عن معرض آمنة النصيري الحادي عشر: العين إذ ترى.. وتبتهج - جمال جبران
* هو اللون يرقص في غرفة متر × متر.
يتجاوز هذا الطقس والغيوم واصلاً حد تشكيل لوحات أنيقة ترتدي فستان سهرة أو ربطة عنق منتشية بفرح صباحي هب آن افتتاح. لكأنها هنا لوحات فاتنة وترقب أعيناً فاتنة مثلها. لوحات تأتي على موسيقى الحياة غالباً، وموسيقى الذاتي والخاص قبل ذلك.
* كلاكيت عاشر مرة.. كلاكيت مرة أخرى أيضاً.
كلاكيت إحدى عشرة مرة هنا وفي المجموع.
في محصلة ما أنجزته آمنة النصيري في جديدها الجاد والباهر والنائم مستريحاً في خانة من تقدم خطوة أخرى على ذاته.
من خاض سباقه الخاص راغباً ان لا يكون ما كانه في المرة الماضية، ما كانه بالأمس، في اليوم الذي ذهب لحال سبيله.
كلاكيت عاشر مرة..
كلاكيت مرة أخرى أيضاً..
كلاكيت إحدى عشرة مرة هنا وفي المجموع.
* وعليه نشاهد ريشة تلعب بطفولة لافتة ولامعة. طفولة واقعة تحت سطوة ما يفعله الحنين في النظرة المتلهفة المشتاقة، ما يفعله اللون على مساحة بيضاء.
ريشة تلعب لكن بالقدر الذي يحيل اللعب كوناً وفسحة وأملاً. هي ريشة تلعب في مخبر الذاكرة وما يعتمل بداخلها وبطيئاً يتفاعل. هذا على الرغم من مظاهر تلك الطفولة البادية عليه. الطفولة في ثياب العيد وتمنح البهجة. الطفولة التي ما نزال فيها على الرغم من العمر الذي مضى أو يكاد.
* هي ريشة تضرب على اللوحة أو تسير، وفي الحالتين كأنها ستقول شيئاً. كأنها في الكلام أو على طرف حرفه الافتتاحي الأول، الكلام الذي سيقول كثيراً ولكنه لا يفعل. الكلام الذي «فيه من الصمت الأبيض ومن الجملة المعلقة التي تجعل الكلام ثميناً» بحسب عناية جابر. وربما هو الكلام الذي يأتي على هيئة إشارات ورموز وحرف وطيور وقطط ترضع.. وكل هذا في بياض التصوف يكون ويبتهج.. تُراها «ترثي للذي قلبه معلق في مخلبي طائر مُدَّله حيران مستوحش، يهرب من فقد إلى آخر».
* لكأنه أيضاً وعلى ذات السياق لعب على وتري حضور وغياب. على جغرافية الأشياء والكائنات التي راحت ونكاد أن نشعر أنها لم تفعل. الألم الذي لفرط كثافته يكاد أن يروح في الرقص، وفي القول على كل طبقات البصري والوجداني والحسي.. القول الموحي هنا غير المفصح لكنه في ذات الوقت يقول بكل شيء وبغير ما نبرة عالية بالشكوى.
* ولكن أين الـ«كمنجات».. عنوانها الكبير؟! هل نفتش هنا بعينين مفتوحتين على آخرهما راغبين علَّة هنا أو نقصاً هناك؟
الكمنجات لا تكون واضحة إلا في غيابها.
هذه إجابة.. ربما
هذا ما تصبو إليه العين وتفكر فيه..
العين تفكر..
العين ترى وتبتهج..
* لا قراءة واحدة مستبدة هنا. لا أفعل هذا.
اللوحة بما هي ديمقراطية..
بما فيها من احتمالات كثيرة ومتعددة وربما متناقضة تؤكد هذا. لو كان سواه لكان الأمر تسلطاً خائباً واستعباطاً، تعدياً على حقيقة أنه «لا يزال في إمكان الفن أن يهدئ من روع الناس، وبالأخص أولئك الذين يتساءلون: أين الجمال؟ بحسب فاروق يوسف.
* الكمنجات لا تكون و اضحة إلا في غيابها.
هذا ما تصبو إليه العين وتفكر فيه.
العين تفكر هنا يا آمنة..
العين ترى وتبتهج..
عن معرض آمنة النصيري الحادي عشر: العين إذ ترى.. وتبتهج
2007-01-24