صنعاء 19C امطار خفيفة

بعد أربعة أشهر من رئاسته: ما الذي غيرته حكومة بن مبارك؟

بعد أربعة أشهر من رئاسته: ما الذي غيرته حكومة بن مبارك؟
أحمد عوض بن مبارك خلال ترؤسه اجتماع الحكومة في فبراير 2024 (سبأ)

في 5 فبراير 2024، عين مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيسًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مع الاحتفاظ بتشكيلتها التي ظهرت أواخر 2020، بعد معركة داخلية خاضها المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، حينها ضد قوات الحكومة التابعة للرئيس هادي، المدعومة سعوديًا.

بشكل ما، يعد تغييرًا رمزيًا، الذي يأتي بعد سلفه وصديقه معين عبدالملك، بعد أن استمر على رأس الحكومة أكثر من خمسة أعوام. ومع أنه يأتي في ظل المجلس الرئاسي المدعوم من أبوظبي والرياض، والذي تشكل في العاصمة السعودية، أبريل 2022، إلا أنه تزامن مع موارد مالية صفرية بالمقارنة مع السنوات السابقة، بعد أن خسرت الحكومة اليمنية جميع عائداتها من النفط إثر قصف الحوثيين للموانئ الشرقية في النشيمة وضبة، أواخر 2022، بالتوازي مع بدء هدنة مع السعودية سمحت للحوثيين بفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مما ضاعف من مواردهم المالية بالمقابل.

يأتي التعيين أيضًا في قمة الزهد الإماراتي السعودي في دعم اليمن أو حتى الاهتمام به كجبهة، بخاصة بعد التفاهمات السعودية الإيرانية في بيجين برعاية صينية، مطلع 2023، والتي مع أنها لم تدخل في تفاصيل حرب اليمن، إلا أن السعودية حصلت بموجبها على التزام إيراني بوقف الهجمات القادمة من اليمن عبر الحوثيين على حدودها. أما بالنسبة للإمارات فهي أيضًا بعد أن تأكدت من توطيد عرى حلفائها في اليمن، لم تكلف نفسها حتى اللقاء برئيس الحكومة الجديد خلال زيارته للإمارات لحضور منتدى دبي للإعلام مؤخرًا، مع أنها التقت بأعلى المستويات حتى بممثلي حركة طالبان.

على مستوى السعودية، فقد كانت، بشكل فاعل، راغبة في اسم معين عبدالملك حينها لترؤس الحكومة لأسباب كثيرة، منها علاقته الشخصية بسفيرها، إضافة إلى أنه لم يكن شخصية جدلية، وبالمقارنة فهي، فقط، لم تمانع من وجود اسم أحمد عوض دون أي حماس أو رفض. ومع أن علاقة زمالة ربطته بالأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع، الذي سيصبح قريبًا وليًا للعهد، حين كانا سفيرين في واشنطن، إلا أنها علاقة بسيطة لم تتجاوز العلاقة الكلاسيكية للمسؤولين والمشايخ اليمنيين بالأمراء السعوديين عادة.

القادم الجديد: رحلة الصعود غير الطويلة من مؤتمر الحوار الوطني

لم يأتِ أحمد عوض بن مبارك من خلفية أو أسرة سياسية معروفة في اليمن، ولم يكن من وجوه الحكومات والمسؤولين لنظام صالح، وهذا امتياز له. درس الدكتوراه في العراق ضمن المنح التي كان يقدمها حزب البعث العربي الاشتراكي لمنتسبيه في اليمن، وتخرج من قسم الإدارة، ليدرس لاحقًا في جامعة صنعاء قبل أن ينخرط في التشكيلات المدنية في ثورة الشباب عام 2011.

كان أول دور رسمي لبن مبارك تعيينه في اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني ضمن حصة الشباب المستقل الممثل للثورة برفقة آخرين، عام 2012. استمرت اللجنة في عملها لمدة تسعة أشهر، واقترحت مجموعة من التوصيات المتعلقة بكيفية الإعداد للحوار الوطني. وقد كانت تلك النقاط تتعلق بفكرة جوهرية بسيطة، وهي نزع السلاح من المليشيات -بمن في ذلك الحوثيين في صعدة- وإعادة الحقوق قبل الخوض في نقاشات سياسية كالفيدرالية وغيرها.

بالمقابل، أصر الرئيس هادي وقادة الأحزاب حينها والمبعوث الأممي جمال بنعمر، جميعهم، على الذهاب نحو عملية انتقالية هشة مرتجلة، مبنية إما على التلفيق أو الارتجال أو التكاذب (أو كل ذلك معًا). وقد استقال بعض ممثلي الثورة من اللجنة احتجاجًا على هذا التزوير التاريخي والخطير، محذرين من أن نهايته هي حرب أهلية شاملة، وهو ما حدث، للأسف، بالفعل لاحقًا. وقد قفزت حينها بالمقابل مجموعة من الشباب، على رأسهم أحمد عوض، لمباركة العملية ولعب دور ديكوري، وبذلك حصلت العملية برمتها على "ختم الثورة".

سرعان ما تعين الرجل أمينًا عامًا لمؤتمر الحوار الوطني، مارس 2013، حتى نهاية المؤتمر مطلع 2014، وخلال الفترة نفسها تقلد مناصب أخرى، بما في ذلك مقررًا للجنة الأقاليم، ولاحقًا مديرًا لمكتب الرئيس هادي، إلى أن اختطفه الحوثيون يناير 2015، حين دشنوا المرحلة الثانية من انقلابهم وإنهائهم للتفاهم السريع الذي عقدوه سابقًا مع هادي قبل إسقاطهم صنعاء.

اختطف الحوثيون بن مبارك وهو في طريقه لتسليم مسودة الدستور الجدلية، في محاولة لفرضها قبل التصويت عليها. وفيما أطلقوا سراحه لاحقًا، عادوا وصادروا كل أمواله بما في ذلك شقته التي كان قد بناها من جهده وعرق جبينه بالفعل، حين كان أستاذًا في الجامعة قبل أن يمد يديه لاحقًا ككثير من رفاقه الثوريين للمال العام.

لقد تركت هذه التجربة أثرها على بن مبارك، ومن خلالها يمكن تفسير عدم رغبته أبدًا في أية صفقة سلام لا تشمله شخصيًا في اليمن مع الحوثيين، ومباعدته بشكل عام للمسافات بين اليمنيين إجمالًا. وقد ضاعف من مرارة التجربة إحساسه بالخديعة؛ لأنه، كآخرين أيضًا، أسهم في تسليم الحوثيين لصنعاء قبل أن يتخلى عنهم الحوثيون بعد تمكنهم من العاصمة والسلطة.

بعد مغادرته البلد، تقلد بن مبارك مناصب عدة منها سفير اليمن في واشنطن والأمم المتحدة ووزيرًا للخارجية. كما لعب أدوارًا استشارية ودبلوماسية مهمة كما في العديد من دورات المفاوضات مع الحوثيين في سويسرا والكويت وستوكهولم، إضافة إلى الكثير من أدواره غير الرسمية كمستشار ومقرب للرئيس هادي وأحد أبرز ملامح عهده.

جدل العملية الانتقالية

إن مجرد حضور اسم أحمد عوض بن مبارك في الشأن العام أو في أي حديث سياسي يمني، هو استحضار لشخصية جدلية للغاية من شخصيات ما بعد العام 2011. فكثير من اليمنيين يرون فيه أحد أبرز المسؤولين عن فشل العملية الانتقالية في اليمن والمآلات التي وصلت إليها اليمن اليوم. ومع أنه لا يتحمل هذه المسؤولية لوحده على الأقل، إلا أنه وفي عالم صحيح، سيستحق نصيبه من المساءلة، وإن برفقة سياسيين آخرين بالطبع. والسبب في ذلك عبثه الكارثي بإعدادات المرحلة الانتقالية بعدة مستويات.

لعل أخطر ما عمله بن مبارك حينها بمباركة قادة الأحزاب السياسية هو التلاعب بإعدادات التوقيت المتعلقة بفترة العملية الانتقالية، إذ قاموا بالاتفاق في ما بينهم -دون أي تفويض أو حق قانوني أو مرجعي بأي شكل من الأشكال- على أن الفترة الانتقالية تنتهي "بانتهاء مهامها" وليس بناء على توقيت زمني محدد لانتهائها أو بإجراء الانتخابات. وقد تواطأ حينها مع الفكرة المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، واستخرج من مجلس الأمن الدولي نصًا (لا يمكن للمرء أن يصدقه) يقول نفس الفكرة.

لاحقًا، كان التقسيم الطائفي/ المناطقي لليمن فيدراليًا هو المسمار الأخير في العملية الانتقالية، فإضافة إلى محاولة فرض تقسيم غير اقتصادي ولا تنموي، فهو قد تم خارج إطار مؤتمر الحوار الوطني ودون أي شرعية، كما لعب دورًا أساسيًا في إشعال الحرب الأهلية بقيادة الحوثيين لاحقًا.

لايزال التسجيل الشهير الذي سربه الحوثيون لمكالمة بن مبارك مع الرئيس هادي في صنعاء بعد اختطافه، واحدًا من الأدلة الكاشفة على العبث المريع بالمرحلة الانتقالية في اليمن، وعلى الطريقة التي أديرت بها البلاد بشكل عام في هذه النقطة والمرحلة الحساسة من تاريخها الحديث.

تحول الجدل لاحقًا إلى من سرّب المكالمة، بدلًا عن مضمون المكالمة الخطير، باتهام بن مبارك للحوثيين بالتعاون مع صالح بتسجيلها وتسريبها، بينما يقول الحوثيون إن بن مبارك كان يسجل مكالماته مع الرئيس. لكن الواقع أن كل ذلك الجدل ضلل الحدث الأهم، وهو المحتوى الفضائحي والإجرامي للمكالمة بحد ذاتها. كان بن مبارك يطمئن الرئيس هادي في المكالمة بما معناه أن الأمر يجب أن يبدو كأن فكرة الفيدرالية قد خضعت للنقاش والدراسة الكافية بغض النظر عن صحة ذلك، طالبًا منه الصبر لبضعة أيام حتى يحس اليمنيون كأن القضية قد نوقشت بالفعل. وبالفعل فقد أقر التقسيم الفيدرالي للبلد في أقل من أسبوعين بسرعة لا يمكن تقبلها من أي مهندس معماري لتخطيط أية بناية، دعك من بلد تصل مساحته إلى نصف مليون كيلومتر مربع!

ذلك التكاذب على أية حال، كان سمة المرحلة، إذ تم تغيير مخرجات لجنة بناء الدولة من نظام برلماني إلى رئاسي تلبية لرغبة الرئيس، وتم العبث بتمثيل الجنوبيين إرضاء للرئيس، وهكذا دواليك.

لم يكن سلوك أحمد عوض تصرفًا أو فعلًا شخصيًا وحيدًا. كانت تلك بشكل عام هي السمة الانتهازية للمرحلة ومن تصدرها، والتي كانت مرحلة تسوية بامتياز. وبشكل عام كانت شخصيات -ولاتزال- لا تخشى الفضيحة، ولها علاقة وطيدة مع الفشل، لا تنظر معه أبدًا إلى الوراء أو المرآة بأي حس نقدي، وغني عن القول إن عدم الإنجاز بالمعنى الكبير أو الوطني للكلمة لا يؤرقها أو يبقيها يقظة خلال الليل.

ومع كل فشلها ومآلاتها، يحسب لتلك المرحلة أمران: الأول أنها كانت -قبل أن يتحول الأمر إلى جانبه الشكلي- ممثلة للشباب والمرأة في أول كسر للاحتكار السياسي في اليمن منذ عقود؛ وثانيًا أنها إداريًا أديرت بشكل معقول. ويحسب ذلك للخلفية الإدارية لبن مبارك، فهو بالرغم من أدائه السياسي المريع، إداري فني لا بأس به. وقد يمنحه ذلك على الأقل فرصة الانطباع أنه -كالكثير من البشر- كان يمكن أن يكون شخصًا أفضل إذا ما حظي بقائد (سياسي) محترم.

تجربة البيروقراطية المحدودة

تشبه بدايات تجربة بن مبارك البيروقراطية بداياته السياسية من ناحية أنه كان طارئًا في القدوم إليها، أيضًا فهو قادم من خارج الجهاز الإداري المعتاد للدولة. تقلد سلفه مناصب بيروقراطية ميدانية متعددة منذ بدء الحرب قبل صعوده إلى رئاسة الحكومة نائبًا ثم وزيرًا للأشغال العامة ومسؤولًا في فترات مختلفة عن صرف مرتبات الجنود في الميدان، بينما ظلت أدوار أحمد عوض بشكل عام في الخارج، إذ تقلد منصبي سفير في واشنطن ونيويورك ووزيرًا للخارجية. ولذلك يتضاعف جهله بالبيروقراطي اليومي أو المحلي، وعمل الدولة بشكل عام، بخاصة في أوضاع الحرب.

وقد يفسر ذلك مثلًا سبب محاولته أخيرًا إنشاء لجان وإطارات ضمن مكتبه للشفافية والأولويات، بدلًا من إصلاح وتفعيل أجهزة الدولة المنوط بها ذلك، أو خوض المعارك اللازمة مع المسؤولين في هذه الجهات. وتلك على أية حال، سمة مشتركة لغالب الذين يقدمون إلى الدولة من القطاع الخاص أو المجتمع المدني في المنطقة والعالم، إذ ينزعون في العادة إلى استبدال آليات وأجهزة الدولة بحلول آنية وخارجية تشبه القطاع الخاص، مؤمنين أن ذلك سيكون حلًا سحريًا للمؤسسات.

خلال تبوئه للخارجية، قام بن مبارك بعمليات إصلاح مهمة للملحقيات، مع أنه تجاهل تمامًا المساس بالوضع المالي والإداري المرعب والفاسد للوزارة أو ملحقياتها، كقنصلية جدة الثقب الأسود تحديدًا؛ لأن وكيلها للشؤون المالية والإدارية كان مقربًا من أسرة الرئيس هادي. كما وصل سقف توقعات اليمنيين من الخارجية اليوم مستوى صفريًا إلى الدرجة التي أصبحوا فيها يحتفون بمجرد رؤيتهم لدبلوماسي يمني يجيد اللباس الأنيق، أو حتى أن يكون فقط غير مؤذٍ بشكل عام لمواطنيه في البلد المقيمين فيه.

يشترك بن مبارك أيضًا مع الكثير من القادمين الجدد في النزعة لإدمان المناصب والألقاب لهم ولأسرهم، مهما بدا ذلك مريعًا أو غير لائق وخارجًا حتى التعفف والسياق السوي للأسوياء. على سبيل المثال، حين تولى وزارة الخارجية ظل محافظًا على منصبه كسفير في واشنطن في مخالفة لأبسط الأعراف الدبلوماسية أو البروتوكولات، لدرجة اضطرار الخارجية الأمريكية مخاطبة السفارة اليمنية في واشنطن برسالة مهينة، مطالبة بوضع حد لهذه السابقة في الأعراف الدبلوماسية. وبالمثل، كان إصراره على التمسك بالخارجية بعد تعيينه لرئاسة الوزراء، أول ما أشعل شرارة الاختلاف بينه ورئيس المجلس الرئاسي.

لعل الأشنع من ذلك في سمات هؤلاء (القادمين الجدد)، هو عملهم ما كانوا يدينونه في الأنظمة السابقة أو باسم الثورات التي صعدوا على ظهورها؛ وهي وباء توظيف الأقارب. والأبشع أن انزلاقهم إليها أسرع وأسوأ وأكثر فجاجة. في هذا المجال تحديدًا، بدأ بن مبارك المشوار بعكس طريقة المسؤولين اليمنيين الذي يصعدون ومن ثم يوظفون أقاربهم، حيث وظف أقاربه قبل أن يصعد، فما كان أمامه إلا تخفيف حضورهم مع رئاسة الوزارة الأخيرة بعد أن مثّل مشهد أحد أقاربه برفقته في سفرياته تذكيرًا دائمًا بتناقض خطابه الذي يقوله أمام الكاميرات مع أفعاله أمامها أيضًا.

