جمعتني بصديقي المرحوم داؤود الحمادي مهنة المتاعب (الصحافة) 1986م صحيفة 26 سبتمبر داؤود الحمادي الذي كان حينها مخرجا ً للصحيفة بجانب الفنان المهندس عبدالحكيم مقطري.. عندما كان ينقص الصحيفة كرسي الخطاط الشاغر. ومن الذي سيحتل مكانة الخطاط الخبير السوري رياض ميدو الذي غادرها فجأة... بل قام المدير الرائد علي حسن الشاطر بطلب خطاط سوري أيضا زهير صباغ، فلم يملأ فراغ الخطاط رياض ميدو، فاهتز جمال ومنظر الصحيفة وشعر زهير بعدم القناعة بخطه فغادر سريعاً.
داوود الحمادي في ذمة الله (صورة أرشيفية)
وقد كنت سبق لي وأن توظفت بصحيفة الثورة كخطاط.. تقدمت بطلب التعاقد مع التوجيه المعنوي كخطاط وكان استغراب الجميع آنذاك؛ كيف بخطاط عمره لا يتجاوز الـ20 سنة، سيتمكن من اقناع مدير عام التوجيه المعنوي علي حسن الشاطر، الذي للأمانة كانت له ذائقة فنية مكتسبة بالفطرة وخط جميل بالقلم العادي.
لقد كنت امتلك من الشجاعة الممزوجة بالثقة في آن واحد بأن أكتب وأوزع المسافات والاختيار لحجم القلم ونوع الخط. مباشرة وبتلقائية، والجميع حول رأسي واقفين وما إن كتبت على الصفحة التي أخرجها عزيزي داؤود مباشرة وبتحديد دقيق للخط دون تلكؤ أو رتوش...
كان صديقي المخرج يجلس على الكرسي الدائر المرتفع - الملبي لحاجة الفنان والمهندس ــ وطاولة الرسم ويديه على خديه يتأمل وينحني برأسه يميناً وشمالاً مستمتعاً. وحين خلصت صفق ودار بالكرسي دورة كاملة وصرخ.. ياسلاااااااام.. ياسلااااااام. هذا ضربة معلم.
وابتهج الكل بسريرة وابتسامة ترتسم على محياهم جميعاً.. وانهالت الاسئلة من وين أنت؟ وأين تعلمت؟ كان ردي في منطقتي ذبحان مسقط راسي. حينها بدأ التفاوض على المرتب.. وببراءة، قلت كيف كانت صيغة العقد للخبير رياض ميدو.. فقهقه الكل بالضحك؟ لأن عقده كان كبيراً جداً يتجاوز مرتبهم جميعاً مع المدير علي حسن الشاطر. إضافة لبيت مفروشة وسيارة.
كان ردي بثقة خطي أجمل. وكان عزيزي الجميل داؤود الحمادي يغمز لي من خلفهم بأن اتريث بالمفاوضة محبة بأن ابقى معه بالعمل. فكان الرد بأن رياض ميدو الخطاط السوري كان يعمل فترتين صباحاً ومساءً. وكنت أحتاج لفترة من وقتي كأي أواصل دراستي الجامعية.
فطلبت نصف العقد. وكان 4 آلاف ريال بما يوازي بسعر قيمة العملة اليمنية الف دولار.
فكان ردي بالموافقة وقمت بالدوام صباحاً وبأعمال التوجيه المعنوي من كتابة الشهادات والبراءات وبطائق دعوات الرئاسة والتهاني العيدية للرؤساء. والأختام.
داوواد الحمادي حارساً لطليعة السبعينيات (من صفحة أحمد منصر)
بعدها تحمس الأخ والصديق داؤود لفتح محل الدعاية والإعلان برأس شارع العدل وكان يحضر لي بالأعمال والأعمال ذات الأهمية من الكتابة الخطية والتصميم. إلى إن جمعتنا صحيفة الرياضة. بكل المحبة والود والعيش المشترك. كان طروبا ً ودودا ً مرحاّ حركة دؤوبة لا تكل ولا تمل
كان بيته الذي استطاع كسبه وتحقيقه على الجبل وكان راعياً في فنائه للأغنام وبقرته الحلوب الذي يجمع لها البرسيم من اسواق المدينة.
رحمة الله تغشاك يا صديقي الجميل والودود.. غفر الله لك واسكنك فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون
دمعة رثى أسكبها على ثرى قبرك
صديقك المخلص
أحمد منصر الذبحاني