إن أقدار الله الجميلة والخيرة للناس، لن تتحقق وتكتمل إلا إذا انتهى الشر في الأرض، ومادام هناك حروب مستمرة وسفك دماء لناس وأطفال أبرياء، فإنه من الصعوبة التأكد أن الأمور تسير على خير ما يرام.
إسرائيل عازمة على الاستمرار في الحرب للقضاء على حماس كما تقول، باعتبارها شرًا مستطيرًا على مستقبل الدولة اليهودية، لكن وبعد مرور عدة أشهر من هذه الحرب، لم يعرف الناس ما إذا كانت إسرائيل حققت نتائج حاسمة لصالح هذا الهدف. فالمعروف أن الذي تحقق هو إبادة الشعب الفلسطيني في غزة، وتدمير كل مقدراته وممتلكاته وبنيته التحتية، بطريقة همجية ووحشية غير مسبوقة.
ماذا تفعل إسرائيل في غزة إذن، إن كانت غير قادرة على تدمير حماس؟ هناك بالتاكيد أمر مخفي بانتظار أن تكشفه السماء، والأفضل لإسرائيل أن توقف هذه الحرب فورًا، وتنخرط في عملية مفاوضات للانسحاب من قطاع غزة، ثم يتم الاتفاق بين الفلسطينين على سلطة تدير القطاع بمشاركة جميع فصائل المقاومة، بما فيها حركة فتح.
حماس المنتمية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، أعتقد أنها لن تكون بحاجة للاستمرار في الارتباط بهذا التنظيم، الذي أوصلته سياساته الغبية والخاطئة في كثير من الدول إلى حالة انسداد معرفي وسياسي وتحلل قيمي، أنتج صدامًا مع سنن الله وأقداره في الأرض، من منطلق اعتقاد لدى الجماعة أنها تمثل الله في الأرض، ومتحدثة باسمه، وباسم الإسلام، وهذا خطأ كبير وخطير، إذا ما قارنا ذلك بالأفعال التي تصدر عن الجماعة والحركات والأحزاب التابعة لها، التي تولت أو شاركت في السلطة في دول عديدة، ناهيك عن الانغلاق الكبير لدى التنظيم وأتباعه، وعدم التعاطي والقبول بالآخر، والذي لا يؤهله ليكون حاكمًا على منطقة أو دولة فيها شعب متنوع ومتعدد.
من الأفضل لحماس أن تتخلى عن رب تنظيم الإخوان، وتعود إلى رب الأرباب الحق، وسيكون أمامها المجال مفتوحًا للاحتفاظ بقدراتها كحركة مقاومة فلسطينية وطنية، وشريكة في أية سلطة مشتركة في غزة أو فلسطين.
طوفان الأقصى، سيبقى ذلك اليوم الأغر في تاريخ فلسطين والأمة، وهو بكل تأكيد ذلك الحدث الذي أعاد للأمة انبعاثها الجديد والمهم في مسار التحولات الكبيرة التي تنتظرها المنطقة والعالم.
ليس من مصلحة أمريكا أن تستمر الحرب في غزة، لأن ذلك سوف يغرقها بحرب شاملة في المنطقة، ستهوي بها من القمة إلى القاع، قد تكون الحرب اختبارًا لأمريكا ليتم تمحيصها جيدًا من الذنوب، لكنها بكل تأكيد لن تعيدها لموقعها في صدارة العالم، إذ إن النظام العالمي الجديد الذي يتشكل منذ فترة ويستكمل تكويناته في ظل الأحداث الجارية، سيكون مختلفًا تمامًا، ومغايرًا، والهيمنة فيه لقوى الخير والسلام.
توقفوا عن الحروب يا قوم، فإن الباطل والشر في زوال، واحذروا أن تزولوا معهما.
من تحارب إسرائيل في غزة؟
2024-02-16