جائحة الكاميرات

منذ انطلاق دورة الحرب الأخيرة في اليمن، 2015، ولجوء جل المسؤولين والسياسيين اليمنيين التابعين للحكومة المعترف بها دوليًا إلى الخارج، تشاركوا بشكل عام وباء الصور، تحديدًا نشر صورهم أمام الكاميرات للقيام بأي شيء أو حتى لقاء أي أجنبي، قد ترفض شخصيًا وأنت غير مسؤول لقاءه، حفاظًا على وقتك؛ واستعراض أي عمل يقومون به. وقد ضاعف ذلك إحساسهم الحقيقي أولًا بعدم الشرعية وعدم علاقتهم بعموم اليمنيين عمومًا، وتحديدًا جميع السياسيين والمسؤولين الذين صعدوا بعد المجلس الرئاسي، وأيضًا لأنهم لم يحصلوا على أي اعتراف شرعي حقيقي حتى من أجهزة الدولة التابعة لهم. على سبيل المثال، فبينما لم يحصل أحمد عوض حتى على موافقة البرلمان المنتهية صلاحيته والتابع للحكومة المعترف بها دوليًا، فإن آخر ثلاثة رؤساء وزراء أيضًا -وبهذا المعيار الدستوري- يمكن القول عنهم غير شرعيين بسهولة تامة كما المجلس الرئاسي برمته.

يُضاف إلى ذلك الإحساس بالهشاشة؛ نتيجة الاغتراب الطويل خارج البلاد والآراء التي بشكل عام يعرفونها جيدًا من عموم الناس نحوهم، وتحديدًا نحو ثرائهم المتصاعد والفاحش، بينما يجوع عموم اليمنيين داخل البلاد لسنوات، مع انقطاع الرواتب عن الملايين منذ العام 2016.

بالنسبة لبن مبارك، فإن لديه هوسًا مضاعفًا بالصور يتفوق عليهم جميعًا، يتضح ذلك بانتهاكه، وهو الأكاديمي والمدني، خصوصية نزلاء مستشفى الأمراض النفسية بعدن، عند زيارته لهم، ونشر صورهم أونلاين، وفي بلد تتضاعف فيه الوصمة أيضًا نحو هكذا أمراض.

إن الشيء الوحيد الذي يميز أحمد عوض في هذا البعد، هو أنه بالرغم من تجربته الطويلة في ترويض الإعلام منذ أيام مؤتمر الحوار الوطني، إلا أنه لايزال "بخيلًا" بنظر الكثير من الإعلاميين ووسائل الإعلام اليمنية. وهذه فعلًا سمة نادرة ومهمة في وسط إعلام مستقطب وموبوء كما الإعلام اليمني اليوم.

أربعة أشهر، ماذا بعد؟

حينما تعين في منصبه الأخير، كان أحمد عوض، ومعه الحكومة المعترف بها دوليًا، يملكان في الواقع -وبالرغم من كل شيء- فرصة نادرة لإعادة هندسة علاقة ومكانة اليمن بالعالم، بخاصة أن أزمة البحر الأحمر صنعت في الواقع موجة من ذهب لصاحب أي خيال. وفي نهاية المطاف، لا يمكن لأي بيروقراطي أن يحصل على رئيس أكثر عجزًا من هادي الذي عمل سلفه معين عبدالملك أغلب فترته تحت رئاسته. وإضافة لذلك، فبن مبارك على عكس معين؛ لا يمتلك أصدقاء كثيرين (وهذه ميزة في السلطة فعليًا). ومع أنه أتى في مرحلة كان سقف التوقعات والانطباع منه والزمن صفريًا، إلا أنه في النهاية شخص تكتيكي يمكنه أيضًا أن يعيد التموضع ليحدث فارقًا في الخدمات المتعلقة بحياة الناس تحديدًا.

لكن، وعلى الأقل حتى الآن، عجز بن مبارك في التحول الخيالي البسيط المتعلق بإدراك اللحظة والمرحلة، دعك من تصور غدٍ لبلد يتربع على رأس حكومته، بينما يمر بأكبر أزمة إنسانية في العالم. فهل يستطيع أن يكبر بحجم ما تحتاجه لحظة اليوم والغد؟ وليس فقط اليوم؟ ستخبرنا الأيام بذلك!

فارع المسلمي هو زميل باحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) حيث تتركز أبحاثه على اليمن والخليج.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً