الغرب حين يتحكم بـ"رحم المرأة اليمنية"
* منصور هائل
يخلص الأمريكي بادنوس إلى أن اليمن صارت تذكره بمسرحية الروسي تشيخوف "بستان الكرز". في الواقع يمكن العيش في هذا البلد الساحر بشكل جيد، ولكن بدلاً من ذلك فإنهم يقطعون الشجرة تلو الأخرى يومياً. حكومة عاجزة، ونفوذ متزايد جداً للجماعات المتشددة يدفع البلاد إلى مزيد من الفوضى التي تجعل اليمن محط اهتمام الإرهابيين من القاعدة، وليس فقط منذ الهجوم الفاشل الذي استهدف تفجير الطائرة في ديترويت. وهذا شيء معلوم.
ذلك ما ورد على لسان السيد بادنوس الذي يعترف أنه عاش أكثر من 3 سنوات "كاذباً" على أنه مسلم في اليمن، وكان ذلك اعتباراً من خريف 2005 حين اعتنق الإسلام رسمياً، وكانت طقوس اعتناقه مختصرة، عكس الطقوس في بلدان أخرى، ففي اليمن تتم العملية أسرع بهدف إدخال الشخص إلى الإسلام.
ويتحدث بادنوس الأمريكي "المخترق" للمدارس السلفية، عن تجربته في المدرسة السلفية في مدينة دماج بصعدة، وهي تستوعب اليوم الآلاف من الطلاب، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في النظرة التي تكرس وتعمم في المدرسة، إذ يجري تصوير الغرب كخائن للإسلام، ويتأهل الطلاب، بعد فترة قصيرة، على الشعور بالتهديد والاعتداء والرغبة بالذهاب إلى الكفاح وقتل الكفار من الأعداء، ويفضل أن يكونوا من اليهود -بحسبه-.
وكما يعترف أنه كان يخشى من العواقب إذا ما انكشف أمره، فقد اعترف أنه لم يشعر بالانتماء، موضحاً أنه أراد التعرف على أشخاص آخرين اعتنقوا الإسلام بعد المسيحية، وأراد أن يتفهم سحر الإسلام وجاذبيته.
ويلمح إلى أن ثمة شعوراً يتشكل لدى الطلاب، مفاده أنهم في شيء من الحرب مع الغرب، وأن ذلك يكفي لتبرير العنف في أي وقت، وقال: "عندما لقيت في العام الماضي الممرضتان الألمانيتان مصرعهما في اليمن، تم الحديث عن ذلك في المدرسة، وتم الإجماع على هذا الفعل بين المدرسين والطلاب، وذلك أنهن لم يأتين لمساعدة النساء في الولادة، ولكن أتين كي لا تلد النساء المزيد من الأطفال في المستقبل، ونقل عن أحد المعلمين أنه قال: "إن الغرب يريد أن يتحكم بكل شيء، حتى رحم المرأة اليمنية، كي لا يتزايد عدد المؤمنين".
ويضيف أن المعلم ختم حديثه بالقول: "أنت مسلم. الأمم المتحدة، والمسيحيون لا يريدون أن تحصل على المزيد من الأطفال. كل واحد منكم يجب أن يخرج ويحصل على 10 أطفالـ".
ويعلق: وبطبيعة الحال حصلت هذه الفكرة على إعجاب الجميع.
لا شك أن تجربة هذا "المخترق" التي تقرر أن تصدر قريباً في كتاب، حافلة بالكثير من الإثارة والخطورة، فقد كان مسرحها في منشأة تدريبية لـ"الجهاد والحرب المقدسة" وفقاً للمخابرات الغربية.
ويعلم صاحب التجربة أن مؤسس المدرسة المذكورة هو الشيخ مقبل الوادعي صاحب الخلفية الأكثر إثارة في الحركة السلفية على مستوى اليمن والمنطقة، فهو كان ضمن المئات الذين هاجموا الحرم الملكي عام 1979 واحتلوه، وأعلنوا من هناك قيام دولة إسلامية متشددة.
المعلوم أن الوادعي اعتقل بعد ذلك أكثر من سنة في المملكة، وعاد مطلع الثمانينيات بالتنسيق بين صنعاء والرياض، ليقيم أكبر وكر للسلفية الوهابية في خاصرة عاصمة الزيدية ومعقلها العتيد. ولم يقتصر دوره على مناوشة الزيدية في وكرها، بقدر ما انصرف، أيضاً، لتأهيل وتدريب وابتعاث كتائب الطلاب المجاهدين اليمنيين والأجانب، إلى أفغانستان وغيرها.
وعلى صعيد متصل، كانت منطقة معبر بمحافظة ذمار، التي طالما وصفت بأنها "كرسي الزيدية"، مسرحاً لإقامة مدرسة سلفية أخرى. وتبعاً لهذه المتوالية انتشرت عشرات المدارس ومراكز التدريب والجامعات السلفية والمعاهد العلمية، في أرجاء كثيرة من البلاد.
كان كل ذلك يحدث تحت سمع ونظر و"اختراق" الإدارة الأمريكية، وبتمويل من المملكة العربية السعودية، ما يطرح على طاولة الساعة الساخنة سؤال "القاعدة" من باب آخر غير باب المقاربة الأمنية والعسكرية: إنه باب التعليم وإعادة النظر الجذرية بحالته، وباب المقاربة الثقافية والتربوية والسياسية المفتوحة والشاملة، وليس العمليات التجسسية وضربات "البرايدتور" و"الكروز"، أو استمالة مشائخ القبائل وأمراء الحرب وتجار السلاح و(علماء) الدين، أو استبدال الصنف الرائج بصنف آخر مخفف.
mansoorhaelMail
الغرب حين يتحكم بـ"رحم المرأة اليمنية"
2010-02-15