إلى الصديق المثقف والإداري والإنسان الأستاذ عدنان محمد عبدالجبار.. مثقف دون ادعاء، وقائد إداري كبير، يمتلك عقل منظمٍ ممتلئ بالقيم الأخلاقية العامة، وبالنتيجة يمتلك نظرة ورؤية شاملة لمعنى الإدارة، بمواصفاتها المدنية والدولتية المعاصرة.. هو أحد أهم كوادر الدولة اليمنية في مجاله، يتعاطى مع الإدارة كعلم، وفن، ومع الناس كمواطنين في الدولة، والأهم: بمسؤولية القائد الإداري، وبنفس الطريقة السوية مع الجميع.. هو بحق إضافة نوعية على المستوى الإداري والقيمي، وصورة لمعنى القائد الإداري، يُشرِّف ويُجمِّل ويُزيِّن صورة أي مكان يكون فيه، كرمز لمعنى الإدارة الحديثة، في الدولة اليمنية المنشودة.
إليه مع خالص المودة والتقدير.
نجح المثقف والسياسي اليمني في اختياراته الثقافية والسياسية، بعد قرون من الجمود والركود في ظل حكم الإمامة، نجح في اختياره السياسي مع بدء عقد الستينيات (ثورة 26 سبتمبر 1962م)، ولكنه رسب في اختبار تحقيق وتنفيذ تلك الاختيارات في امتحان الممارسة، في تحويل الاختيار إلى واقع سياسي اجتماعي اقتصادي مستقر، يحمل صورة وصيغة الثورة المنجزة.
كان أول رسوب في الامتحان مع انقلاب أو حركة 1948م، التي يعتبرها البعض ثورة النخبة الثقافية (محسن العيني)، وأنا وغيري كثر، ممن يعتبرونها أول حراك سياسي ثقافي ودستوري معاصر ضد الإمامة السياسية الراكدة في التاريخ.
وأول علائم وملامح ذلك الرسوب، بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، هو "الفشل" الذي كان على صعيد عدم تحقيق "الإصلاح الزراعي"، في الريف، حتى في حدوده الدنيا، الذي يعتبر عنوان العدالة الاجتماعية العميق، كما أننا فشلنا على صعيد إنجاز وتحقيق الخيار السياسي الديمقراطي على مستوى النظام السياسي، ولاحقًا على مستوى الإدارة الديمقراطية في داخل الأحزاب، لأسباب مختلفة: موضوعية، وذاتية، وتاريخية.
هذه البداية المركبة والصعبة، والتاريخية في جزء منها، هي التي حكمت وتحكمت بكل سياقات التحولات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد ضمن تجربة بناء السلطة والدولة في شمال البلاد.
نجحت تجربة الدولة في الجنوب على مستوى العدالة الاجتماعية، وإلى حد بعيد على مستوى بناء الدولة الشمولية، في واقع شروط الحرب الباردة، ولكنها قطعًا رسبت وفشلت على مستوى الإدارة السياسية الديمقراطية داخل الحزب وفي قلب السلطة والدولة، والتي انعكست آثارها السلبية على كل المجتمع، بعد أن صار الحزب، دستوريًا، هو "القائد للدولة وللمجتمع"، ولذلك بنيت دولة على مقاس الحزب، وليس وفقًا لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، وحين تعرض الحزب لنكسات الممارسة السياسية الديمقراطية الداخلية، كانت الدولة والحزب معًا هما أول الضحايا.
أي أننا رسبنا على مستوى العدالة الاجتماعية، لأننا بالدرجة الأولى فشلنا على مستوى توطين الديمقراطية في بنية النظام السياسي، لأن العدالة الاجتماعية، والديمقراطية وجهان لعملية سياسية اجتماعية تاريخية واحدة، ومن هنا غياب المثقف والثقافي والاجتماعي الوطني، في قلب العملية السياسية الوحدوية المعاصرة، ولم يكونوا شركاء ومشاركين فعليين -تحديدًا- في صناعة قرار الوحدة، كان السياسي الحزبي غير الديمقراطي بمستوياته المختلفة في الشمال والجنوب، هو من يقود صناعة مجد عظيم، كانت الوحدة عملًا وطنيًا جبارًا ونبيلًا، نفذته وقادته قامات صغيرة -بدرجات متفاوتة- بصرف النظر عن حسن النوايا، ذلك أن النوايا الطيبة في السياسة تقود إلى الجحيم، وما نعيشه اليوم هو بعض تداعيات ذلك الجحيم.
">كان السياسي الحزبي والعسكري القبلي هما متفردين، من يحركان ويقودان المشهد السياسي الوحدوي كله، ضمن حسابات لا علاقة لها بالديمقراطية، ولا بالعدالة الاجتماعية، ولا بالرؤية القانونية والدستورية الواضحة والواقعية لمعنى الوحدة، ولا لمعنى بناء الدولة، طبيعتها وكيفيتها، وما هو مستقبلها؟! ومن هنا سهولة الانقضاض عليها، "الوحدة الفورية"، حسب تعبير د. أبو بكر السقاف، وعلى طابعها السلمي، وعلى شعارها التعددي، لصالح وحدة "دولة القبيلة والعسكر وجماعة الدين السياسي"، تحت شعار "الوحدة وكفى"، الوحدة بالدم وبالحرب.
تم في هذا السياق الحربي والدموي تدمير الطابع السلمي للوحدة، وتحولت التعددية إلى شعار يخدم خطاب الحرب ونظام الحرب، تم معه تجريف العمق السياسي والثقافي والوطني للوحدة وللديمقراطية، المتمثل في تجربة دولة الجنوب اليمني، وكان منجز العدالة الاجتماعية والموقف من المرأة " قانون الأسرة"، تحديدًا في الشطر الجنوبي، هو الأضحية والتضحية الكبرى، وبعدها الانقضاض على ما تبقى من الهامش الديمقراطي، ومن العدالة في كل اليمن، بعد فرض سياسات "التكيف الاقتصادي الهيكلي"، "الخصخصة"، حيث تمت تصفية اقتصاد الدولة (القطاع العام)، بدءًا من اقتصاد الجنوب (دولة الجنوب السابقة)، الذي تحول كله إلى غنيمة حرب "فيد للمجاهدين وشيوخ القبيلة"، سياسات اقتصادية تم من خلالها تدمير بنية الدولة الاقتصادية، وبالنتيجة تحجيم وتصفية مكانة ودور الطبقة الوسطى، التي تراجع دورها سريعًا لصالح الفئات والشرائح الطفيلية، المعبرة عن صيغة الرأسمال السياسي السلطوي.
لقد ضعف وتراجع معها دور المثقف في كل ما يجري في البلاد، من تراجع دورهم السياسي ودورهم الثقافي ودورهم التنويري سواء على مستوى الأحزاب، أو على مستوى المجتمع والدولة، بل وعلى مستوى الإنتاج الفكري والثقافي والأدبي، وتحول "اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين"، على يد البعض، إلى مجرد غطاء كرتوني للانفصال، وهو ذاته، ما يبشرنا به البعض، على مستوى الحزب الاشتراكي اليمني! بالحديث عن "حزب اشتراكي جنوبي"، بعد أن تم تجريف السياسة، والسيطرة على بنى ومؤسسات الدولة لصالح الطغمة "العفاشية"، "الزبائنية"، وجماعات اللواء علي محسن الأحمر التكفيرية، والرموز المشيخية، تحولت معه هذه الجماعات إلى سلطة فعلية، ألغت وصادرت الدولة في أكثر من مكان في البلاد (الشمال والجنوب).
اليوم، كما في الأمس القريب، لم نعد نسمع كلمة "لا"، في خطاب المثقف، ولا في خطاب السياسي إلا نادرًا، وعلى استحياء، وتحت صيغ مواربة، تحكمها أيديولوجية "التقية". لقد ابتلع السياسي الرسمي "السلطوي" صورة المثقف، وصار صوت السياسي (العسكري، أو المتماهي في جبة شيخ القبيلة) هو الأعلى والأقوى من صوت المثقف المدني الديمقراطي، هي مرحلة صعبة وحرجة على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والوطنية، وبخاصة في واقع سيطرة الجماعة الحوثية "أنصار ﷲ"، في صنعاء، والمليشيات المسلحة المناطقية والجهوية في الجنوب!
إن حديثنا عن السياسي اليمني السلطوي، أو المعارض، صار اليوم فائضًا عن المعنى، لأنه لم يعد لمثل هذا الحديث أية قيمة واقعية ملموسة، حيث السياسي السلطوي، والمعارض، من داخل السلطة، ومن خارجها، صارا مندمجين ومستوعبين ومستغرقين في جبة وجلباب السياسي الأجنبي، بعد أن التهم السياسي الخارجي (الكفيل) كل تفاصيل وملامح (الوكيل)، أي بعد أن هيمن الخارج على كل تفاصيل المشهد السياسي اليمني، حتى إنك لا ترى في المرآة سوى صورة "المناديب السامين" الأجانب يملؤون فراغ الساحة السياسية اليمنية، ويتحركون معلنين الحلول لمشاكلنا الوطنية (الداخلية) من السياسة العامة للدولة، إلى مشكلة الراتب، إلى حل القضايا الإنسانية، حتى تشكيلهم هيئات سلطات الدولة العليا، بما فيه شكل ومحتوى النظام السياسي، بعد أن تحولت المشكلة اليمنية إلى قضية خدمية، وإنسانية، في صورة مشردين، ونازحين، ولاجئين بالملايين في الداخل وفي الخارج.
حين نحاول جمع حصيلة كل ما يكتب، ويقال، وينشر من معلومات وأرقام وتقارير حول الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والمالي اليمني، لا نرى صورتنا كيمنيين في كل ما يكتب وينشر من تحليلات، ومن وصفات حلول لمشاكلنا، وصفات حلول لا صلة لها بالواقع سوى تكريس اللحظة السياسية الراهنة إلى مدى غير معلوم، وجعل الحرب، وإدارة الحرب حالة مستدامة تحت مسمى "هدن حربية مؤقتة"، هي عنوان لكل مستقبلنا الآتي، هذا ما تقوله حصيلة التحليلات للسياسة والاقتصاد ولسعر الريال والدولار، وللحرب.. واقع اقتصادي وسياسي يتحرك من السيئ إلى الأسوأ.
إن معظم ما ينشر من كتابات وتحليلات لا صلة لها بالواقع اليمني وعلى حساب الدم اليمني، لا تقول لنا إن هناك مستقبلًا منظورًا مبشرًا، ينتظرنا كيمنيين، والسبب أن السياسي والمثقف اليمني، قبلا أن يستتبعا للسياسي الخارجي بدرجات وصور مختلفة، من الصمت على ما يجري، أو من خلال تبرير وشرعنة كل ما يحصل، بل والدفاع عما هو حاصل!
بدون مراجعة عقلانية وطنية نقدية للحرب/ الجريمة في العام 1994م، وما جرى بعدها من عدوان واحتلال وتشريد لأبناء الجنوب، ومن غنيمة لكل اليمن، لا يمكننا أن ننطلق خطوة واحدة للأمام. والغريب والعجيب أننا حتى اللحظة نسمع ونقرأ عمن يدافع ويشرعن تلك الحرب/ الجريمة، بل هناك من يحاول إعادة إنتاجها تحت عناوين سياسية وعسكرية مختلفة: طارق صالح، وأحمد علي عبدﷲ صالح، وغيرهما!
في تقديري، ما لم تُدن سياسيًا ووطنيًا، وما لم تجرَّم قانونيًا ودستوريًا حرب 1994م، فلن نتمكن من الدخول لبناء مشروع سياسي نهضوي ديمقراطي تعددي على أي مستوى كان. وما لم ندرك خطورة وكارثية كل ما يحصل اليوم، واللحظة، ونبدأ ببلورة رؤى ومخارج نقدية لكل ما حصل، وما يحصل اليوم، فسنظل نتحرك في دائرة مفرغة ومغلقة، على جذر تلكم الأزمات التاريخية التي ماتزال تتوالد أمامنا، في صورة كل ما يجري، وليس آخرها صورة وواقع "الهاشمية السياسية"، فجراب الحاوي مفتوح على "صناديق بندورا" قد تجعل حياتنا لعقود طويلة قادمة كارثية.
علينا أن نستجمع قوانا، ونرى أين نحن نقف، وهل نحن مصطفون ومتوحدون على الحد الأدنى من الخيارات السياسية والوطنية، بعد أن وجدنا أنفسنا محشورين، ومحصورين عند بعض المطالب الاجتماعية، والنتائج المأسوية الإنسانية التي أفرزتها الحرب، وبدون إدراك أن هذه النتائج لها مقدمات، وأسباب سياسية ولدتها وأنتجتها، فلن نتمكن من تقديم حلول ناجعة وواقعية لتلك النتائج، لأنها ستظل تعيد إنتاج نفسها بعد كل صفقة هدنة حربية، فالنتائج لم تصنع نفسها، بل هناك أسباب أنتجتها، وقوى سياسية اجتماعية قادت إليها، وهي من قادت وأدارت دفة زمام الحرب، ومن تعيد إنتاجها دوريًا.
إذا كان تعريف الإنسان، أنه مجموع علاقاته الاجتماعية، فالمثقف هو الخلاصة الإبداعية النوعية لهذه العلاقة، هو القوة الناعمة لها، يتحدد دوره ومكانته في أنه يعيد صياغة المعنى العام للحياة، ويقود دفة التغيير، أو التعويق للحركة للأمام، أو للخلف حسب موقفه الطبقي، وموقعه الأيديولوجي/ السياسي.. والأهم بحسب موقفه من الخيار السياسي الديمقراطي، ومن التعددية، وهو في كل ذلك يعيد تكوين ذاته، واسمه، وهويته في قلب جدل هذه العلاقة.
اليوم نرى أن المنطق العقلي في رؤية وتحليل الواقع يتراجع، ذلك أن التفكير العقلاني النقدي في الواقع ليس فحسب مستلبًا ومرتهنًا للعقل السياسي الخارجي، بل هو -مع الأسف- تفكير يزداد تخلفًا يعود بنا القهقرى إلى الزمن الماضي، زمن العصبيات:المذهبية، والطائفية والقبلية والمناطقية والجهوية، والسلالية، تفكير لا تقف خلفه "ثقافة وطنية"، صلبة متماسكة، ولا رؤى ديمقراطية واضحة للحاضر وللمستقبل، بعد أن تم تفكيك وضرب وتجريف بيئة وبنية الثقافة الوطنية اليمنية في عمقها التاريخي، من قبل أطراف في الداخل والخارج.
إن ضرب الفكر العقلاني، والفكر النقدي والفكر العلمي في أي مجتمع، يبدأ من لحظة فصل العلة عن المعلول، والسبب عن النتيجة، والأخطر هو محاولة إيجاد حالة من التناقض بين المعرفة، والمصلحة، التي معها تنتشر الخرافة، وبالنتيجة محاولة السياسي السيطرة على الثقافة، والهيمنة على دور المثقف، ومحاولته (السياسي) تجميع مصادر القوة الثقافية في يده وإلى جانبه كسلطة، والأهم تحويل الصراع السياسي الطبقي إلى صراع مذهبي طائفي جهوي قبلي سلالي. وعند هذه اللحظة، تكتمل فعلًا مصادرة الفكر العلمي، وضرب التفكير العقلاني النقدي، والذي وصل إلى حد محاولة الاعتداء المنظم على وعينا التاريخي "ثقافتنا الوطنية التاريخية"، وتشويه وعينا بأنفسنا، وبمجتمعنا، وبتاريخنا، وبالمتعدد والمتنوع في داخلنا. وهو ما يتحقق في بلادنا منذ أكثر من عقد من الزمن -على الأقل- والذي وصل إلى حد إنكار البعض لهويته اليمنية، وتجريد نفسه من وعيه التاريخي، ومن انتمائه الوطني اليمني، واستبدال كل ذلك التاريخ العظيم بتسمية جغرافية "الجنوب العربي"، وهي تسمية استعمارية، كمصطلح سياسي، لا تدل على شيء، ولا صلة لها بالواقع ولا بالتاريخ.. وهنا تكمن مأساتنا الثقافية الوطنية، وهي سياسة يشتغل عليها البعض في الداخل وفي الخارج، وكأن المشكلة والأزمة مائلة في الوعي التاريخي، وفي الثقافة الوطنية المشتركة، مع أن هناك دولًا في عالم اليوم، تشترك الدولة الواحدة فيها، بأكثر من عشرين قومية، ومئات اللغات والديانات والثقافات، ولا نسمع فيها من يتحدث عن أن الانفصال هو الخيار السياسي الوحيد.
ذلك أن جوهر المشكلة كامن في العمق والجذر السياسي الاستبدادي لطبيعة السلطة والحكم، وليس في الوحدة والتاريخ.. الاستعمار بكل عنفه ووحشيته وصلفه "الأنجلوسلاطيني"، وحدنا باتجاه صناعة هوية يمنية وطنية تاريخية، وكانت دولة الاستقلال 30 نوفمبر1967م، نموذجها، وبدايتها، وهي التي يُعرض بها البعض اليوم، وكأن ما لم يتمكن الاستعمار من إنجازه ضدنا في الماضي، نقوم به اليوم بأيدينا، وبأنفسنا، ونيابة عنه في صورة إنكار "الهوية اليمنية"، من جهة عند البعض، ومحاولة البعض العودة بنا إلى "الهاشمية السياسية"، ضدًا على منطق السياسة والواقع والتاريخ من جهة أخرى، وكله تعبير عن أزمة في الذات وفي الفكر وفي الواقع.
إن مستقبل اليمن المعاصر يبدأ من بحث دور ومستقبل نخبه الفكرية والثقافية والسياسية، النخب الثقافية، والسياسية التي يتراجع -مع الأسف- دورها لصالح السياسي الوكيل في الداخل، والكفيل (المندوب السامي) في الخارج.
كنا نشكو من ابتلاع السلطة (النظام السياسي) للدولة، ونطالب ببناء دولة لجميع مواطنيها، لنجد أنفسنا بعد الانقلاب والحرب 2014م، أمام مليشيات مذهبية قبلية، مناطقية، جهوية وسلالية حلت بديلًا عن الدولة، بدعم من الخارج (السعودية والإمارات وإيران). والمطلوب بلورة رؤية فكرية سياسية ثقافية وطنية حول كل ما يجري في الشمال والجنوب، وتحديد الأولويات في قلب هذه الرؤية، في عنوان استعادتنا للدولة بأنفسنا، والعمل باتجاه إعادة بناء الجيش على عقيدة قتالية وطنية، جيش وطني، يعبر عن الخارطة الجغرافية، والديموغرافية لكل اليمن، وبعدها العمل لإعادة الإعمار برؤية وطنية متوازنة شاملة، للدخول إلى مشروع النهضة الوطنية الديمقراطية لكل اليمن، سواء تحت صيغة دولة "فيدرالية"، أو "كونفيدرالية"، أو حتى "تقرير المصير"، إذا كان ذلك تنفيذًا للإرادة الشعبية الحرة للناس في الجنوب والشمال، وبصورة ديمقراطية ودستورية، وتحت رعاية وإشراف دولي، بعيدًا عن خطاب "الوحدة بالحرب"، أو الانفصال بالاستقواء بالخارج، الذي حوَّل الأرض اليمنية إلى ساحة للصراعات الخارجية على أرضنا، على حساب راهن ومستقبل بلادنا. فمثل ذلك المنطق من الوحدة والانفصال والسلام الموهوم "الكاذب"، تحت شعارات الهدن الحربية، لن يعيدنا سوى إلى دوامة مربع العنف ومسلسل الحروب التي لن تنتهي.