يعرف أحمد كمال محمد أحمد النعمان الأحياء العريقة داخل وحول شارع المساحة بالدقي بيتًا بيتًا.
نشأ الحفيد الأول للأستاذ أحمد النعمان في هذا الحي العريق بمدينة القاهرة، ودرس الابتدائية والمتوسطة هناك نهاية الخمسينيات ومعظم الستينيات. وكان لاعب كرة قدم حرّيفًا ضمن الأندية المدرسية، حيث فاز فريقهم بالكأس على مستوى مصر ذات مرة.

قبل أيام عصرًا كان أحمد كمال (74 عامًا) يطوف بنا ماشيًا ضمن جولة داخل مربع جوقة بيوت ساسة اليمن خلال ثلاثة عقود (الخمسينيات والستينيات والسبعينيات) في القاهرة، وتحديدًا المربع الفسيح الذي يقع مبنى السفارة اليمنية في إطاره.
يمشي مثل وليد جنبلاط بقامة رشيقة خفيفة وظهر بدأ ينحني: "وهنا كان مقر الاتحاد اليمني.. وهذا منزل السيد علي المؤيد أول مندوب لليمن في جامعة الدول العربية".
ويواصل أحمد كمال محمد أحمد النعمان بعد أن انعطف يمينًا باتجاه شارع جابر بن حيان: "وهذا المبني ذو الأربعة الطوابق الذي وقعت فيه قصة مداهمة حكومة النعمان سنة 66، وأخذوها إلى معتقل ليمان طرة"، ويضحك.
"أحمد كمال" هو نجل النعمان الابن (نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية) الذي اغتيل في بيروت سنة 1974، وأحمد كمال اسم مركب أطلقه الأستاذ النعمان (جد أحمد كمال) كي يُعرف به ويميزه عن غيره هروبًا من تكرار اسمي أحمد ومحمد في سلسلة التسمية داخل العائلة، وصار يعرف به. وجاء هذا الاختيار -أيضًا- تيمنًا بالصاغ/ النقيب أحمد كمال أبو المجد، رئيس أول بعثة عسكرية مصرية إلى اليمن سنة 1954، وكان صديقًا للأستاذ.
جالس أحمد كمال جده النعمان أكثر من والده الذي اغتيل في بيروت وأحمد يدرس في الجامعة الأمريكية في عمر 23 عامًا.
"كان الوالد شعلة من النشاط والحركة، وكان رجل علاقات ومبادرات من الدرجة الأولى"، متذكرًا والده الراحل والسياسي الفذ محمد أحمد نعمان.
ولد أحمد كمال في مدينة حجة يوم 2 سبتمبر 1951، داخل أحد البيوت الملحقة بسجن نافع، وفي عام 1957 انتقل مع الأسرة إلى القاهرة بجواز سفر صادر عن المملكة المتوكلية اليمنية لايزال يحتفظ به إلى اليوم.
رافقته قبل أيام، ومعنا الصديق محمد الصلوي، في جولة إلى المنزل القديم بحي المساحة -الدقي، الذي نزل فيه النعمان عقب خروجه من سجن حجة، والذي نشأ فيه الحفيد أحمد كمال، والمنزل يقع على الجهة اليسرى من شارع المساحة الذاهب باتجاه النهر (رقم 32)، لكن ويا للأسف لم يعد البيت قائمًا، حيث تم هد المبنى، ويجري التأسيس لبناء برج في مكانه.

التقطنا على مساحة الأرض صورة تذكارية فحسب! ولم يعثر أحمد كمال سوى على الشجرة التي أسهم بنفسه في سقيها إذ كانت صغيرة وباتت اليوم ضخمة وهائلة.
ويتذكر أحمد كمال كيف أن مساحات واسعة في تلك المنطقة كانت ملاعب لطلاب المدارس، وبالذات مدرستي الأورمان والجلاء (الجلاء في شارع عكاشة) اللتين تحتفظ ذاكرة أحمد كمال بالكثير من قصص وحكايات ومشاكسات الطفولة والشباب.
يشير إلى المدينة الجامعية هناك بالقرب من شارع "السبكي"، وحيث ملاعب جامعة القاهرة الترابية يومها.
بالقرب منهم كان هناك بيت لأم كلثوم، وبيت للموسيقار الكبير محمود إسماعيل، والعديد من المشاهير. وعلى مسافة ليست ببعيدة كان هناك بيت لسيف الإسلام إسماعيل نجل الإمام يحيى، والزبيري أيضًا كان أحد نزلاء هذا الحي. ثم إن محمد عبدالملك المتوكل كان له منزل هناك.

المنزل الوحيد لشخصية يمنية الذي لايزال صامدًا ومتوارثًا للأسرة، هو منزل السيد علي المؤيد، المندوب الشهير لليمن في جامعة الدول العربية، في النصف الثاني من الأربعينيات.
يجيد أحمد كمال محمد أحمد التحدث بثلاث لغات ضمن مستوى رفيع أهلته، لأن يكون المترجم رقم واحد داخل السفارة اليمنية في القاهرة منذ عام 1977، إلا أن راتبه توقف منذ فترة دون أسباب واضحة، ويشكو أنه لم يستطع أن يحصل حتى على تأشيرة خروج لحضور حفل زفاف ابنته في دولة أوروبية.

وأحمد كمال النعمان هو من قام بترجمة كتاب المحكمة الدولية الخاص "الحكم الدولي في السيادة والحدود البحرية اليمنية/ الإريترية" بجزيرة "حنيش"، والمكون من جزأين، إذ إن الحكم الأول صدر في مجلد كامل، والحكم الثاني في مجلد آخر تباعًا.