في معنى أن تكون مناطقياً - جمال جبران
- ولماذا قالوا: كَلَم للجُرْح وكلم للكلام؟
- ذلك أنه سبب لكل شر وشدّة في أكثر الأمر.
- إبن جني - «الخصائص»
(1)
المفردة أداة وصال حال اجتماعها لصق أخرى. ومنفردة هي سلاح في يد وهذا حين تكبيلها بنوايا سوداء، يكفي إطلاقها ليشتعل هواء وتقوم حرب، ولو على جغرافيا كلام وفي ساحتها. وهي كذلك حال ليَّ عنقها والزج بها خارج سياقها أو على النقيض مما هو حاصل فعلاً.
المفردة هنا بنت لعوب لا تعترض ولا تبدي ممانعة، يمكن الرواح بها والمجيء ولا تقول شيئاً. يمكن تغييبها عن البيت ولا تكترث. المفردة، اشعال حرائق كما واخراج قطار الكلام عن سِكتَّه. المفردة حائط صد ودرع وقاية.
المفردة وقت مستقطع، تجاوزاً، في مباراة انتهى ورسمياً وقتها الأصلي.
المفردة مناورة خارج الوقت وخلف الحيطان ومحيطها المظلم. المفردة هنا ماء مغلى ملقي في الوجه أو أسيد، لا فرق، بحسب إمكانية توافر احدهما فإذا قام الأول بالواجب سقط عن الآخر والعكس. المفردة، حين الخروج بها عن سياقها، بندقية طائشة في لسان وتأخذ كل شيء على عواهنه، بلا عقل ويلزم الحجر عليها. المفردة لعب تحت الطاولة وفي العتمة، بما يمكن إعادة تصنيعها لغير ما خُلقت له وكان لها أن تكون.
المفردة، هنا، شاحنة نقل بضائع ومعدات ثقيلة بلا مكابح وتسير بشفة مفتوحة على ابتسامتها، إلى هاويتها. المفردة مستودع ذخيرة مكشوف وتحت يد الريح. المفردة مصنع اختراع لأزمات يؤتى بها وتُستجلب من الهواء ومن اللا شيء، وعليه تبدو مفضوحة لفرط ما تبدو مُنهكة مهترئة ومكذوب عليها. ولكل هذا يبدو استخدام المفردة خارج سياقها حُجة من لا يمتلك حُجة، تبدو جدار وقاية لمن يود قفزاً على أمر واقع كما هو عليه وبلا أية رتوش. يبدو استخدام المفردة سلاحاً في معركة كلامية، من يستخدمها هو المحارب الوحيد فيها، من يعيش في غبارها، وقودها والمتكسب منها.
(2)
والحديث هنا، مثالاً، عن مفردة «مناطقية» التي راجت مؤخراً وراحت تنمو آخذة مجالها الحيوي خارج سياقها وجغرافيتها. مفردة «مناطقية» التي خرجت إلينا من مصنع صحيفة «الأيام» الأهلية وانطلقت صوب الصحفي مروان دماج رئيس لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحافيين اليمنيين ومدير تحرير صحيفة «الثوري». مفردة «مناطقية» التي خرجت من غبار المخزن الاستراتيجي والاحتياطي الدفاعي التابع لصحيفة «الأيام» الأهلية وصاحبيها لتستخدم هذه المرة في غير محلها تماماً وظهر هذا في خروجها بلا عقل وفاقدة منطقيتها . لكن وكأنه يكفي تلك المفردة المفخخة خروجها من مستودع «الأيام» الاستراتيجي الدفاعي حتى تمتلك مصداقية وشرعية سياقها، امتلاكها لختم الضمان الاخلاقي وجودته. كأنه يكفي أن تمتلك اسباب نزولها إلى السوق رائجة بين يدي مستهلك راغب فيها. كأنه يكفي «مناطقية» ان تخرج من «أكاديمية الأيام» حتى تكون عفيفة وزاهدة في عرض الدينا ومتاعها. كأنه يكفي أن تكون باشراحيلية ومختومة بختمها حتى نتناولها على عواهنها دونما تمحيص ودونما وضعها في السؤال ومختبره. كأنه يكفي أن تقول «الله أكبر» كيما نقول «حيا على الصلاة».
