من يرقص الرقصة الاخيرة يامساح؟
ليتني ما صحوت
ليت النوم أصر على دفن رأسي داخل المخدة اللعينة..
لكنني صحوت، ثمة نداء ألح المنادي علي لافتح عيني وكل حواسي
رسالة من محمد صادق..
من مصطفى راجح..
من انتصار السري..
وليد البكس، أطللت على صفحته، كان يبكي، ارتحت لتعليق يقول:
مش صحيح، عملت نفسي مرتاح.
مددت يدي للتلفون، اتصلت، لم يرد، معتاد على أنه يرد على اتصالي على الفور، نظرت الى الساعة، الوقت متأخر، حاولت أن أطمن نفسي:
اكيد سيتصل بك الصباح
اتصلت من جديد، تكرر الصمت البليد ورنين الهاتف يزعج الليل
لم أصبر، كتبت رسالة لزوجة نجله:
كيف عمك؟
لا جواب
فتشت بين الاسماء، رقم سهيل ها هو
اتصل..
يأتي الصوت مثقلا:
أيوه يا عم عبده
أمني نفسي بأن يقول:
أبي نام
لكنه رماها في وجهي:
أبي توفي
متى؟
قبل ثلاث ساعات
اختنقت
ردت البنت:
"مرض اليوم بعد المغرب شوية"
****
قبل يومين أمس الأول كان آخر اتصال:
أيوه، وقد رحت السوق واشتريت سكرودقيق وزيت وبقية الحاجات..
كل ثاني يوم لابد ان اتصل به.. لازم!
قبل أيام لا أدري لم شعرت بالحنين للذهاب للسؤال عن محمد وعبد الله لاهب، والى شارع الذهب، إلى الزقاق الذي يعرف أقدامنا، وقفت والباب مغلق، احدهم جلس هناك، سألته:
أين لاهب صاحب السلتة؟
مات
وعبد الله؟
مر طفل، ناداه، سأله، أكد:
وعمي عبد الله مات
يا حزني عليهما..
ارتحت الى الجدار
دار في ذهني الشريط:
هناك محمد على الرصة
وعبد الله بكوفيته يقف قريبًا منه ينزل الطلبات ويحاسب الزبائن..
السيكل النار كما كان يسميه يركنه الى الجدار
بائعات اللحوح على يمين ويسار الباب
ندلف الى الداخل، تكون جيوبنا وأنا سعيد انعم أطيب الطيبين تسكنها الريح..
نكمل.. السلتة، يقوم المساح:
يا لاهب
أيوه، يرد محمد لاهب والابتسامة تملأ وجهه:
ما تشتي يا مساح؟
كم حسابك يا اخي؟
رحلك يا مساح، قلك كم حسابك
كم حسابك مال ابوك وكم الباقي من المرة الأولى؟
رح لك يا كلب يا أبن الكلب ويضحك:
قلك المساح كم حق المرة الأولى
وادفعه أنا نحو الباب:
هيا لا عاد تفضحنا
يا أخي يسجل علينا
يعلق سعيد انعم:
أخرج يا مساح قد نحنا طفارى عميان عادك اشتسجل!!!
أحد اروع اثنين عرفناهما محمد وعبد الله لاهب، كانا يفعلان ذلك مع طفارى آخرين!!!
يمر الوقت، يأتي البَرِح مساء ليلة، يعرض على المساح مبادلة السيكل بكلب الماني، يوافق..
كل ظهر ننزل باتجاه علي عبد المغني، نمر على سعيد في استديو النجم، والكلب يرافقنا، رأس الحبل بيد المساح...