صنعاء 19C امطار خفيفة

كارثة مدفوعة الثمن

عرفت الأمة العربية في التاريخ المعاصر ثلاث نكبات كبرى، وانتصارًا تحول إلى هزيمة.

 
نكبة 48 تولى كبرها، وتحملت مسؤوليتها الأنظمة الملكية في مصر وسوريا والأردن والعراق، وامتدت الآثار إلى الأنظمة العربية الحاكمة.
في 1967 كانت النكبة الأكبر والأشنع، وتحمل النظامان القوميان المصري والسوري، مع النظام الملكي الأردني، المسؤولية عن الكارثة، والمساءلون حتى اليوم عن أسبابها ونتائجها.
في 6 أكتوبر 1973، حقق الجيش المصري والسوري انتصارًا مباغتًا وقويًا انتهى بهزيمة مهينة، وأسهمت الخلافات بين القيادة العسكرية والقيادات السياسية والخلافات المصرية السورية في تحويل الانتصار المحدود إلى هزيمة كاملة.
الكارثة الثالثة بدأت باجتياح عدد من المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، باختراق السور الإسمنتي الممتد 65 كيلومترًا مربعًا، والمزود بكل وسائل وتقنيات التكنولوجيا الحديثة وآلات التصوير شديدة الحساسية والدقة.
"طوفان الأقصى" 7 أكتوبر 2023 أرعب الكيان الصهيوني المحتل والمسيطر على غزة والمحاصر لها منذ عام 1967 (قرابة نصف قرن)، والمحظور عليها دخول السلاح، والمقتر عليها الغذاء والماء والدواء. غزة الواقعة تحت حروب متكررة وحصار دائم يقظٍ ومستمر، والمحاطة بسياجات منيعة وحظر من الجهات الأربع.
اجتياح المقاومة الفلسطينية أيقظ كبرياء وعفاريت الاستعمار القديم والجديد، وعتاة الإمبريالية والصهاينة، لاستحضار كل جرائم الحرب على غزة (الثلاثمائة وستين كيلومترًا مربعًا) والمليونين وربع المليون فلسطيني.
رمت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بثقلها الاستعماري التقني والعلمي الاستخباراتي إلى جانب الجيش الإسرائيلي لإبادة وتهجير غزة والضفة الغربية. صمود غزة والمقاومة وعدم الاستسلام يزيد من تصاعد حرب الإبادة.
العنصرية الصهيونية والتوحش الاستعماري ينظران إلى النظام العربي القائم على أنه تابعٌ ومذلول، وأنه يمكن فرض قبول التهجير والتطبيع الإبراهيمي بالغلبة والقوة، وليس عبر الحوار أو التفاوض.
نتائج زيارة ترامب للسعودية وبعض دول الخليج أكدت صدق النظرية لدى ترامب ونتنياهو واليمين الصهيوني: أن الحرب والإبادة هما الوسيلة الوحيدة للحصول على الغنائم والإتاوات. يستولي نتنياهو على الأرض في فلسطين وسوريا وجنوب لبنان، ويستولي ترامب على عائد كبير من ثروات النفط.
بعيدًا عن الأوهام، فإن الأمة العربية والمنطقة كلها مسرح لكارثة قائمة، وفي الفصل الأخير ستكون -بكل المقاييس- أبشع مما سبق، ويترتب عليها نتائج تزري بكل ما سبقها.
نكبات الأمة العربية تبدأ من فلسطين وتطال الأمة كلها. العقلية الصهيونية والاستعمارية القديمة والجديدة ترى أن شعوب العالم الثالث لا ينفع معها إلا القوة، وهو الأسلوب الذي اتبعته العصابات الصهيونية منذ مطلع القرن الماضي في فلسطين، واستخدمه الأوروبيون والأمريكان مع الأمة العربية. القمة العربية في بغداد خائبة، وكل القمم العربية خائبة، وقد تكون هذه أشبه بتوزيع دم النكبة على المنطقة العربية وعلى النظم العربية القائمة كلها.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً