صنعاء 19C امطار خفيفة

من يحتج ضد من في عدن؟

شيء محيّر ما يجري في عدن.

الناس خرجت تطالب بما هو أبسط حقوقها: حياة كريمة، خدمات أساسية، كهرباء، ماء، وأمان. شعارات المحتجين واضحة، لا لبس فيها، فهي ليست شعارات أيديولوجية أو سياسية، بل مطالب معيشية وإنسانية بحتة.

 
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: ضد من خرج المحتجون؟
المنطق يقول إن الاحتجاجات تُوجَّه دائمًا ضد الجهة الحاكمة، أو الجهة التي تتحكم بالقرار وتدير الحياة اليومية. وفي حالة عدن، من يملك السيطرة الفعلية على المدينة؟
الإجابة ببساطة: المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يشارك أيضًا في "الشرعية"، ويُمثل أحد أركان السلطة التي يُفترض أنها تدير شؤون البلاد.
إذن، فإن الاحتجاجات هي ضد الانتقالي، وضد الشرعية بمجموعها، من باب تحميل من في الحكم مسؤولية تدهور الأوضاع.
لكن الغريب أن نرى مناصري المجلس الانتقالي يخرجون في الشارع بالتزامن مع هذه الاحتجاجات.
هل هم جزء من المحتجين؟
هل خرجوا لمساندتهم؟
أم خرجوا في وجههم؟
ما يحدث على الأرض يوحي بأن دخول مناصري الانتقالي على خط الاحتجاجات لم يكن بهدف الدعم، بل بدا أحيانًا كأنه استفزاز للمحتجين أو محاولة للسيطرة على المشهد وخلط الأوراق.
وهذا ما يُنذر بصدامات، ويُفرغ التحرك الشعبي من مضمونه الحقيقي، ويحوله إلى ساحة صراع سياسي بين أطراف متنازعة، بدل أن يكون تعبيرًا حرًا عن غضب المواطنين من تردي الخدمات وغياب الدولة.
وهنا نطرح سؤالًا بسيطًا:
لماذا لا يتنحى الانتقالي ومناصروه جانبًا، ويتركون الناس تعبّر عن غضبها؟
أليس من الأولى أن يتصرفوا كجهة مسؤولة تُنصت للمطالب، وتحمي المحتجين، لا أن تنافسهم في الشارع؟
بل إن من واجبهم -بصفتهم سلطة- أن يمنعوا أية محاولات لركوب موجة الغضب، وأن يتدخلوا فقط حين يسعى طرف ما إلى حرف مسار الاحتجاجات نحو الفوضى، لا أن يكونوا طرفًا فيها.
نذكّر هنا بتجربة سابقة:
حين خرج اليمنيون في 2011 ضد نظام علي عبدالله صالح، لم يكن أنصار النظام يقتحمون ساحات الثورة، بل اختاروا ساحات خاصة بهم، في مشهد وإن كان مصطنعًا حينها، لكنه حافظ على الحد الأدنى من وضوح الموقف واحترام الشارع.
اليوم، إن كانت هناك رغبة حقيقية لدى الانتقالي في بناء دولة، فعليه أن يبدأ باحترام الشارع، لا بمزاحمته.
فمن يملك القرار، هو من يتحمل المسؤولية.
ومن يحكم، هو أول من يُسأل.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً