صنعاء 19C امطار خفيفة

شهادتي التي نلتها من أكبر جامعة يمنية

شهادتي التي نلتها من أكبر جامعة يمنية
صورة مدمجة للدكتور عبدالعزيز المقالخ والكاتب عبدالرحمن بجاش

لا تخصني وحدي

اقرؤوها بأفق آخر

فمحتواها عظيم عظمة الرجل

الشهادة الكبيرة..

نلتها شهادة من أكبر جامعة يمنية، جامعة الأب والمعلم أ.د. عبدالعزيز المقالح،

ماذا يمكن لأية جامعة أن تقول أكثر من شهادته...

أستعيدها هنا بمناسبة مرور عام -28 نوفمبر 2022- على خسارتنا الكبيرة، فقدان المقالح...

......................................................  

"سأحاول في هذه الخواطر غير المرتبة أن أتحدث عن صديقي الصحفي المبدع عبدالرحمن بجاش، من خلال صورة مضيئة رسمتها له في ذهني عبر السنوات الماضية التي تمتد إلى أكثر من عشرين عامًا، وكيف كانت هذه الصورة تزداد بمرور الأيام نصاعة وتوهجًا، ثم كيف استطاع عبدالرحمن بأخلاقه الرفيعة وبمواقفه بالغة الشفافية، أن يكسب كل يوم أصدقاء جددًا ولا يخسر صديقًا واحدًا، وتلك ميزة لا يمتلكها سوى القليل ممن يعملون في خدمة السلطة الرابعة، بما يعتورها من معارك كلامية وانتماءات متناقضة.

وقد تمنيت لو أستعير قلمه الرشيق وموهبته العالية وقدرته على إنصاف الآخرين.

ولن أكون مبالغًا إذا ما قلت إنه الوحيد بين كل حملة الأقلام ينقب في ذاكرته وفي الواقع، عن الجنود المجهولين، ليسعدهم بكلماته الصادرة عن فيض المحبة ونبع الوفاء، لكي يجعلهم يشعرون بأن العالم لايزال بخير، وأن الوطن لا ينسى أبناءه أو يتجاهلهم، وإن نسيهم الأهل والزملاء.

كما أنه الوحيد من بين كل حملة الأقلام الذي يتذكر بقدر من الحب والإشفاق، مراتع الصبا والأماكن والمدارس والشوارع التي شهدت جانبًا من أيام عمره، ويكفي الإضاءة البديعة لشارع علي عبدالمغني وما ارتبط به من ذكريات وتداعيات كفيلة بأن تؤلف عنه كتابًا لا يمل القلب لغته، ولا يمل الوجدان أسلوبه وجماليات سرده.

وهنا أتوقف لأقول إن عبدالرحمن شاعر وإن لم يكتب قصيدة واحدة، حد علمي، فأغلب كتاباته لا تخلو من مذاق الشعر، ولا من نكهته الجميلة.

ولا أنكر دور الآخرين في صحيفة "الثورة"، ولا أغمط حق أحد إذا قلت إني أول ما أبحث فيها عن المساح وبجاش، لكي أتدفأ بكلماتهما شتاءً، وأتبرد بها صيفًا، وحين تصل الكتابة إلى أن تكون دفئًا في الشتاء ونسمات في الصيف، فإنها تكون بلغت حد الجمال والكمال. 

وكذلك هي كتابات عبدالرحمن الراقية والعذبة كروحه. وتجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب كون الكتابة موهبة، فهي كذلك قبول وجاذبية، ويستطيع كل حامل قلم أن يكتب، ولكنه إذا ما فقد سر الجاذبية أو سحرها، فإنه لن يصادف قبولًا، ومن حسن حظ عبدالرحمن وحسن حظنا أيضًا أن يمتلك الموهبة والقدرة على شد القارئ بما يمتلكه من جاذبية أولًا، ومن بساطة آسرة ثانيًا.

ومن الواضح أن عبدالرحمن يقرأ كثيرًا، ويتابع ويتجدد، ولا ينام مكتفيًا بحصيلته الأولى. وقراءته متعددة، تشمل المعرفة في شتى تجلياتها، من الشعر والقصة والرواية إلى الدراسات الاقتصادية والعلمية. 

ولهذا تشعر وأنت تقرأ له في أي موضوع، أنك تقرأ لكاتب ممتلئ قادر على محاربة الضحالة الفكرية والصحفية. وإذا كان الله حباه بقدر من المرونة الرائعة، فإنها مرونة لا تجعله يتخلى عن مبادئه أو يفقد جزءًا من ضميره.

وتاريخه الصحفي النقي يؤكد حقيقة أنه يرفض الدخول في المعارك الجانبية والإساءة إلى أي كان. ويرى البعض أن ذلك ناتج عن أنه لم يأتِ إلى الصحافة متطفلًا أو أنه هبط إليها بالبراشوت شأن كثيرين ممن امتهنوا وأهانوا الصحافة، ولكنه جاءها دارسًا وعاشقًا ومتفاعلًا وصاحب رسالة.

ولا أنسى في ختام هذه الخواطر الإشارة إلى أن الصحافة -كوقود يومي، ورغم دورها في الإيقاظ والتنوير- تأكل الصحفي، لا سيما حين يكون مبدعًا. وفي نيتي تقديم دعوى ضدها، لأنها أكلت إبداع عدد من مبدعينا الكبار، وفي طليعتهم شيخ الصحافة اليمنية المبدع صالح الدحان، وعميدها المبدع محمد المساح، وأتمنى أن يتمكن الصديق المبدع عبدالرحمن بجاش من الانتصار عليها من خلال التوفيق بين ما هو صحفي وما هو إبداعي، وأن يتذكر أن صدور كتابه البديع "حكايات العم قاسم" يشكل انعطافة في مستوى العمل الأدبي والصحفي معًا، وأن زمن صلب الإبداع على مشجب الصحافة ينبغي أن يتولى إلى غير رجعة. تحية من القلب له، لعبدالرحمن بجاش الصحفي المبدع والإنسان الودود النبيل المتواضع".

 

صادرة عن جامعة المقالح

8 يونيو 2009

صنعاء

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً