سجلت السلطات الصحية في مدينة عدن خلال شهر مايو الجاري عشرات الوفيات بالحميات المنتشرة في المدينة، بالإضافة إلى مئات الإصابات المؤكدة بالملاريا، الكوليرا، وحمى الضنك.
ورغم وجود تعتيم إعلامي واضح حول حقيقة الوضع الصحي، وكل ما يتعلق بالإحصائيات الرسمية عن الوفيات والمصابين بشكل دقيق، إلا أن مكتب الصحة في المدينة كشف عن أرقام مهولة، تنذر بكارثة.
انسحاب المنظمات
الأسبوع الماضي، قال مدير مكتب الصحة العامة والسكان في عدن، الدكتور أحمد البيشي، "إن مستشفيات المدينة سجلت خلال الشهر الجاري 40 حالة إصابة يوميًا بكافة أشكال وأنواع الحميات بالمدينة".

ووصف الدكتور البيشي، في مناشدة رفعها إلى محافظ عدن، الوضع الوبائي للكوليرا في عدن بأنه "سيء وكارثي"، مُرجعًا أسباب ذلك؛ إلى "انسحاب المنظمات الداعمة لمركز عزل الكوليرا والحميات بمستشفى الصداقة، والذي أدى إلى تفاقم الوضع الصحي الحالي".
وأشار المسؤول الصحي إلى أنه ومنذ انسحاب منظمة الهجرة الدولية ما زال طاقم العمل في مركز العزل بمستشفى الصداقة يعمل بشكل طوعي، ولكن بالحد الأدنى لمدة قاربت ثلاثة أشهر.
وأوضح البيشي أن "ارتفاع الحالات المصابة بالحميات إلى أرقام مرتفعة استدعى تدخلًا من منظمة الصحة العالمية المدعومة من مركز الملك سلمان؛ وأدى هذا التدخل إلى دعم الطاقم الصحي بمركز عزل الكوليرا، ولكن الدعم كان محدودًا جدًا".
لافتًا إلى أن الدعم اقتصر على توفير ثلاثة أطباء، وتسعة ممرضين، وهو عدد ضئيل مقارنةً بكثافة الحالات المصابة، حيث لا يستطيع هذا الطاقم أن يؤدي عمله بكل فعالية؛ بسبب كثرة الحالات.
إحصائيات مرعبة
وبيّن مدير مكتب الصحة بعدن أن الإصابات وصلت إلى 40 حالة في اليوم الواحد، وتتم معالجتها تحت إشراف طبيب واحد وثلاثة ممرضين خلال النوبة الواحدة؛ ما تسبب بتدهور وضع الحالات المُرقّدة، وعدم التمكن من متابعتها أولًا بأول، فمريض الكوليرا بحاجةٍ لمتابعة مستمرة من قبل الطاقم الطبي.
وكشف الدكتور البيشي تسجيل ثلاث وفيات في يومين فقط، خلال شهر مايو الجاري؛ وزاد: "بسبب هذا الوضع؛ كثير من الحالات دخلت في مضاعفات منها الفشل الكلوي، والوضع مرشح للتفاقم أكثر إذا لم يتم التدخل وتلافي الكارثة".
واعتبر البيشي مركز العزل بمستشفى الصداقة مركزًا مرجعيًا، ليس فقط لمحافظة عدن، بل أيضًا للحالات الوافدة من المحافظات المجاورة، داعيًا في مناشدته إلى سرعة وضع المعالجات قبل وقوع الكارثة، راجيًا أن يتم دعم مركز الكوليرا بالطاقم الطبي الكافي والأدوية والمستلزمات الطبية بشكل عاجل.
أمراض مستوطنة
في أواخر شهر أبريل الماضي، اعتبر مدير الترصد الوبائي بمكتب الصحة العامة والسكان بعدن، الدكتور مجدي سيف الداعري، أن انتشار الحميات (الملاريا، حمى الضنك، الكوليرا، والحميات النزفية) في المدينة "صار واقعًا'، وباتت هذه الحميات من "الأمراض المستوطنة في عدن".
وتابع الداعري في توضيح نشرته صفحة مكتب الصحة العامة بعدن على "الفيسبوك": "نوضح لكل ساكني مدينة عدن أن الحميات منتشرة منذ عدة سنوات سابقة؛ كون هذه الأمراض من الأمراض المستوطنة في عدن، وتشهد زيادة موسمية في مثل هذا الوقت من كل عام".
وأضاف: "منذ بداية العام الحالي رصدنا العديد من الحالات، حيث وصلت عدد الحالات المشتبه بها بمرض الملاريا قرابة 50 ألف حالة مسجلة، بينما هناك ألف حالة مسجلة لحمى الضنك".
لكن الداعري عاد ليصرح لوسائل إعلام يمنية بأن عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالملاريا في عدن بلغت 150 ألف حالة، وليس 50 ألفًا كما ذكر في منشوره، بالإضافة إلى ألف حالة أخرى مصابة بحمى الضنك، المكرفس، والشيكونغونيا.
الداعري أبدى أسفه، لتسجيل 12 حالة وفاة، منها خمس حالات في مديرية البريقة، غربي اليمن، معتبرًا أن الوضع الوبائي مقلق؛ كون المحافظة قبلة للمواطنين اليمنيين من مختلف مناطق البلاد.
وأشار المسؤول الصحي إلى أن "هذا الوضع ناتج عن الكثافة السكانية العالية في مدين عدن، بالإضافة إلى النزوح والمخيمات والعشوائيات، وتردي الخدمات الأساسية؛ ما أدى إلى زيادة الحالات".