاصل فيها تأخراً وهرولة الى الخلف!
هل يعقل وبعد كل هذه السنين التي مرت على جهاز التيلفزيون اليمني أن نراه عاجزاً عن السير ولو من بعيد على هامش ما يحصل في تيلفزيونات دول الجوار؟ هل يعقل أن نراه عاجزاً عن مسايرة ما يجري في عصره وزمانه؟ ما كل هذا العداء لمبدأ التراكمية وعامل الخبرة؟ أين يذهب كل ذاك الجهد المبذول ومن زمان في داخل هذا الكيان الاعلامي الهام والمؤثر؟ مالذي يقف وراء عجز ترسه عن الدوران والتقدم الى الامام؟ هل يمكن تصديق حقيقة أن هذه الفضائية اليمنية وكلما وقعت ، مأمورة، في واجب التصدي لأفكار «الحوثية» قيامها ومهرولة الاستعانة بعرض مسلسل «الفجر» الذي أكل الدهر منه ما أكل وشرب منه ما شرب؟ ألهذا القدر يبدو عجزها عن مسايرة أدوات العصر والتحدث بلغته كبيراً وفاضحاً الى هكذا حد؟ ويكفي، لقياس حجم العجز هذا، النظر الى تيلفزيونات المملكة السعودية، مثلاً، والmbc منها على وجه الخصوص. فهذه المحطة الفضائية التجارية الممولة بأموال سعودية رسمية حاكمة تسير بخطوات واثقة من عام الى عام ومن تطور لغيره. ففي الوقت الذي سكن فيه «شر البلية» اليمني في خانته الثالثة وافتضحت ضحالته وصار تهريجه بادياً لكل عين. في ذات الوقت الذي أصبحت فيه كوميديا «طاش ما طاش» في الخانة الخامسة عشرة وبنجاح متواصل مرتفع من عام الى آخر بكوميديا خالية من السفه والتهريج والسطحية. كوميديا لم تكتفي بالاضحاك بل راحت واصلة حدود النقد، والنقد الحاد منه، نقد كل شيء حاضر في صميم وكيان الحياة السعودية اجتماعياً وسياسياً ودينياً. وهي تتجاوز نفسها وحواجزها من عام الى عام مقتحمة في كل مرة خطاً أحمر جديداً. المتابع لحلقات«طاش ما طاش» يدرك هذا جيداً.
وقد كان لافتاً اقتحامها هذا العام، وبعد أن نجحت في كسر حاجز خوف المجتمع السعودي من جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أقدمت دراما «طاش ما طاش» هذا العام على فتح ملفات الديمقراطية وحرية الصحافة وحق المواطن السعودي في انتخاب مجلس الشورى بدلاً عن ذاك المُعيِّن من طرف الملك. إضافة لملفات حق المرأة في تقرير مصيرها وحالها وأحوالها. كل هذا والدراما اليمنية ما تزال غارقة في أمور «الدحبشة» وكوميديا الصوت العالي والتهريج والسفه.
(6)
ياجماعة الخير والبر والتقوى ، يا أيها العاملون على أمر التيليفزيون اليمني، لا تكفي ابداً مسألة تحول بثنا من أرضي الى فضائي حتى نعتقد أننا صرنا نمتلك تليفزيوناً مُشاهداً ومُحترماً. لا يكفي ان نمتلك فضائية تلو أخرى ونعلن ابتهاجنا بتوقيع اتفاقيات إيجار لمحطات إضافية حتى نقول أن ما لدينا من برامج ومواد تيليفزيونية صالح للاستهلاك الآدمي.
لا يكفي هذا حتى نعلن أننا صرنا في العصر ومنه ونتحدث بلغته. لابد من وقفة جادة ومسؤولة وإعادة النظر في كل هذا الحاصل على الشاشة والذي يقول بأحوالنا. يمكننا وبقليل جهد التحايل على أمر الواقع واظهار البلد بحلة أفضل مما هي عليه، فعلياً. للتيليفزيون، احياناً أو دائماً، مهمة تجميل الواقع.
ما يهم، الآن، هو أن يتم عمل أي شيء إيجابي له أن يقيم للمعادلة ولو بعضاً من توازنها.
له، ولو مجازاً، احترام مفردتي «يمن جديد». أقول مجازاً.
 
 
 
إعلام يقيم في عصر افتراضي
 
ومن ذات الاعلام الرسمي دليل آخر على حقيقة إقامته خارج الوقت والعصر والزمن.. الخ. إعلام رسمي دعمه مأخوذ من أموالنا المستقطعة لكنه لا يقول بحالنا وبأحوالنا الان. مانعيشه ويشير الى نقطة الزهق والقرف. إعلام رسمي يجد ملاذاً آمناً في هروبه من المسكوت عنه الى الكلام السهل والذي لا يجلب عاقبة ولا يسبب مشكلة. انشر هنا، كمثال، مقتطفات من «فتاوى» منشورة على الصفحة الأخيرة من الملحق الرمضاني لصحيفة «الثورة» الرسمية يوم 8 رمضان.
«هل على المرأة التي تؤخر قضاء الصيام الى ما بعد رمضان الثاني القضاء أم الفدية؟... ما كفارة من أفطر في رمضان بدون عذر؟... ما كفارة من يجامع زوجته في نهار رمضان؟.. هل على المرأة التي جامعها زوجها في نهار رمضان كفارة؟... ما حكم صيام المرأة التي جامعها زوجها وهي مكرهة؟.. اذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان في اليوم اكثر من مرة فهل عليه كفارة واحدة أم عدة كفارات بعد ما جامع زوجته؟ اذا جامع الرجل زوجته اكثر من يوم في نهار رمضان فماذا عليه؟..
كل هذا في «فتاوى» واحدة وفي عدد واحد. كل هذه الفتاوى والاستفسارات جاءت دفعة واحدة وفي يوم رمضاني واحد. ماذا أبقت لباقي أيام الشهر؟ لا أقوم هنا بتسفيه هذه الفتاوى أو التقليل من شأن قيمتها الدينية. لكن ومنذ متى ونحن قاعدين في هذا المربع وفي ذات الاسئلة المستفسرة والباحثة عن نجاتها من النار؟ أين إشكالياتنا الحاضرة المعاصرة والتي تقول بما نحن فيه. تبدو فتاوى الجماع اكثر أمناً من أمر الخوض في فتاوى أسئلة تأتي على شاكلة: ما حكم الشرع في سرقة مواطن جائع فقير معدم صائم لما يفطر عليه؟ ماحكم الشرع في موظف اختلس من عهدته ما يقيم به احتياجات اسرته الرمضانية؟ ما حكم من سرق مضطراً لتأمين الفارق في سعر كيس القمح المتصاعدة قيمته باستمرار؟ ما حكم أرملة باعت جسدها في نهار رمضان أوليله، لافرق، كيما توفر احتياجات أطفالها الرمضانية من مأكل ومشرب وإيجار بيت؟ ما حكم الشرع في ذات الأرملة وقد باعت جسدها ثانية لتوفير احتياجات عيد الفطر السعيد المبارك؟ هل يلزمها حد شرعي واحد أم حدين؟ ما حكم الشرع في رب إسرة أخرج أطفاله من المدارس دافعاً إياهم الى ما بعد نقطة حرض الحدودية كيما يذهبوا في رحلة تسول رمضانية مباركة في أراضي المملكة السعودية؟ هل يعتبر خائناً للامانة التي سلمها إياه خالقه وخالقهم أم تراه واقعاً في خانة المضطر؟
ما نريده فعلاً هو هذه الاسئلة وغيرها والتي تقول بما نحن فيه، التي تقول بما صار عليه أمرنا وحالنا. هي هذه الاسئلة التي نبحث عن إجابات لها حتى تأتينا شافية لما يدور في صدورنا من هم وغم وبلاء. أما تلك السالف ذكرها فلم يعد مكانها الان، أمور النكاح والجماع والافطار واحكامها نعلمها جيداً لفرط ما مررنا عليها وتكررت علينا.
 ج. ج
jimy

إقرأ أيضاً