يتنقل المواطن عمار عبدالله العدني بين أسواق المواشي في مدينة عدن؛ باحثًا عن أضحيةٍ تتناسب وما يمتلكه من مبلغٍ مالي ليشتريها؛ بعد أن جمع مرتبه الشهري ومرتب زوجته لتحقيق هذه الغاية.
ضاقت السُبُل بعمار العدني، بعد أن وصلت أسعار المواشي في أسواق عدن إلى مستوياتٍ قياسية غير مسبوقة، ولأول مرةٍ في المدينة يبلغ سعر الخروف 400 ألف ريال يمني (بالعملة المتداولة في عدن)، بينما تراوحت أسعار العجول والثيران ما بين مليون ومليوني ريال.
لم يستطع العدني -وهو تربويٌ يعمل وزوجته في نفس المدرسة بعدن- شراء خروف ليُدخل الفرحةَ على عائلته، وقال لـ"النداء": "جمعتُ مرتبي ومرتب زوجتي لعلمنا أن الأسعار ستكون مرتفعة، لكن 180 ألف ريال لم تستطع توفير أضحية".
يتفاوت متوسط مرتبات الموظفين الحكوميين في عدن ومحدودي الدخل، ما بين 70 - 80 ألف ريال، فيما لا يتجاوز مرتب المتقاعدين 35 ألف ريال، وهو ما يحول دون توفير متطلبات العيد من ملابس وأضاحي بالنسبة للسواد الأعظم من مواطني المدينة.
يواصل عمار: "سأضطرُ للذهاب إلى أسواق المواشي في محافظة أبين؛ لأننا سمعنا أن الأسعار هناك أقل من عدن بكثير، ولعلنا نجد ضالتنا ونستطيع إفراح أطفالنا وأسرنا".
مشيرًا إلى أن عائلته وأطفاله سيرتدون ملابس عيد الفطر الماضي، بعد أن أرغمناهم أنا وزوجتي على الاحتفاظ بها لارتدائها في عيد الأضحى؛ لأننا بكل صراحة لا نستطيع شراء الأضاحي والملابس في نفس الوقت".. وواصل: "هكذا قسّمنا الأعياد، عيد للملابس، وعيد للأضحية، رغم أن الأضحية ما زالت غائبة، لكن عسى أن نجدها في أبين بسعرٍ مناسب".

عمار نموذج من مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين، المواطنين في مدينة عدن، الذين يكتوون بشظف العيش في ظل أوضاعٍ معيشية متدهورة، وتأخرٍ في صرف المرتبات، وحتى وإن صُرفت، فإنها لا تفي باحتياجات العيد من ملابس وأضاحي.
بل باتت أسواق مدينة عدن طاردةً لأبنائها، الذين باتوا يضطرون للذهاب إلى الأسواق المجاورة لشراء حاجيات العيد ومستلزماته، تمامًا كما فعل عمار العدني وغيره، باحثًا عن اضحية العيد.
عبدالله حسن، أحد مواطني مدينة عدن، يقوم كل عام بالذهاب إلى أبين وأسواق المواشي هناك لشراء أضحية العيد؛ نظرًا لأسعارها التي تكون غالبًا في متناول محدودي الدخل، بحسب حديثه مع "النداء".
ويضيف حسن: "في أبين تجد المواشي تأتي إلى سوق واحد من جميع القرى، وهي مواشي يتم ترتبيتها إما في المنازل أو في المزارع والحقول، وأكثرها تتغذى على مراعي طبيعية، ولهذا فحتى طعم لحمها يكون مختلفًا عما تجده من أضاحي ومواشي في عدن، التي غالبًا ما تكون مستوردة من الخارج".
ويزيد: "للأسف نقولها، المعيشة في عدن أصبحت مرتفعةً وباهظة، فالغلاء غير منطقي، ولا يتناسب مع المستوى الاجتماعي والدخل الشهري لغالبية سكانها؛ يحدث هذا دون أي تدخل رسمي أو حكومي".
ويعزو خبراء اقتصاديون ارتفاع أسعار المواشي في مدينة عدن إلى عديد عوامل، من بينها ارتفاع تكلفة الأعلاف وقلة المعروض؛ نتيجة الحرب وتأثيرات الظروف الاقتصادية والمضاربة في السوق، مؤكدين أن الأسعار تخضع لآلية العرض والطلب دون تدخلٍ مباشر من قبل التجار.
بالإضافة إلى انهيار سعر صرف العملة المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أمام العملات الأجنبية، وغياب التدخلات والمعالجات الحكومية لكبح جماح هذا الانهيار والتدهور، وانعكاساته على كافة جوانب الحياة المعيشية.