صنعاء 19C امطار خفيفة

مقال خارج المألوف "اليمن بين ازماني ثلاثة"

صادف انني وجدت صورتين لي الفاصل بينهما اكثر من اربعين عاما؛ تأملتهما فأخذت الموبايل وقلمه وبدأت بندر احرف كلمات جمل هذا المقال ومن خلال الصورتين حيث قارنت بين ماضينا الجميل  وحاضرنا التعيس البئيس؛ بين تطلعات الأمس وشعورنا اليوم بالإحباط واليأس؛ قارنت بين الماضي والحاضر فظهر لي بوضوح تأثير الزمن وعوامل التعرية على ملامح الإنسان. وعلى طبيعته وانعكاساتهما على الواقع.

 

 فالصورتام المرفقتان ربطا بهذا البوست يفصل بينهما اكثر من أربعين عامًا ؛ إنها فترة تحمل في طياتها ملامح الشباب والحيوية، والشيخوخة والضعف والوهن ؛ فصورتي اليوم تحمل ملامح الشيخوخة والتقدم في العمر وبالتالي التغيرات الطبيعية التي تطرأ على الجسم والوجه تنبىء بحاضر مخجل جراء عوامل التعرية ليس على الطبيعة فحسب بل وعلى المجتمعات.
 
ولنا ان نتساءل هل هي عوامل الزمن التي لا تقتصر فقط على الشكل الخارجي؟، أم انها تتغلغل في عمق الروح، حيث تختزن الذكريات والأحلام التي قد تبدو بعيدة.
 
تظهر الفجوة بين الحلم الجميل الذي عشته في الماضي وبين الواقع الكئيب اليوم. كنت بالأمس ممتلئا بالطموح لبناء دولة مدنية، دولة العدالة؛ دولة المساواة التي تزال فيها الفوارق بين الطبقات بسبب العرق والمذهب حيث لا يتم تسييس الدين فيها ولا تديين السياسة دولة يسود فيهآ روح المواطنة والهوية الوطنية الجامعة.
 
 نعم إن احلامنا تلك تعرضت للسرقة وصرنا نسمع عن هوية إيمانية لم يجرؤ ان يدعيها رسولنا الكريم لأن مسألة الإيمان تعمل في الفضاء الشخصي اي بين العبد وربه ولا يعلم من ضل ومن اهتدى إلا الله؛ فقد ادعى ذات مرة الشيخ عبدالمجيد الزنداني ان للإيمان جامعة وأنشأ "جامعة الإيمان" والكل سخر من هذه التسمية ؛ لأن الله خلقنا ليبتلينا أينا احسن عملا ؛ وحتى نبينا الكريم وهو المصطفى لم يحتكر الإيمان بل قال للمخالفين (لعلي وإياكم على هدى أو على ضلال" بل أمره الله سبحانه : قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحى إلي" .
 
كنا بالأمس لا نؤمن بالفرز العرقي - السلالي- ولا المذهبي بل كنا نتجاوز الهوية الوطنية إلى الهوية القومية والأممية؛ فجاء اليوم من سرق أحلامنا تلك كما سرق أيضًا سنوات من أعمارنا وأعمار أبنائنا، مما ترك أثرًا عميقًا في نفوسنا. 
 
يطرح السؤال: هل من أمل في أن يحل عقلاء وحكماء مكان هؤلاء الذين يقودوننا نحو الجحيم في حين يظنون أنهم يسيرون بنا نحو الفردوس؟ هذا الأمل قد يبدو بعيدًا، لكنه يظل موجودًا في قلوب الكثيرين الذين يتطلعون إلى غدٍ أفضل. الحنين إلى الماضي لا يعني فقط استرجاع الذكريات، بل هو دعوة للتمسك بالأمل والسعي نحو التغيير، من أجل بناء مستقبل يليق بأحلام الأجيال القادمة.
 
ما العمل؟
 
ولكي نتجنب هذا اليأس والإحباط الذي تولد بعد الإنقلاب على العملية السياسية السلمية بقوة السلاح؛ ولكي يتحقيق الأمل في مستقبل أفضل فإن ذلك يتطلب جهدًا جماعيًا ورؤية واضحة تنعكس على كل شؤون الحياة؛ باعتباره أداة التغيير، كما يجب تعزيز الوعي بأهمية المشاركة الفعالة في القضايا الاجتماعية والسياسية. التعليم يفتح الأبواب للفكر النقدي ويعزز من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات مستنيرة.
 
وفي ظل سلطات الواقع غير الشرعية التي عملت على تشظية اليمن فإننا نأمل من العقلاء في كل سلطة أن يتوجهوا إلى مصالحة وطنية فاليمن تتسع للجميع؛ وصندوق الانتخابات هو الحكم وبدون ذلك فإننا لم نبق لأولادنا مكانا في مستقبل آمن ؛ واتمنى على مؤسسات المجتمع الوطني التي شيطنها البعض من اعداء الدولة المدنية ان تساهم في بناء يمن الغد والسعي نحو مصالحة يمنية يمنية والعمل على المشاركة المجتمعية التي ستلعب دورًا كبيرًا في بناء مجتمع يمني قوي موحد ارضا وانسانا؛ لذا يجب تشجيع الأفراد على الانخراط في الأنشطة المحلية والمبادرات التطوعية. وهذه المشاركة ستعزز الروابط الاجتماعية وستساهم في بناء شعور بالانتماء.
 
إن تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة في المؤسسات الحكومية والخاصة أمر ضروري. يجب على قادة سلطات الواقع المتناحرة أن تتحمل المسؤولية عن أفعالهم فالتاريخ لن يرحمهم وعليهم أن يعلموا بأنهم سيسأاون أمام المجتمع، في الغد القريب..
 
وعلينا كعقلاء ان نحفز الشباب على الابتكار والإبداع باعتبارهم مفاتيح التغيير، لذا يجب دعم الأفكار الجديدة في مختلف المجالات. الابتكار يقدم حلولًا جديدة للتحديات التي تواجه المجتمع ويعزز من التطور.
 
ونأمل ان يتم تشكيل تحالفات مع منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأفراد ذوي الطموحات المشتركة يمكن أن يعزز من فعالية الجهود ويساهم في تحقيق الأهداف المنشودة. التعاون هو عنصر أساسي لتحقيق النجاح.
 
تطوير استراتيجيات طويلة الأمد تركز على التنمية المستدامة أمر حيوي. يجب أن تشمل هذه الاستراتيجيات جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الاقتصاد، البيئة، والثقافة، لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
 
نشر وتعزيز القيم الإنسانية مثل التسامح، الاحترام، والتعاون يساهم في بناء مجتمع متماسك. هذه القيم هي الأساس الذي يمكن أن يتمحور حوله التغيير نحو العدالة والمساواة.
 
إشراك الشباب في عملية صنع القرار مهم جدًا، ويجب تقديم الدعم اللازم لهم ليكونوا قادة المستقبل. الشباب هم القوة الدافعة نحو التغيير، ويجب أن تُعطى لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم. 
 
من خلال هذه الجهود، يمكننا العمل معًا لتحقيق الأمل في مستقبل أفضل، وبناء مجتمع يعكس طموحات شبابنا ويستجيب لتحديات الحاضر والمستقبل.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً