شهدت شبه الجزيرة العربية منذ القرن السابع عشر تواجدًا عثمانيًا، وأعقبه تواجد بريطاني ممثلًا بشركة الهند الشرقية البريطانية التي "تأسست بموجب ميثاق ملكي في 31 سبتمبر 1600م كشركة تجارية، وتدعيمها بجيش كبير من قبل الحكومة البريطانية، ثم تحولت من مجرد شركة تجارية واقتصادية إلى قوة سيادية هجينة عام 1833م في الهند وبقية المناطق التي سيطرت عليها.. ومع ازدياد المخاوف من سوء الإدارة والفساد استمرت الشركة في دورها الاستعماري حتى سنة 1858م، عندما جرى نقل قانون حكومة الهند التابع لوزارة الخارجية في أعقاب التمرد العسكري والمدني الذي وقع في شمال شبه القارة الهندية، وتم حل شركة الهند الشرقية نهائيًا من قبل الحكومة البريطانية في الأول من يونيو 1874م، بعد أن حصل المساهمون على التعويضات اللازمة".
الجدير بالإشارة، أن الشركة كانت القنطرة التي عبر من خلالها الاستعمار البريطاني إلى شبه القارة الهندية، ثم التوسع إلى البصرة والخليج ومشيخات الساحل العماني وجنوب غرب آسيا، وازداد نفوذه بعد اندحار الدولة العثمانية من المنطقة إبان الحرب العالمية الأولى وتقاسم تركة الرجل المريض.
لست في هذه العجالة مهيأً لبحث تفاصيل الأوضاع بقدر ما أقدم إضاءة وجيزة حول مجريات الأحداث في المنطقة خلال ثلاثمائة عام.
بالنسبة لجنوب غرب شبه الجزيرة العربية، بدأت بريطانيا باحتلال جزيرة "بريم" اليمنية في مدخل البحر الاحمر عام 1799م، ثم "عدن"، في 1839م، وبقية مناطق الجنوب اليمني، حتى انسحابها بعد 138 عامًا في 30 نوفمبر 1967م، وشمل التواجد البريطاني أيضًا مشيخات الخليج العربي منذ 1820م حتى الانسحاب منها في 1971م.
كان التواجد العثماني في شمال وجنوب غرب شبه الجزيرة العربية، بما فيه سواحل ووسط شمال اليمن، يشكل عائقًا لمد بريطانيا نفوذها إلى جميع أنحاء المنطقة.
لذلك، بدأت بريطانيا تنسج علاقاتها في وسط وشمال شبه الجزيرة العربية من خلال تواجدها في المشيخات الخليجية، ثم تطورت استراتيجيًا مع الدولة السعودية الثالثة أثناء الحرب العالمية الأولى، وانسحاب العثمانيين من المنطقة، حين وقع الإمام عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود، مع بريطانيا، معاهدة "دارين"، في 6 ديسمبر 1915م، نصت المعاهدة على اعتراف الحكومة البريطانية بأن مناطق "نجد والأحساء والقطيف والجبيل" تابعة للحكومة السعودية، وبموجب المعاهدة قامت بريطانيا بإمداد السعودية بالمساعدات المالية والعسكرية المطلوبة. كما أبدت رغبتها بأن يحافظ الإمام عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود على أمن الخليج العربي ومواصلاته. وكذا سعت بريطانيا إلى إيجاد توازن بين القوى الموجودة في "نجد" التابعة للإمام عبدالعزيز آل سعود، و"الحجاز" التابعة للشريف حسين بن علي.
وفي السياق نفسه، دعمت بريطانيا الشريف محمد بن علي بن محمد الإدريسي (1876-1923م) في تأسيس إمارة الأدارسة في "المخلاف السليماني"، عام 1908م في منطقة "جيزان وتهامة"، وعاصمتها "صبيا"، وميناؤها "جيزان"، في تمرد واضح ضد الدولة العثمانية، وبعدها نشبت الحرب العالمية الأولى، 1914م، وعقد الشريف محمد معاهدة صداقة مع بريطانيا عام 1915م، وبدأ يتلقى المساعدات المالية منها. وفي المعاهدة الثانية، 1917م، اعترفت بريطانيا للإدريسي بالسيادة على "تهامة عسير" من ميناء "اللحية" جنوبًا إلى القنفذة شمالًا، جنوب منطقة مكة المكرمة.
على صعيد آخر، أبرم الشريف محمد بن علي بن محمد الإدريسي اتفاقية صداقة مع الإمام عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود، في 30 أغسطس 1920م، وقعت في أكتوبر 1920م، بهدف تأمين مصالحه الخاصة، كون إمارته تقع بين خصمين قويين هما: الإمام يحيى حميد الدين في اليمن، والشريف حسين بن علي في "الحجاز"، وكان له أيضًا في الوقت نفسه علاقات طيبة مع إيطاليا.
مسار التطورات في المنطقة:
- تأسست الدولة السعودية الأولى (1727-1818م) على يد الإمام "محمد بن سعود بن مقرن"، وعاصمتها "إمارة الدرعية" في قلب الجزيرة العربية، خلفًا لآل المريدي (1446-1695م).
وقد بايع مؤسس الحركة الوهابية الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1703-1792م) الإمام محمد بن سعود بن مقرن، عام 1744م، ملكًا. وبموافقة الإمام محمد تمت صياغة "ميثاق الدرعية" الذي تأسست بموجبه الدولة السعودية الأولى، بشقيها السياسي والديني. وينص الميثاق على السمع والطاعة لأولي الأمر، والاقتداء بالسلف الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن الدين... الخ.
وقد شمل حكم الدولة السعودية الأولى أربعة حكام، وكان آخرهم الإمام عبدالله بن سعود الكبير بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود، حتى سقطت "إمارة الدرعية"، في الحملة العثمانية التي قادها إبراهيم باشا ابن الوالي العثماني على مصر "محمد علي باشا"، في 1233 هجرية -مارس 1818م، في معركة غير متكافئة، وبعد معارك استمرت ستة أشهر سلم الإمام عبدالله بن سعود الكبير نفسه لقائد الحملة إبراهيم باشا حقنًا للدماء، لكنه اقتيد إلى الأستانة، وأعدم دون مراعاة أصول الفروسية والقيم.
- الدولة السعودية الثانية (1818-1891م) أرسى دعائمها الإمام تركي بن محمد آل سعود، عام 1824م، في "نجد"، واتخذ من "الرياض" عاصمة لحكمه.
وشمل عدد حكام الدولة السعودية الثانية سبعة حكام، كان آخرهم الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي (1879-1891م).
لم تنعم الدولة السعودية الثانية بالاستقرار بسبب الصراع على الحكم، وبالتالي هزمت الدولة على يد خصومهم "آل الرشيد"، حكام "إمارة حائل"، في المنطقة الشرقية، واستولوا على مقر الحكم في "إمارة الرياض"، عام 1891م.
غادر الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود، آخر حاكم في الدولة السعودية الثانية، (1879-1891م) "الرياض"، بمعية نجله الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، المولود في الرياض (1876م)، وحاشيته، وأرسل ابنه مع بقية أفراد الأسرة إلى "البحرين"، وتوجه الإمام عبدالرحمن ومرافقوه إلى "قطر"، بعد ممانعة الدولة العثمانية ذهابه إلى "الكويت". لكنه عاد إلى البادية والتنقل ببن "حريملاء" وبين واحة "بيرين" القريبة من الأحساء، ولحق به نجله الأمير عبدالعزيز، ومكثا هناك مع بعض مرافقيهما لمدة سبعة أشهر، حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالإقامة في "الكويت"، وانتقل مع بقية الحاشية أيضًا من كانوا في "قطر" للإقامة معه في "الكويت"، عام 1892م، وكان هدف المتصرف العثماني في المنطقة مراقبة تحركاتهم واحتواءهم.
جمع الشيخ مبارك الصباح، شيخ الكويت، ومعه عبدالرحمن بن فيصل بن تركي، القبائل لمحاربة "عبدالعزيز بن متعب بن رشيد"، في "الصريف"، في 17 مارس 1901م، لكنهما لم يوفقا لفارق القوة، فانسحبا.
وفي مطلع عام 1902م، تمكن الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن من هزيمة "آل الرشيد"، واستعادة الرياض. وتأكيدًا لدوره واعترافًا بقدراته، تنازل له والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود عن الحكم والإمامة، وتمت البيعة له في "الرياض"، في 15 يناير 1902م، وبناء عليه:
- أسس الإمام عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود (1876-1953م) الدولة السعودية الثالثة الحديثة في 15 يناير 1902م، وبعد وفاته عام 1953م تعاقب أبناؤه على الحكم حتى الوقت الحاضر، الملوك التالية أسماؤهم: سعود، فيصل، خالد، فهد، عبدالله، وسلمان بن عبدالعزيز ونائبه صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان.