كأنه يكفي أن تنادي «وامعتصماه» حتى تهب أمة محمد كيما تعد العدة وكذا رباط الخيل أو ما استطاعت اليه سبيلا. كأنه يكفي أن تخرج مفردة «مناطقية» من حقل «الأيام» مشيرة باتجاه شخص ما حتى نقول أنه الحق ولا شيء غيره. كأنه يكفي أن يقول هشام باشراحيل على ذات الشخص أنه مناطقي حتى تهب الاقلام من كل حدب وصوب وتنهض من رقادها ملبية ومؤيدة ومساندة دونما تمحيص أو تدقيق. واضعة عقلها في ثلاجة. كأنه يكفي باشراحيل ان ينادي «وين الملايين» ليجد وفي الحال جنوداً مجندين، من يلبي النداء مسانداً صاحب العصمة.
لا انتباه هنا من جانبهم انهم يخوضون في لعبة مكرورة سمجة غدت ومن زمان بلا طعم وبلا رائحة لفرط ما راحت في التفسخ والتحلل. لعبة العزف على مفردتي «شمالي وجنوبي» بما يقول ويدلل على «أنهم يتكالبون علينا» والدليل أن مروان دماج شمالي وعبدالهادي ناجي كذلك ونحن جنوبيون قُصّر.
هيا لعبة عمياء هنا، حفلة زار مجنونة ومسخرة لايمكن لها أن تستقيم في ميزان العقل. وأن نعود فقط لسياق ما كان، هو وحده من يوضح ويبين حقيقة كل هذا الحاصل، الباعث على الأسى والأسف والحزن في آن واحد!!
(3)
كانت البداية عبر موقع «ناس برس» الاخباري الذي نشر يوم 16 من الجاري تقريراً حول الحكم القضائي الابتدائي الذي صدر في حق الصحفي الزميل عبدالهادي ناجي مراسل صحيفة «الأيام» بمدينة تعز. وكان لزاماً على التقرير في سياق ما يتناوله والذي يقول أنه أقسى حكم قضائي صدر ضد صحفي: السجن سنتين وغرامة تجاوزت الستة ملايين، كان لزاماً عليه التواصل مع مروان دماج رئيس لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين التي ينتمي إليها الصحفي المحكوم عليه. اتصل موقع صحيفة «الناس» بالزميل دماج بحكم المنصب الذي يتقلده، بحكم وظيفته هذه والمهمة التي أختير للقيام بها.لم يُتصل به في إطار خطة محكمة ينسجها شماليون ضد جنوبيين لم يُتصل به انتصاراً ونجدة للشمالي المحكوم عليه بسنتين وستة ملايين. لم يُتصل به في سياق استراتيجية شمالية هدفها الاول النيل من صحيفة «الايام» العدنية وأصحابها العدنيين. أُتصل به فقط لأنه رئيس لجنة معنية ووظيفتها متابعة مثل هكذا قضايا والسعي لكشف ملابساتها لا أكثر ولا أقل. وللعلم ان هذه اللجنة التي يترأسها مروان دماج هي اكثر اللجان التابعة لنقابة الصحفيين التي يتهرب منها الزملاء الصحفيين وقد اعتذر أكثر من زميل عن ترأسها نظراً لحساسيتها بسبب طبيعتها المجابهة والمصادمة احياناً في حال حدوث انتهاكات بارزة لصحفي هنا أو هناك.
وفي ذلك التواصل الذي صار بين «ناس برس» ومروان دماج لم يقل الأخير بغير استنكاره للطريقة التي حوكم بها الزميل عبدالهادي ناجي في قضيته مع صحيفة «الأيام» معرباً عن اعتقاده ان المحكمة خضعت لضغوط مارستها «الأيام» من خلال ثقلها ونفوذها وحضورها القوي في عدن وبالتالي فقد صار لها ما يمكن أن تأثر به، بشكل او بآخر، على المؤسسات الحكومية والتي من ضمنه القضاء. وأكد دماج في هذا السياق أن القاضي ومعه النيابة ايضاً كانا تحت تأثير تلك السطوة. وقال مروان أنهم في النقابة تواصلوا مع «الأيام» إلا أن هذا التواصل تم تفسيره على أنه منطلق من اسباب مناطقية. وأشار في ذات التقرير التابع لـ«ناس برس» أن لغة المناطقية هي لغة تجيد «الأيام» استخدامها وتوظيفها لصالحها.
(4)
بالعودة هنا لما قاله مروان دماج لـ«ناس برس» نجد أنه «لم يغادر الموقف المفترض منه، والمطلوب بشدة، كمسؤول منتخب من زملائه لتمثيلهم والدفاع عن حقوقهم... خصوصاً أنه في هذه «المخاصمة»، توفرت معطيات متعددة وواضحة، تدل على وجود «تعسف» طال الحقوق الاساسية لعبدالهادي ناجي، وهي حقوق مُقرة له، بغض النظر عن كونه «سرق» أم لا، وفق ما تدعي عليه صحيفة الأيام» ويعود مابين المزدوجين السابقين هنا لماجد المذحجي من مقالة له في موقع «نيوز يمن» 23 من الجاري. وإلى جوار هذا لم يقم دماج بغير توصيف الحالة والمناخ الذي دارت فيه المحاكمة وكانت. لم يقم بغير الاشارة لما يعرفه عامة الناس في عدن ويدركونه من أن صحيفة «الأيام» صارت جزءاً من الحركة الدائرة هناك، جزءاً من الخريطة وعامل فاعل ومؤثر فيها، أو لنقل جزءاً من اللعبة على عموميتها، وفي كل المفاصل الحيوية والاستراتيجية في مدينة عدن. ولهذا تبعاته، لايمكن أن يكون مجانياً ولمجرد قتل أوقات الفراغ.
لكن وعلى كل، لا يمكننا هنا الحكم على أن ما قاله مروان أنه ينطلق من مناطقية ما أو يستند عليها. تحت أي منطق يمكننا تفسير ما قاله على أنه مناطقي؟ على أي حجة استند ناشر «الايام» حال رده على تواصل لجنة الحقوق والحريات بالنقابة قائلاً أن النقابة تستند في موقفها المعلن على أسباب مناطقية!! وفوق هذا وفي رده على سؤال لـ«الناس» حول قانونية نشر «الأيام» صوراً للزميل عبدالهادي وتناولها للتهمة الموجهة له والحكم الصادر بحقه، قال هشام باشراحيل رئيس تحرير الصحيفة الأهلية تماماً، رئيس التحرير «المدني والمتحضر» بحسب وصف أحمد عمر بن فريد له في عدد «الأيام» (4972) قال المدني والمتحضر إنها «صحيفتي وسأنشر فيها ما أشاء» وقال بحسب «ناس برس» أنه حر في صحيفته وفيما ينشر فيها، وأضاف أنهم لا ينتظرون من أحد أن يعلمهم القانون، أو «أن يعلمه الصحافة» في رواية أخرى مصححة قام بها نجيب يابلي في عدد «الأيام» (4971)، مستعيناً فيها ومدعوماً بـ«يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط» وبـ«إنا نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ومن شرور أنفسنا أن نجانب الصواب بالكذب..». وأقر أنا، جمال جبران، هنا وأقول أنها صحيفته وله حق التصرف فيها أو حتى حرقها، هذا حتى أقى نفسي من تهمة ما يمكن أن تلحق بي واصفة إياي بأني من بقايا قبائل فيد 94 وما بعده. نعم هي صحيفته، رئيس تحريرها وناشرها لكن ألم يكن يعلم أن الحكم الصادر على مراسله السابق بتعز هو ابتدائي قابل للنقض وبالتالي فإن ما فعله على صحيفته من تشهير وإساءة في حق عبدالهادي ناجي إنما يقع تحت طائلة المساءلة والملاحقة القضائية وهو الأمر الذي تطوع له المحامي علي المنصوب، بحسب موقع «الصحوة نت» أمس الأول، إذ اكد المنصوب على أنه بصدد «رفع دعوى قضائية ضد صحيفة الأيام لقيامها بحملة تشهير مركزه ضد الصحفي عبدالهادي ناجي علي واساءة السمعة، لان الحكم الذي صدر بحقه حكم ابتدائي وليس حكماً نهائياً