صنعاء 19C امطار خفيفة

اليهود وفصام الكفر والإيمان

في توصيفه لليهود واليهودية يذكر الدكتور عبدالوهاب المسيري أنَّ العقيدة اليهودية تضمُّ عددًا من العقائد غير المتجانسة والمتناقضة بشكل عميق؛ بحيث يمكن الحديث عن «يهودي ملحد» داخل إطار العقيدة اليهودية.

 
وهو في هذا يستخدم عبارة «اليهودية كتركيب جيولوجي تراكمي»؛ ليشير إلى هذا الوضع.
فالتركيب الجيولوجي -بحسب اصطلاحه- يتسم بأنه يتكون من طبقات جامدة مستقلة تراكمت الواحدة فوق الأخرى، ولم تُلغِ أية طبقة جديدة ما قبلها؛ فطبقاتها تتجاور، وتتزامن وتتواجد مع بعضها البعض، إلا أنها لا تتمازج ولا تتفاعل، كما أنها لا تلغي واحدتها الأخرى.
ويشير المسيري إلى أنَّ الفليسوف إسبينوزا حين طُرِدَ من حظيرة الدين اليهودي أنَّ «مجلس السنهدرين»؛ وهو أعلى سلطة دينية يهودية منذ عصر المسيح، قام بمحاكمته فريقان دينيان كانا يسيطران عليه أوانذاك: «الصدوقيون»، و«الفريسيون». وبينما كان الفريق الأول لا يؤمن بالبعث أو اليوم الآخر، كان الفريق الثاني يؤمن بهما. ومع هذا تعايشا وتقاسما السلطة الدينية.
ويعقب الدكتور المسيري قائلًا: "فكأنّ اليهودية تفتقر إلى معيارية حقيقية واحدة محددة؛ ولذا فمن الممكن أن يُشيرَ الدالّ الواحد إلى مدلولين متناقضين".
ذكرني كلام المسيري بقصة ذكرها المعري في «رسالة الغفران»، أنه "لمَّا أجلى عمرُ بن الخطاب -رحمة الله عليه- أهل الذِّمة عن جزيرة العرب؛ شقَّ ذلك على الجالين، فيقال: إنَّ رجلًا من يهود خيبر يُعرف بِسُمير بن أدكن قال في ذلك:
يصولُ أبو حفصٍ علينا بِدَرَّةٍ * رُويدكَ إنَّ المرءَ يطفو ويَرْسُبُ
كأنكَ لم تتبعْ حُمولةَ ماقِطٍ * لِتشبعَ؛ إنَّ الزادَ شيءٌ مُحبَّبُ
فلو كانَ موسى صادقًا ما ظَهرتمُ * علينا، ولكنْ دولةٌ ثُمَّ تذهبُ
ونحنُ سبقناكم إلى الميْنِ فاعرفوا * لنا رُتبةَ البادي الذي هو أكذَبُ
مَشيتُمْ على آثارنِا في طريقِنا * وبُغيَتُكمْ في أنْ تسودوا وتُرهَبوا
فهذا اليهودي ما إنْ ذاقَ مرارة الهزيمة حتى رفع عقيرته مجاهرًا بالكفر بنبوة موسى الذي هو الآن يزعم تطبيق شريعته، ويقوم باحتلال أرض فلسطين بناءً على تعاليمه، وإبادة شعب بأكمله باسم هذه الديانة التي ينتحلها ويزعم الإيمان بها.
 
شرح بعض المفردات:
المين: الكذب.
الماقط: هو الذي يحمل لك أغراضك التي لا تتمكن من حملها.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً