في كل بيت يمني، حكاية امرأة ترويها الجدران بصمت.
هي التي تستيقظ قبل الشمس، لتوقظ الدفء في الأرواح، وتُسكب في فنجان الشاي أو القهوة دعاءً، وفي رغيف الخبز أملًا.
ليست المرأة عمود البيت فقط، بل هي في كثير من الأحيان، سقفه وسنده وسكينته.
ولكن، أليس من الإنصاف أن نعيد اليوم التفكير في الدور الذي تلعبه المرأة داخل الأسرة، بل في المجتمع ككل؟
هل خُلقت فقط لتتحمّل؟ أم لتشارك؟ هل دورها الرعاية وحدها؟ أم القيادة أيضًا؟
في زمن تتسارع فيه التغيرات، بات واضحًا أن النظرة التقليدية لأدوار المرأة والرجل لم تَعُد كافية لضمان توازن الحياة الأسرية.
إن الأسرة الحديثة، التي تليق بكرامة الإنسان وتتماشى مع روح العصر، لا تُبنى على التفوق، بل على التعاون، ولا على التراتب، بل على التكافؤ.
ففي البيت، كما في المجتمع، لا معنى لسلطة دون مسؤولية، ولا لقوامة دون محبة.
لقد أثبتت التجارب -حتى في القرى اليمنية الصغيرة- أن الأسرة التي يُسمع فيها صوت المرأة، لا تُهدّها الرياح.
فالمرأة التي تُشارك زوجها الرأي، وتُناقش أبناءها بحكمة، وتُربّي بناتها على احترام الذات، تُنشئ جيلًا جديدًا يعرف أن العدل يبدأ من حضن الأم.
ولعل من أجمل ما يُقال في حق المرأة، أنها مدرسة. ولكن كم من المدارس تُغلق أبوابها؟
إن لم نوفّر للمرأة التعليم، والتقدير، والوقت الكافي للنمو، كيف نطلب منها أن تُخرّج قادة وروّادًا ومصلحين؟
علينا أن نكفّ عن جعل الأمومة تضحية كاملة، ونجعلها تجربة متوازنة، تُمارس فيها المرأة دورها النبيل، دون أن تُهمل نفسها أو تُطمس مواهبها.
فالأم القوية تُربّي أبناءً أقوياء، والأم السعيدة تُنبت في بيتها بهجةً تدوم.
أجل، لقد آن الأوان أن نعيد للمرأة مكانها الطبيعي في قلب القرار الأسري والمجتمع، لا بصفتها تابعة، بل شريكة.
فالأسرة التي يبنيها رجلٌ وامرأةٌ يتحاوران، يتشاوران، ويتكاملان، هي الأسرة التي تُنبت جيلًا يعرف كيف يحترم المرأة، لا لأن المجتمع أمره بذلك، بل لأنه رأى ذلك في أمه، في أبيه، في بيته.