باتاً، مؤكداً ان نشر الأيام يعد مخالفة لقانون الصحافة والمطبوعات». وعلى هذا عَّبر كاتب في «الأيام» عن عدم قبوله هذا التصرف غير المستحسن بحسب أحمد عمر بن فريد في عدد (4972) إلا أنه استدرك هذا بقوله «وكنت على يقين تام بأن ما دفع أهل «الأيام» لنشر تلك التفاصيل لابد وأن يكون سبباً قوياً ومقنعاً». وهو ماتوصل إليه سماعياً من كون النشر نابع «لغرض كشف الحقيقة كما هي لا كما يريدها البعض أن تظهر» بحسب كتابته التي قالت في موضع متقدم ومستعرضة علاقته الشخصية القريبة جداً من مؤسسة «الأيام» وأهلها الكرام الذين فتحوا له ذاك المنبر الحر الذي يطل من خلاله بكتابته الاسبوعية حد وصفه.
(5)
وهكذا وعلى نفس المنوال دارت وما تزال سيل المقالات اليومية التي تطالعنا بها «الأيام» دفاعاً عن الحملة المقصودة والمتعمدة والمغرضة من جانب مروان دماج، كل ذلك السيل المقالاتي شبه المنظم للرد على حملة تستهدف «الأيام» ومنبرها الحر من قبل رجل واحد ووحيد. كل هذا ولا شيء من كل ذلك الحبر المسال على صفحات «الأيام» قام بفعل إشارة بسيطة لجملة حقائق قال بها مروان دماج في تصريحه لـ«ناس برس». كلها توقفت عند صافرة البداية التي أطلقها هشام باشراحيل قائلاً بالمناطقية، كلهم توقفوا عندها وناموا عليها. لم يقولوا ان دماج لم يدع براءة الزميل عبدالهادي وانما طالب باجراء محاكمة عادلة له لا غير. محاكمة يتوافر فيها على الأقل الحد الأدنى من المنطق والمعقولية.
لم يقولوا شيئاً عن ما يخص تجاوز المحاكمة شرط الاختصاص المكاني. لم يقولوا شيئاً عن نقلها من تعز حيث يعمل عبدالهادي ويسكن إلى عدن وإلى محكمة صيرة الابتدائية تحديداً. لم يقولوا شيئاً عن سر تمسك القاضي جمال محمد عمر بهذه القضية على الرغم مما تعارف عليه في العرف القضائي بضرورة قيام أي قاض بتقديم طلب تنحيه عن مسك أي قضية إذا ما وجد لنفسه فيها شبهة قرابة أو صداقة مع طرف من طرفيها.
ولا مجال هنا للحديث عن متانة العلاقة التي تربط القاضي عمر بالأيام وبمنتداها. يكفي فقط إدخال اسم جمال محمد عمر إلى خانة البحث في موقع صحيفة «الأيام» كي يظهر لنا مجموع ثلاث صفحات كاملة تقول بتناول «الأيام» لحركات وسكنات القاضي عمر، قام القاضي وجلس القاضي، خرج القاضي، مرض القاضي وقال القاضي عمر... الخ.
وعلى الرغم من كل هذا تمسك بالقضية قاصماً ظهرها في محيط تسعة ايام لا غير، تسعة ايام في بلد يسير فيه القضاء كالسلحفاة في قضايا جنائية فكيف الحال بقضايا تجارية تأخذ بطبيعتها وقتاً يطول ويطول. لكن يبدو أن فضيلته كان مستعجلاً جداً في حكمه لدرجة أنه أمر بفحص بمستدات القضية المالية بعد ان اصدر حكمه، تسعة أيام فقط لم يكن في صدر فضيلته متسع لاستجلاب محام للمدعى عليه، لتخرج في النهاية علينا قضية يحاكم فيها طرف دونما وجود لمحام يقول عنه ويدافع. تسعة أيام فقط وكأنها محاكمة تنظر في قضية أمن دولة يتوقف أمر العباد على سرعة البت فيها بما يعمل على تجنيبهم ويلات ما سوف يقع ويحيق في حال تأخر البت فيها.
