صنعاء 19C امطار خفيفة

نُذُر لا تبشر بخير!

في مقابلة لـBBC مع مارك كيمت -مساعد وزير الخارجية الأسبق المتصهين- يقول: إنه لم يبقَ من يمثل النظام السوري سوى العلويين.

 
فهل حقًا أنَّ كل هذه الأنظمة العربية التي حكمت والتي لاتزال تحكم، تمثل شعوبها، فضلًا عن طوائفها؟!
ولا يحتاج المرء لأدنى قدر من الذكاء ليفهم أنَّ أمريكا ومعها الأنظمة الغربية الاستعمارية والأنظمة العربية العميلة والغاشمة، تسعى إلى تفكيك المنطقة العربية، وإدخالها في صراعات عرقية ودينية وطائفية تقضي على كيانها، وتخلف جراحات وأحقادًا يصعب شفاؤها واندمالها.
وبحسب متحدثين في القناة المذكورة، فإنَّ علويين قُتلوا، ولقوا مصرعهم على يد حُكَّام سوريا الجدد الآتين من الإدارة الأمريكية وتواطؤ النظام التركي، وهم معارضون لنظام الأسد، وكانوا محبوسين في سجونه؛ لأنهم فقط علويون.
إنَّ الأقليات العرقية والدينية والمذهبية في سوريا، أكرادًا، ومسيحيين، وعلويين، في مرمى هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة، بل حتى السنة بمذاهبها المعتدلة ليست بمنأى عن هذه الجماعات؛ فإنَّ الفوضى إذا عمَّتْ، سيصلى نارها الجميع، ولن ينجوَ منها أحد.
ليس من المجدي الآن التوجه للحكام بتلافي هذه الكوارث التي تحيط بنا والتي قاموا هم بصنعها.
علينا أن نتجه لأنفسنا، ونلتفت لبعضنا، بتوجيه الخطاب لجميع المواطنين من جميع الأرض اليمنية على اتساع رقعتها بالوقوف يدًا واحدة ضد أي انتهاك لأي مواطن يمني من أيِّ دين، أو مذهب، أو طائفة، أو حزبٍ كان، على أيِّ أرض يمنية.
يقول عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي -رحمه الله- إنَّ علماء الاجتماع وصلوا إلى نتيجة مفادها: أنَّ الضمير أمر نسبي، فالإنسان لا يكترث ولا يهتم إلا لمن تربطه بهم علاقة أو قرابة من دم أو قبيلة أو دين أو طائفة، أمَّا سائر الناس ممن لا يشاركونه اهتماماته وصلاته الخاصة فعليهم العفاء.
ولا أظنَّ أنَّ هذا يصح إلا عند من نُزعت منه الإنسانية، وصار أسوأ حالًا من الوحوش الضارية في البرية.
وإلا كيف أنَّا رأينا الناس في أميركا، وبعضهم من اليهود، وفي غيرها من العواصم الأوروبية، يتظاهرون ضد الجرائم الوحشية التي ارتكبها ولايزال يرتكبها الصهاينة والأمريكان في غزة؟
لا يكون الضمير نسبيًا إلا في البلدان التي خلت من القيم الدينية الحقة، والمعايير الأخلاقية التي لا يختلف عليها اثنان على أي بقعة من بقاع الأرض.
لقد أصبح الضمير نسبيًا في أوطاننا؛ لأننا غرقنا منذ فترة طويلة، ولأسباب كثيرة وموضوعية يأتي على رأسها: فساد الأديان، وفساد أنظمة الحكم التي كانت سببًا رئيسًا في إفسادها، فجرتنا إلى مستنقع التحيزات الدينية والثقافية والسياسية والوطنية والمحلية والإقليمية والقومية.
لقد فقدنا أجمل ما تميزنا به من قيم الدين العظيمة من الرحمة والشفقة والتعاطف ومكارم الأخلاق النبيلة التي كانت سائدة فيما بيننا.
ليس التاريخ دِينًا علينا اتباعه، ولا دَينًا يتوجب علينا قضاؤه، ولا هو بالقَدَر المحتوم، واللعنة اللازمة التي لا فكاك منها ولا محيص عنها.
فهل يتوجب علينا إذن أنْ نسيرَ بمقتضى هذه الإرادة الغبية الخاطئة، أو وفق منطقها السائد الذي صنعه مَنْ قبلنا، أو صنعناه بأيدينا؟
بإمكاننا أن نخلق تاريخنا الجديد مستلهمين جوهر ديننا العظيم، وقِيمَنا التي مازلنا نعتز ونفخر بها.
علينا جميعًا المطالبة أولًا بالوقوف معًا ضد الاعتقالات القسرية في صنعاء، وتعز، ومأرب، وعدن، وفي كل المناطق اليمنية التي يسيطر عليها هؤلاء المتغلبون.
والمطالبة بإطلاق السجناء السياسيين جميعهم، وتوفير محاكمات عادلة وشفافة لهم ومحامين موثوقين يتمَّ اختيارهم من قبل أهاليهم.
حتى نتلافى هذه الكارثة التي تزحف بمصائبها ورزاياها نحونا، ولا عاصم إلا من عصمَ الله.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً