غدًا الأحد يستكمل مجلس القيادة الرئاسي عامه الثاني، منذ إعلان نقل السلطة إليه في 7 أبريل 2022، لكنه حتى اليوم لايزال يعمل دون لائحة داخلية تنظم عمله، وكذلك الحال بالنسبة للهيئات التابعة له، ومن أبرزها هيئة التشاور والمصالحة.
غياب الضوابط المنظمة، أحدث معوقات جوهرية في عمل المجلس، تجلت في صدور قرارات انفرادية عكست حجم التباين داخل أعضاء المجلس، وغياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة.
نص إعلان نقل السلطة الذي أصدره الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي، على تشكيل فريق قانوني لصياغة لائحة منظمة لأعمال المجلس والهيئات التابعة له، على أن ينتهي الفريق من إعداد للائحة خلال 45 يومًا من إعلان نقل السلطة الذي تنازل هادي بموجبه عن كامل صلاحياته الرئاسية وصلاحيات نائبه علي محسن الأحمر، لصالح مجلس رئاسي بزعامة رشاد العليمي وعضوية 7 آخرين.
لكن مسودة اللائحة التي انتهى الفريق القانوني من إعدادها في مايو 2022، أحدثت خلافات بينية داخل أعضاء مجلس القيادة، وتم تجميدها حتى اليوم، لتبقى مؤسسة الرئاسة وهيئة التشاور والفريقان القانوني والاقتصادي المشكلان بموجب الإعلان، يعملون بلا مرجعية قانونية أو لوائح منظمة، الأمر الذي أنتج كل هذا الخواء والانقسام في صفوف الهيكل الحكومي المعترف به دوليًا.
كان من المفترض أن يناقش رئيس وأعضاء مجلس القيادة المسودة، ويضعوا الملاحظات عليها، ومن ثم عرضها على البرلمان لإقرارها وصدورها بعد ذلك كقانون، لكن تنازع السلطات والصلاحيات داخل مجلس الثمانية، كان أعمق من أن يتم التوافق على صيغة قانونية موحدة.
تحديات وخروقات
يعد مجلس القيادة الرئاسي أعلى سلطة في البلد، لكنه يمارس خروقات دستورية وقانونية واضحة، من بينها إصدار رئيس المجلس قرارات غير معلنة، وكذا إصدار قرارات أحادية من قبل أعضاء داخل المجلس.
آخر هذه القرارات صدر، الثلاثاء الماضي، عن عبدالرحمن المحرمي، عضو مجلس القيادة. القرار الذي حمل رقم 1 لسنة 2024، قضى بتشكيل لجنة من رجال الأعمال لمعالجة العراقيل التي تواجه القطاع الخاص.
وانتقد مصدر في هيئة التشاور والمصالحة المعنية بإسناد مجلس القيادة الرئاسي، القرارات الصادرة بصورة انفرادية عن أعضاء المجلس، موضحًا أن هذه القرارات تخالف إعلان نقل السلطة.
المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ"النداء" إن هناك إشكالية حقيقية داخل مجلس القيادة الرئاسي، تتمثل في تنازع السلطات، وقيام أعضاء داخل المجلس بممارسة صلاحيات رئيس الوزراء ووزراء أيضًا. وأضاف: قرار المحرمي الأخير، من صلاحيات رئيس الوزراء، باعتبارها مهام تنفيذية، وليست من مهام مجلس القيادة الرئاسي، وليس هناك تبرير قانوني لصدور قرار باسم عضو في المجلس بصورة انفرادية.
وحذر المصدر من استمرار هذا العبث، وكشف عن قرار انفرادي آخر مرتقب يعتزم عضو المجلس عيدروس الزبيدي إصداره، ويقضي بتشكيل هيئة الأركان الجنوبية، ودعا المصدر رئيس المجلس رشاد العليمي، إلى الوقوف أمام هذه التجاوزات، ووضع حد لها.
غير أن عضوًا آخر في هيئة التشاور والمصالحة قال لـ"النداء" إن تضارب الصلاحيات وغياب اللوائح القانونية التي تنظم عمل المجلس، باتت معضلة تتجاوز قدرة الرئيس العليمي على حلها، وأن ذلك يتطلب تدخلًا إقليميًا، وتحديدًا من قبل السعودية والإمارات، باعتبارهما الراعيين الرئيسيين للمجلس الرئاسي.
خلال الفترة الأخيرة انشغلت المملكة العربية السعودية التي أشرفت على نقل السلطة إلى مجلس القيادة، بمفاوضات الأبواب الخلفية مع الحوثيين، ويبدو أنها تحقق مكاسب ملموسة تتمثل في تأمين حدودها، ووقف الهجمات على مصالحها. لكنها مستمرة في دعمها للمجلس الرئاسي من منطلق مراعاته لمصالحها، وهو الأمر ذاته بالنسبة للإمارات العربية المتحدة التي تدعم عددًا من أعضاء المجلس.
ومع استهداف جماعة الحوثي للملاحة في البحر الأحمر، بات المجتمع الغربي أكثر اهتمامًا بمجلس القيادة الرئاسي، ويسعى إلى دعمه وتقويته، لكنه يصطدم بانقسامات حادة وخلافات بينية تعصف بوحدة القرار داخل المجلس، وتضعف مركزه القانوني أمام المجتمع الدولي.