لم يكن الشاب بشير ردمان، يتوقع أن يصل به الوضع الاقتصادي في مدينة عدن، وباقي مناطق البلاد، إلى إغلاق حلم حياته، بعد أن أسس أكبر سلسلة مطاعم للوجبات السريعة.
مطاعم "هوت برجر" في عدن، المشروع الشبابي الطموح، أعلن عبر مديره ومؤسسه، إغلاق فروعه الستة المنتشرة بالمدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا؛ جراء عدم قدرته على مواجهة أعباء ارتفاع الأسعار وتدهور سعر الصرف.
وتجاوز سعر صرف الريال اليمني في عدن ومدن الحكومة، 1900 ريال أمام الدولار الأمريكي، بينما قارب تخوم الـ500 ريال يمني مقابل الريال السعودي؛ ما انعكس سلبًا على الوضع المعيشي في تلك المناطق.
قبل أيام، خرج بشير ردمان، في مقطع مرئي، يصف الوضع الاقتصادي بـ"الكارثي"، منتقدًا صمت الجهات المختصة على تردي سعر الصرف، وتأثيراته على المشاريع الناشئة، وقال إن "هذا الصمت غير طبيعي".
قال ردمان إنه اضطر لإغلاق سلسلة فروع المطعم بسبب ارتفاع سعر الصرف بشكل يومي، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الداخلة في عمل المطاعم إلى مستوى الضعف؛ نتيجة عدم وجود رقابة أو تفتيش أو مساءلة.
وأوضح أنه لم يجد بُدًا من إيقاف العمل في ستة فروع "هوت برجر" بعدن، بعد أن انعدمت الحلول الممكنة للاستمرار، وتسريح 60 عاملًا من المطاعم بعد توقف سلسلة الفروع عن العمل.
ولفت إلى جملة من الأسباب الأخرى التي أجبرته على إغلاق مشروعه، كارتفاع رسوم مزاولة المهنة، التي تصل إلى 600 ألف ريال على كل فرع شهريًا، بالإضافة إلى الضرائب والإيجارات المرتفعة، وتكاليف الكهرباء الباهظة، وكلها عوامل حالت دون استمرار أي نشاط تجاري أو خدمي في عدن.
ووصف ردمان ما يجري في عدن من تدهور لسعر الصرف، ورفع التجار للأسعار، وفرض الرسوم على المنشآت التجارية والمشاريع الناشئة، بأنها "حرب اقتصادية ومعنوية"؛ تسعى لـ"تطفيش" أصحاب المشاريع الطموحة، حد تعبيره.
وتابع: "صمت الجهات المسؤولة يشير إلى رضاها بما يجري من توقف وتهديد للمشاريع التجارية، ويأتي في إطار "محاربة الناس في لقمة العيش"، والتسبب في دفع الشباب للعمل بمجالات غير مرغوبة، أو للهجرة والرحيل عن البلاد".
وحذر ردمان من أن الشباب المُسرحين قد لا يجدون فرص عمل في ظل هذا الوضع، ما قد يجبرهم على الاتجاه نحو خيارات غير مرغوبة، محملًا مسؤوليتهم للسلطات المعنية.
وقال: "سعينا إلى فتح مصادر رزق لنا، ولتشغيل الشباب واستيعابهم ومحاربة البطالة، بدلًا من انحرافهم، لكن كل تلك المساعي قوبلت بالتضييق". متسائلًا: "من نناشد ونخاطب من، وسط صمت الجهات المعنية؟".. وختم: "مات الناس من الجوع.. دُمرت أحلامنا، بعد أن صارت حياتنا مليئة بالهموم، ولم تجد مشاريعنا أي دعم أو مساندة".
وبدأ بشير ردمان بتأسيس مشروع مطاعم "هوت برجر" للوجبات السريعة في عدن، عام 2015، برفقة شريكة حياته زوجته جنا بشير، وكانت بداية المشروع بتقديم خدماته عبر "فيسبوك".
وتطور المشروع ليفتتح منذ عام 2017 ستة فروع في أنحاء مدينة عدن، غير أن التردي الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة دفعه للإغلاق.
وخلال الأعوام الماضية، شهدت عدن إغلاقًا لعديد مطاعم شهيرة؛ لذات الأسباب، مثل مطعم الشرق الأوسط بمنطقة الهاشمي في مديرية الشيخ عثمان، ومطعم ردفان للمأكولات الشعبية في المنطقة نفسها.