بدأ الإمام عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود حكمه في "إمارة الرياض"، (1902-1913م)، ثم توسع نطاق حكمه ليشمل إمارة نجد والأحساء (1913-1921م)، وبعد سقوط دولة "آل الرشيد" في "إمارة حائل"، 1921م، زحف الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن صوب مملكة "الحجاز"، وهزم الشريف حسين بن علي في الفترة (سبتمبر 1924م -ديسمبر 1925م).. وبالتالي، تمت تسمية الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ملكًا لـ"مملكة الحجاز ونجد وملحقياتها".
وقد ألغيت معاهدة "دارين" بين بريطانيا والسعودية، بتوقيع معاهدة "جدة"، عام 1927م، واعترفت بموجبها بريطانيا باستقلال "مملكة الحجاز ونجد وملحقياتها". وبموجبه، تم التبادل الدبلوماسي بين البلدين.
من ناحية أخرى، توفي الشريف محمد بن علي بن محمد الإدريسي، 1923م، واستلم خليفته الشريف حسن محمد بن علي الإدريسي مقاليد الحكم في الإمارة، لكنه لم يكن محظوظًا في حكمه، فقد نشبت حروب متقطعة بين الإمام "يحيى حميد الدين" ضد "الأدارسة"، عام 1924م، بقيادة السيد عبدالله بن أحمد الوزير، لاستعادة "عسير، وجيزان" كأراضٍ يمنية، وكانت تهامة ساحة الحرب، هزم فيها الأدارسة، واستولى اليمنيون على "ميناء الحديدة" وغيره من الموانئ في المنطقة.
- عين "الإمام يحيى حميد الدين" ولاته عليه، ثم واصل جيشه تقدمه وحاصر مدينتي "صبيا" و"جيزان"، واضطر الشريف "حسن الإدريسي" إلى أن يعرض على الإمام "يحيى حميد الدين" صلحًا يقضي بكف "الإمام" عن محاولة الاستيلاء على المدينتين المذكورتين، مقابل اعتراف "الأدارسة" بنفوذ محلي على ما بيدهم، لكن "الإمام يحيى" رفض العرض، وأصر على محاولة الاستيلاء على "صبيا" و"جيزان"، مما حمل الشريف "حسن الإدريسي" على توقيع اتفاقية "مكة" مع الملك "عبدالعزيز آل سعود"، عام 1926م.
ومن الحجاز توجه جيش الملك عبدالعزيز آل سعود جنوبًا نحو عسير وجيزان والحديدة والدريهمي، حتى قلعة الطائف، وأخيرًا نجران، وقد تحولت "الإمارة الإدريسية" إلى "حكم ذاتي" تحت حماية السعودية، ثم ضمت إلى السيادة السعودية في أكتوبر 1930م.
وخلال عامين، حاول "الأدارسة" استعادة أراضيهم من الملك عبدالعزيز آل سعود، لكنهم فشلوا، وتم دمج "إمارة الأدارسة" مع بقية المناطق الأخرى، في 19 سبتمبر 1932م، تحت تسمية "المملكة العربية السعودية"، كما تم إعلان العيد الوطني للمملكة في 23 سبتمبر 1932م.
لجأ الشريف حسن الإدريسي وحاشيته إلى الإمام يحيى حميد الدين.
وقد شعر الإمام يحيى بن حميد الدين أن الدور آتٍ عليه في "نجران"، لا محالة. ولتخفيف العبء عليه، قام بتحييد بريطانيا في الجنوب اليمني المحتل من أي تدخل لصالح السعودية، من خلال توقيع معاهدة بينه وبين ممثل الإمبراطورية البريطانية في "عدن".
نصت المعاهدة على توقف "الإمام يحيى حميد الدين" عن المطالبة في الجنوب كأراضٍ يمنية، والتوقف أيضًا عن مهاجمة السلطنات الجنوبية. وبعد أن تم تأمين الجبهة الجنوبية من مضايقة البريطانيين الذين كانت طائراتهم تقصف تعز، وقعطبة، ومناطق شمال اليمن الحدودية، بصورة مستمرة، تفرغ "الإمام يحيى" لمواجهة المملكة العربية السعودية، في معركته الأخيرة في جبهة "نجران"، بقيادة "أحمد بن يحيى حميد الدين"، ومعه الأدارسة، في جبهات مختلفة، في محاولة أخيرة منهم (الأدارسة) لاستعادة مناطقهم، لكنهم لم يتمكنوا.
وعلى الرغم من أن "نجران" كان احتلها جيش الإمام بقيادة أحمد بن يحيى حميد الدين، في أبريل 1933م، لكن لم تتم السيطرة عليها إلا في أكتوبر 1933م، باحتلال مدينة "البدر".. إلا أن الإمام وجه أوامره بانسحاب نجله "أحمد بن يحيى حميد الدين"، في مارس 1934م، لإدراكه أن قواته لن تصمد أمام جيش بن سعود المزود بالأسلحة الحديثة، وقد تمكن الجيش السعودي بقيادة الأمير "سعود بن عبدالعزيز آل سعود"، من الاستيلاء على "نجران" بعد انسحاب الجيش اليمني من نجران، بينما كان الجيش الآخر بقيادة الأمير فيصل بن عبدالعزيز، قد سبق أن سيطر على جيزان، والحديدة حتى الدريهمي وقلعة الطائف.
وبناء على اتفاق أخوي بين الإمام يحيى حميد الدين، والملك عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود، وحسب طلب هذا الأخير، تم تسليم الشريف حسن الإدريسي وحاشيته، وسط استقبال وترحيب الملك عبدالعزيز بهم وبإقامتهم في المملكة العربية السعودية.
وفي وقت لاحق، أبرمت "معاهدة الطائف"، في 19 مايو 1934م، بين المملكة المتوكلية اليمنية، والمملكة العربية السعودية.
أهم ما نصت عليه "معاهدة الطائف"، ما يلي:
- بوساطة "المجلس الإسلامي الأعلى"، ورغبة من الجانبين اليمني والسعودي، لوضع حد للحروب والمآسي، تم الاتفاق بين الإمام يحيى حميد الدين -ملك المملكة المتوكلية اليمنية، والملك عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود -ملك المملكة العربية السعودية، على إبرام "معاهدة الطائف"، لتعزيز أواصر الصداقة، والسلام بين البلدين الشقيقين.
وبناء عليه، وقع المفوضان السيد "عبدالله أحمد الوزير" عن الجانب اليمني، والأمير "خالد بن عبدالعزيز" عن الجانب السعودي.
- وقد تضمنت المعاهدة إبقاء "نجران، وجيزان، وعسير"، تحت السلطات السعودية، و"الحديدة وحجة" تعودان إلى اليمن.
- جدير بالذكر، أن "معاهدة الطائف" المبرمة في 19 مايو 1934م، نصت في المادة 22، على أن تظل المعاهدة سارية المفعول عشرين سنة قمرية تامة، ويمكن تعديلها، وتجديدها خلال الستة الأشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها، فإن لم تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ، تظل سارية المفعول إلى ما بعد ستة أشهر من إعلان الفريقين المتعاقدين رغبة في التعديل أو التجديد لفترة أخرى (20 سنة قمرية).
- يتضح جليًا، حسب قانونيين:
1. أن المعاهدة لم تكن "نهائية"، وأنها لم تعطِ "حقوقًا ثابتة ودائمة" للطرف السعودي السائد في المنطقة، حتى ولو لم يحددها، أو يعدلها الطرفان المتعاقدان.
2. أن اتفاقية "فيينا" لقانون المعاهدات، تنص في المادة 52 ببطلان الاتفاقية أو المعاهدة التي يتم توقيعها بالإكراه أو في حال الانهزام، كأن يفرض اتفاق غالب على مغلوب ورضوخ المغلوب مكرهًا.
3. ونظرًا لما سبق الحديث عنه، كانت الحكومة السعودية تسعى بكل الوسائل، والإغراءات، من أجل توقيع اتفاق تقر فيه اليمن بأن "معاهدة الطائف" نهائية وشرعية، مع الاستعداد لتقديم مساعدات اقتصادية هائلة، ومشاريع، وأمور كثيرة مقابل ذلك.
ما حدث الآتي:
أبرمت "معاهدة جدة"، في 12 يونيو 2000م، بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، نصت على ما يلي:
- برعاية كل من الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية اليمنية، والملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، أبرمت "معاهدة جدة" في 12 يونيو 2000م، لترسيم الحدود النهائية بين البلدين، وإيجاد حل دائم لمسألة الحدود البرية، والبحرية، بين البلدين، بما ترتضيه وتصونه الأجيال المتعاقبة حاضرًا، ومستقبلًا.
وبناء عليه وقع المفوضان السيد عبدالقادر عبدالرحمن باجمال، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، عن الجمهورية اليمنية، وصاحب السمو الملكي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، عن المملكة العربية السعودية.
- ومن هذا المنطلق، أجمع قانونيون، وباحثون، ومراقبون سياسيون، ودبلوماسيون، وأساتذة تاريخ وجغرافيا، كما يلي:
- تعتبر "المادة الأولى" هي الأساس الذي بنيت عليه بقية مواد "معاهدة جدة"، وتنص على الآتي:
- "يؤكد الجانبان المتعاهدان: الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، على إلزامية، وشرعية "معاهدة الطائف"، كما يؤكدان التزامهما بـ"مذكرة التفاهم" الموقعة بين البلدين، في 27 رمضان 1415 هجرية/ 26 فبراير 1995م.
- وبناء عليه، تم طرح تقييم لخلاصة المعاهدة وبموضوعية وفقًا لما يلي:
1. إن توقيع المعاهدة والمصادقة عليها وإقرارها -حسب إجماع خبراء قانونيين وسياسيين ومراقبين- يترتب عليه ضرر فادح باليمن، وتفريط كبير بحقوق اليمن التاريخية، والقانونية، من خلال إصباغ صفة الشرعية على "معاهدة الطائف"، والتفريط بورقة "نجران وجيزان وعسير"، وكذا التفريط بـ"شرورة والوديعة والمناطق المجاورة، وصحراء الربع الخالي اليمنية"، والممتدة من خط العرض 22 وخط الطول 46، و52 شرقًا، تلك الأرجاء الشاسعة غنية بالنفط والغاز والمعادن، مقارنة بالإحداثيات التي جاءت في "معاهدة جدة" عند خطوط العرض (16، 17، 18) داخل عمق أراضي اليمن".
- لذلك، جاءت "معاهدة جدة" ملبية للمصالح السعودية، فاعتبر ذلك إقرارًا بتلك المساحة بصفة "نهائية ودائمة"، بعد 66 عامًا من سريان "معاهدة الطائف".
2. مما زاد الطين بلة، أن "معاهدة جدة وملحقاتها"، حسب الخبراء أنفسهم، لم تتضمن شيئًا عن تسهيل عمل اليمنيين، وتنقلهم في المملكة، وأية مزايا أخرى يمكن القول إنها لصالح اليمن واليمنيين... الخ، فما تم ترويجه من الجانب اليمني ليس له وجود في الواقع، فإن كل ما عقده "شعب اليمن" على المعاهدة كان مخيبًا للآمال.
وقد أكد الخبير القانوني زيد الفرج، أن "أعداء الحقيقة يملكون وسائل عدة تستطيع أن تخدمهم بتغيير الحقائق والامور، ومحاولة إقامة سد لا يتسرب منه شعاع ضوء. ولتجسيد المسؤولية التاريخية المبنية على الحقائق، يجب على الدولة تحديد المواقف، وبمنتهى التجرد والدقة، حول تلك المعاهدة التي وقعت على أسس غير عميقة، ولا واضحة، ولا تستند إلى الحق والعدل، سعيًا لبطلانها".
3. إن ما ورد في كل من "معاهدة جدة" الموقعة في 12 يونيو 2000م، وقبلها في "مذكرة التفاهم" الموقعة في 26 فبراير 1995م في حل قضية الحدود، وتحقيق علاقات صداقة، وتطوير العلاقات الاقتصادية، والثقافية، والمردود الاقتصادي على العمل والمغتربين، وغير ذلك من الأمور، لم يتم منها أي شيء يذكر سوى معاناة اليمنيين تحت ضغط الكفلاء، وعدم قبول أولادهم في الجامعات حتى لو كانوا من مواليد السعودية، فضلًا عن الاستغناء عن الكثير من العمالة اليمنية، وكذا تحديد الإقامات... الخ، وإنهاء جميع المزايا التي كان يتمتع بها اليمنيون خلال 66 عامًا بموجب "معاهدة الطائف".
ولله الأمر من قبل ومن بعد.