بعدما اكتشف العاملون بقطاع التربية والتعليم، أنه لا أحد ينظر لمظلوميتهم التراكمية التي فاقت العقل والمعقول، بتدرجها وتدحرجها السريع الذي انعكس هو الآخر سريعًا على معيشتهم ومن يتولون رعايته من أسر، وهنا ظهر واضحًا وجليًا أنه لم يعد للصبر مكان حتى يموتوا جوعًا مع أسرهم مع قلة ما يأتيهم من رواتب زهيدة لتغطي لهم شيئًا من متطلبات العيش الكريم في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار قوتهم،
وحتى الخيارات التي أمامهم فهي خيارات قليلة جدًا، بل بات أمامهم خيار واحد وحيد، فكل الخيارات جربوها ولم تجدِ نفعًا، وما بقي من خيار هو التوقف الاضطراري عن العمل، وهذا الخيار كما نحسن الظن بهم أنهم أقدموا عليه مكرهين لا فرحين، كيف لا وهم لهم أبناء كبقية الناس يدرسون ويريدون لهم مواصلة دراستهم.
ولكي ننصفهم بشيء من الصدق، فإن ما أقدموا عليه من عمل بات لزامًا ولا بديل غيره لكي يلقى صدى واسعًا، ويتعاطف كل الناس معهم حتى تحل مشكلتهم، وما حل بهم من ظلم لا يجب السكوت عنه، بل ندعو الجميع للتضامن معهم، فهم منا وفينا، وهم من على أيديهم تأتي الكفاءات الإدارية في كل دوائر ومؤسسات الدولة.
فمن ينظر بعين الصدق والحياد لما يطالب به التربويون، فهو شيء شرعي وقانوني، فكيف نريد منهم مواصلة أعمالهم، وهذه الأعمال تزيدهم وجعًا على ما بهم من وجع.
لنتعمق أكثر، هل سيكون المعلم حاضر الذهن ومهيئًا نفسه أثناء تدريسه لتلاميذه، وهو خرج من بيته ويعلم أن هذا البيت يفتقد أشياء ضرورية كثيرة، ويعرف أنه سيعود من المدرسة خالي الوفاض مثلما خرج فاضي سيعود فاضي!
وهل خطواته ستكون متسارعة مثلما كان في الماضي الجميل الذي مر عليه وهو كان مرفوعًا رأسه بكبرياء وشموخ لا يفكر إلا في كيفية ترغيب طلبته في حب الدراسة، فهو كان لا يحتاج لشيء آخر إلا اهتمامه بأسرته الأولى البيت والأسرة الثانية المدرسة ومن فيها من طلبة.
وأخيرًا هل رغبته للتدريس مثلما كانت في السابق أيام العز، أم أنها ستكون مختلفة تمامًا هذه المرة، وهذا ما هو حاصل بسبب سياسات ظلم التربويين من قبل حكوماتنا المتعاقبة، وعدم الاهتمام بهم كبشر لهم في كل دول العالم احترام وتقدير، بل خصوصية وامتيازات كثيرة، فهم يعدون منارًا للعلم والمعرفة، إلا عندنا دمرناهم وأهناهم وبهذلناهم، ويأتي من الناس السذج والمغفلين من يطالبهم بمواصلة عملهم.
فلنطلقها مدوية، وبصوت عالٍ: أنصفوا التربويين.
مرة أخرى.. للتربويين حقوق فأعيدوها
2024-02-27