في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني من أزمات اقتصادية وإنسانية حادة، تمضي الحكومة اليمنية في مسارها المشبوه في صفقات النفط، والتي تشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل البلاد.
كشفت مصادر اقتصادية لـ"النداء" عن مخالفات جسيمة في الاتفاقية الموقعة بين الحكومة اليمنية وشركة إماراتية لإنشاء مصفاة لتكرير النفط الخام وخزانات للنفط ومنطقة صناعية بميناء الضبة في حضرموت.
وتشمل هذه المخالفات عدم تحديد رأس المال ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع والدراسات الفنية والهندسية والمسوحات الطبوغرافية والبحرية، بالإضافة إلى وجود أخطاء في بند تحديد موقع المشروع.
كما تتضمن الاتفاقية التي اطلعت "النداء" على نسخة منها، والموقعة في 22 فبراير 2023، بندًا ينص على أن شركة مليح (الإماراتية) هي الشركة الوحيدة المؤهلة لإنشاء المصافي في ميناء الضبة، وهو ما يخالف اتفاقية الشراكة السابقة الموقعة بين شركة مصافي حضرموت ووزارة النفط اليمنية والحكومة اليمنية، والتي تمنح شركة مصافي حضرموت حق إنشاء المصافي في ميناء الضبة.
الحكومة اليمنية لم تضع في اعتبارها مصلحة البلاد في هذه الاتفاقية، بل فضلت مصلحة شركة مليح على حساب شركة مصافي حضرموت التي تمتلك الحق الشرعي
مصافي حضرموت تطالب بتعويضات تصل إلى 233 مليون دولار وأشارت المصادر إلى أن هذه المخالفات تهدد بضياع مليارات الدولارات، إذ يأتي هذا الكشف في وقت رفعت فيه شركة مصافي حضرموت (ميد غاز) قضية تحكيم دولية بخصوص أحقية الشركة في إنشاء مصافٍ في ميناء الضبة.
وتطالب شركة مصافي حضرموت بتعويضات تصل قيمتها إلى 233 مليون دولار كتكاليف لرأس المال ودراسات الجدوى، إضافة إلى تسهيلات حصلت عليها من بنك الصادرات والواردات الكوري.
تأسست شركة مصافي حضرموت عام 2002 بموجب اتفاقية شراكة بين شركة ميد غاز (الإماراتية) ووزارة النفط اليمنية والحكومة اليمنية، وتم التصديق عليها بقرارين جمهوريين، لتصبح بذلك الشركة الوحيدة المؤهلة لإنشاء مصافي النفط في ميناء الضبة.
تؤكد هذه المخالفات على عدم التزام الحكومة اليمنية بالدستور والقوانين المنظمة، مثال قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية في ما يخص إنشاء مصافٍ في محافظة حضرموت.
وتشير المصادر إلى أن الحكومة اليمنية لم تضع في اعتبارها مصلحة البلاد في هذه الاتفاقية، بل فضلت مصلحة شركة مليح على حساب شركة مصافي حضرموت التي تمتلك الحق الشرعي في إنشاء المصافي في ميناء الضبة. مبينة أنه كان الأولى بالحكومة القيام بواجباتها بتطوير شركة مصافي عدن، التي ستوفر مئات الملايين من الدولارات الخاصة بشراء وقود الطاقة من الخارج، بالإضافة إلى رفد المالية العامة للدولة.
فساد وإهمال يهدد مصافي اليمن
قبل ثلاثة أشهر، كشفت لجنة برلمانية يمنية عن مخالفات وفساد في قطاع المصافي في البلاد، بما في ذلك حجب المعلومات عن البرلمان، وعدم الإعلان عن مناقصة لإنشاء مصفاة جديدة، وإهمال تشغيل مصفاة عدن.
بحسب تقرير اللجنة، امتنعت وزارة النفط اليمنية عن تزويدها بنسخة -رغم طلب اللجنة لذلك- من الاتفاقية الموقعة مع شركة مليح الإماراتية لإنشاء مصفاة في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، ودون الإعلان عن مناقصة للمشروع، ما يعد مخالفًا لقانون المناقصات والمزايدات.
وإذا استمرت هذه المخالفات، فقد تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للحكومة اليمنية، وإلى تعطيل الاستثمارات في قطاع الطاقة في اليمن
وأشار التقرير إلى أن شركة مصافي عدن، التي تمتلكها الحكومة اليمنية، متوقفة عن العمل منذ عام 2017، بسبب عدم استكمال بناء محطة الكهرباء التابعة لها. مؤكدًا أن الشركة الصينية التي كانت تعمل في المشروع، تركته بسبب عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها من قبل الحكومة اليمنية.
وأشار رئيس الوزراء معين عبدالملك، خلال تقرير برلماني نشرته "النداء"، إلى أن الحكومة قدمت العديد من التسهيلات لشركة مصافي عدن، بما في ذلك 10 ملايين دولار ورفع تعرفة التخزين، وذلك لضمان تشغيلها.
وأوضح عبدالملك أن الشركة الصينية، التي تقوم بتشغيل مصفاة عدن، قادرة على رفع شكوى ضد الدولة في سنغافورة بموجب العقود السرية الملحقة، وستأخذ فلوسها من دون أن تستكمل عملها. لافتًا إلى أن حكومته لم تفتح العديد من الملفات المتعلقة بقطاع النفط، بما في ذلك أرقام ميناء الزيت التي بلغت المليارات.
تؤكد هذه المخالفات عدم التزام الحكومة اليمنية بالدستور والقوانين، بما في ذلك قانون المناقصات والمزايدات، والاتفاقيات المنظمة لإنشاء مصافي النفط في اليمن.
وتشير إلى أن الحكومة اليمنية لم تضع في اعتبارها مصلحة البلاد في هذه الاتفاقية، بل فضلت مصلحة شركة مليح على حساب شركة مصافي حضرموت التي تمتلك الحق الشرعي في إنشاء المصافي في ميناء الضبة.
وإذا استمرت هذه المخالفات، فقد تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للحكومة اليمنية، وإلى تعطيل الاستثمارات في قطاع الطاقة في اليمن، وهو ما سيؤثر سلبًا على مستقبل الطاقة في البلاد.