الحوارات الخلفية مع الحوثيين -كما أشار تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية- سوف تسعى إلى تقوية مركز الحوثيين، وإضعاف جميع الأطراف اليمنية الأخرى، بطريقة أو بأخرى، لاسيما في ظل تلبية شروط الحوثيين، وتقديم التنازلات لهم من قبل التحالف، والمتضمنة دفع المرتبات، وتخصيص حصة من إيرادات النفط المستخرج من الجنوب، وفتح الموانئ والمطارات، وزيادة عدد الرحلات الجوية من مطار صنعاء وغيرها.
وهذا في تصوري قد يدفعهم في ما بعد لرفض الحوار مع الطرف اليمني الآخر المتمثل بالشرعية، أي المجلس الرئاسي وحلفاؤه، أو القبول بمشروع الحوار والتسوية وفق شروطهم، وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك سيؤدي إما إلى حرب جديدة وواسعة لتعزيز سيطرتهم على الشمال والاتجاه جنوبًا، وإما إلى تسوية يكونون فيها الطرف الأقوى والمهيمن.
وما نراه من محاولات لإضعاف الجنوب، وتشتيت وتفكيك قواه السياسية والعسكرية، إنما يندرج ضمن هذا المخطط الخطير، لإعادة الجنوب في ما بعد إلى باب اليمن من جديد، إما بتسوية غير عادلة، وإما بالقوة عبر الحرب والإخضاع، وهذا المخطط نفسه الذي يجري في دول عربية عديدة، ويهدف إلى تمكين الشيعة من الهيمنة وحكم اليمن، والدور آتٍ على السعودية أيضًا في ما بعد.
لكن توقعاتي لما سيحدث إن نجح هذا المخطط، هي رفض اليمنيين لهيمنة الحوثي وحكمه لليمن، لاسيما في الجنوب السني بالكامل، وبالتالي اندلاع حروب كثيرة وتوسع رقعتها، جنوبًا وشرقًا وغربًا وفي الوسط، وهذا يعني في ما يعنيه، إدخال البلد في دوامة مستمرة من الصراعات والحروب، سوف تؤدي إلى تمزيقه وتفتيته إلى عدة كانتونات ضعيفة ومهترئة، وهذا ما يريده فعلًا المخرج الخارجي، مما يحدث ويجري في اليمن منذ فترة طويلة وحتى اليوم.
سوف نؤكد ذلك بالأدلة والوقائع العديدة، ونكشف أبعاد هذه اللعبة الخطيرة، وكيف تشارك الشرعية وقوى عديدة فيها، في تحليل معمق لمركز مسارات قريبًا.