عاودت رابطة أسر المختفين قسريًا في اليمن، نشاطها قبل أسبوعين، من العاصمة التاريخية صنعاء. وهذه الخطوة ازدادت أهميتها بمشاركة رئيسة الرابطة سلوى زهرة ونائبتها د. ناديا شعفل عمر، والرئيس الأسبق للرابطة وضاح سلطان أمين القرشي، وآخرين من أعضاء الهيئة الإدارية والأعضاء المؤسسين، وأبرزهم درهم هائل العبسي وشفيع علي عبدالمجيد شقيق الشهيد فتحي، والنجل الأصغر للمختفي قسريًا علي عبدالمجيد (1983).
وقفة احتجاجية لأسر المختفين قسرياً في صنعاء 2012 أمام منزل الرئيس هادي (صفحة الرابطة على فيسبوك)
هذا الاجتماع أقرب ما يكون إلى التأسيس الثاني، إذ إن الرابطة بسبب الحرب تعطل نشاطها في السنوات السابقة، وتعمل الآن في بيئة وطنية جديدة سمتها الأبرز هي الانقسام الوطني سياسيًا وجغرافيًا بين مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي، وبينها العاصمة السياسية صنعاء، ومناطق تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وبينها العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية، بما فيها تعز، والشرقية وأولاها مدينة مأرب.
جغرافيا جديدة تفرض نفسها على الهيئة الإدارية للرابطة، وتلزمها الحذر قبل الإقدام على أية خطوة قد يتم توظيفها من قبل أطراف الصراع في اليمن، وبخاصة الحوثيين.
الرابطة هي يمنية، ومهتمة بمصير المختفين قسريًا في أراضي الجمهورية اليمنية (وجزرها)، ومعنية بضحايا الاختفاء القسري منذ الستينيات وما 1990.
هذا لا يعني أن تقف جامدة تجاه أية خطوة يقدم عليها الحاكمون في صنعاء أو عدن، فهي بالتأكيد سترحب بأي قرار أو إجراء يخدم أهداف الرابطة، وأهمها كشف مصير أي مختفٍ قسريًا في أية بقعة يمنية.
هم معتقلون سياسيون صاروا. مرضى عقليين! لماذا تجاهلهم الجميع؟ (مصحة دار السلام- الحديدة، 2012)
لقد قوبلت أسر المختفين قسريًا برفض، صريح أو ضمني، لوجودها، من قبل الأحزاب السياسية اليمنية، في المرحلة الانتقالية (2012-2014)، بل إن الأحزاب السياسية اليسارية والقومية، كانت أول من أشاح وجههه عن الرابطة، رغم أن أغلب المختفين قسريًا هم من أعضاء هذه الأحزاب، وعددًا من ابرز الضحايا هم قيادات تاريخية يمنية، أبرزهم عبدالفتاح إسماعيل الذي قُتل على الأرجح في ظروف غامضة، في يناير 1986، وفق تلميحات سياسيين يمنيين، وعدم اقتناع أسرته بالرواية الرسمية حول مقتله.
إن التاريخ القريب منذ تأسيس الرابطة (مارس 2012)، يعلمنا جميعًا، وليس قيادة وأعضاء الرابطة فقط، أن السياسي اليمني عدو صريح لضحايا الصراعات السياسية في اليمن، أيًا تكن توجهاتهم، وليس في وارد الانشغال بمطالب الأسر، وأن الاختفاء القسري ليس سلوكًا مورس في الماضي، بل يمارس حاليًا، وأشهر هؤلاء محمد قحطان الذي تم اعتقاله في 2015. وعليه فإن مصداقية أي طرف تبدأ بالكشف أولًا عن مصير السياسيين وغيرهم الذين اعتقلهم خلال سنوات الحرب، وذلك هو المحك والبرهان والدليل إلى إنهاء هذا السلوك المقيت!