(6)
كل ما سبق لم يحضر في بال من تقدم متبرعاً بالكتابة مدافعاً عن منبر «الأيام» وبنصف عين، غاضاً عن كل ذلك الانتهاك والسلخ الذي حدث وتقول به محاكمة عبدالهادي ناجي، ولذلك بدت تلك مثل كتابة تسبح في هواء وتغني على ليلاها. كتابة بلا عقل وعطلانة عن التفكير، اكتفت باقامتها في جغرافيا المناطقي ومرادفاته وهوت كفأس ملبية نداء هشام باشراحيل الظاهر على خلفية «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى». كل ما سبق والمقالات المدافعة عن «الأيام» الذي يراد بها شراً وبأصحابها. «الأيام» التي يُعرِّفها علي سالم اليزيدي في عدد 25 الجاري أنها «صحيفة عدنية نقية». كل هذا وما تزال كتابات تتواصل مدافعة عنها ومنددة بحملة موجهة ضدها ويقودها رجل وحيد. وهي نفسها «الأيام» التي تقف منفردة ضد المد المناطقي وسطوته وتطلعاته. ذاتها من قام «بامداد الوطن وملايين الناس كمية هائلة من المقالات والمعلومات وماوفرته من الحوار والنقاش» بحسب علي هيثم الغريب في عدد «الأيام» (4975). وعليه فلا بد من الدفاع عنها والوقوف ضد من تسول له نفسه النيل من مكتسباتها وثوابتها. ولذلك لا تستغرب كمية وحجم ردود الافعال التضامنية التي ما تزال تتوالى على الصحيفة والتي بدورها لا تتأخر عن نشرها وتقديمها على صورة مانشيتات يومية تقول ان «الايام» ما تزال تستقبل ردود الافعال التضامنية معها ضد حملة مروان دماج المناطقية الممقوتة ضدها.
(7)
أشعر حقيقة بأسى بالغ وعميق وأنا أجد نفسي هنا مرغماً الخوض في هذا الغبار والزفت الذي صار متطايراً وواصلاً إلى كل عين تنظر. هذا التلوث الحاصل جراء إعلاء راية مفردات عمياء ترقص في جنونها وراكنة عقلها وبصيرتها.
أشعر بالحزن وأنا أجد نفسي داخلاً في جدل حول مفردة يفترض أنها سكنت الارشيف والتاريخ ولا تخرج منه إلينا بأي حال من الأحوال.. الدخول في هذا الوقت والعصر الذي يفترض أنه صار متقدماً ولا مساحة ضئيلة فيه كيما يتسرب الى محيطها مثل هكذا جدل، جدل لا يقود، في كل الأحوال سوى إلى جنون.
أشعر بالذعر حقاً من أمر أننا ما نزال نسكن هذه الدائرة ونعيد عليها كلامنا الذي قلناه قديماً ومن زمان، الذعر من هذا الكلام المستحدث والمعاد انتاجه، المصاب بتلوثه وبعتة في دماغه. الذعر من عودة البحث في أصل الجينات المكونة لكل واحد منا ولأي جغرافية يعود فصله، كما والأرض التي كانت عليها خطوته الأولى.
هي الحياة بلا بوصلة هنا وبمعنى آخر، العودة للجاهلية الأولى.
مذعور أنا من كل ذلك الكلام الراغب والمتلذذ في اجترار نفسه، نومه في العطالة ومافي هذا من تسكين للذهن في الارشيف وسجلاته كما والحياة خارج المكان والزمن. مذعور ومنتبه لكل ذاك الكلام الطائش الذي ينزل كمقصلة علينا.. ولا يميز.
jimy
في معنى أن تكون مناطقياً
2006-12-28