في 20 ديسمبر 2016، توفي بصنعاء الصحفي المهتم بالموضوعات الاستقصائية محمد عبده العبسي، في شبهة تسميم بعد تناوله العشاء مع أحد أصدقائه. روت شقيقته الواقعة بالقول: "كان يتعرق بشكل غير مألوف في ظل برد الشتاء الشديد في صنعاء"، وبعد لحظات من دخوله غرفته، "سمعنا صراخ زوجته، فأسرعنا إلى غرفته فرأيناه متشنجًا، وعيناه مفتوحتان، حاولنا مساعدته لكنه لم يكن يستجيب لنا". وتضيف العبسي أنه كانت تخرج من فم محمد "رغوة شديدة لونها أصفر، ولم نستطع حمله من دون مساعدة، لأن جسمه أصبح أثقل، وحين وصلنا إلى المستشفى القريب من المنزل، كان جسده أزرق، أخبرَنا الطبيب أنه توفي".
في 6 أبريل 2018، توفي فجأة الشاعر علي هلال القحم، وبعد أسابيع من وجود الجثمان في ثلاجة الموتى في المستشفى الجمهوري، دفن على عجل دون أن يُشعر الكثير من أصدقائه، ولم تقم له مراسيم عزاء. وهلال أحد أصوات التمرد الشعري في الألفية، وعبرت قصائده عن مزاج الهامش، وكتبت بتلقائية شديدة بدون سيلانات لغوية أو فذلكات. وأصدر في حياته مجموعة شعرية وحيدة حملت عنوان "غربة الخبز".
وفي مدينة عدن توفي فجأة الشاعر والمثقف المعروف أبو القصب الشلال، في منتصف شهر أبريل 2018، وهو يتابع صرف مرتباته، في واحد من تراجيديات القدر في بلاد الاحتراب. وأبو القصب شاعر ولغوي وباحث وصحفي وسياسي معروف، أصدر كتابًا في الألفاظ والمعاني، وعملًا سرديًا عنوانه "رحلة إلى وادي العسجد"، جميع أبطاله من الحيوانات.. وهي تتضمن نقدًا لاذعًا يرسم كاريكاتوريًا وبصورة بالغة السخرية اختلال المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي، وكان قبلهما أصدر مجموعة قصصية حملت عنوان "الخياط الشجاع".
في 26 يناير 2019، توفي بصنعاء الفنان التشكيلي عبدالجبار نعمان، بعد متاعب صحية جمة. ونعمان هو أحد أبرز الفنانين التشكيليين اليمنيين من جيل الريادة، واتجه في أعماله رسم تفاصيل الحياة اليومية بكثير من الخصوصية اللونية. نعمان من مواليد 1949، في منطقة ذبحان التابعة لمديرية الشمايتين، بمحافظة تعز، وفيها بدأ تعليمه للمرحلة الابتدائية، ثم انتقل إلى عدن لإكمال تعليمه، وفيها أيضًا، بدأ حياته المهنية مدرسًا في "كلية بلقيس"، التي تأسست مطلع ستينيات القرن الماضي، درس الفنون وتخرج في "كلية ليوناردو" في القاهرة، عام 1973، ومنذ سبعينيات القرن الفائت نظم العديد من المعارض في اليمن وكل من روسيا وبلغاريا وألمانيا وبريطانيا ومعظم الدول العربية.
في 18 مايو 2019، توفي بعدن فريد بركات، ابن مدينة عدن وأحد آباء الحداثة الأدبية والثقافية في اليمن. فريد فارقنا بعد بعد أن ترك إرثًا متنوعًا ومهمًا؛ شعرًا ونقدًا وتنظيرًا سياسيًا لا يمكن القفز على تميزه وثرائه في حال مقاربته بالدرس والفحص.
لفريد الكثير من القصائد المغناة التي صدحت بها حناجر رواد الأغنية العدنية، كأحمد قاسم، وسالم بامدهف، ومحمد مرشد ناجي، ومحمد عبده زيدي، وفرسان خليفة، وعبدالرحمن باجنيد، وفتحية الصغيرة، وأمل كعدل، ومن أشهر قصائده المغناة: "خائف من حبك، طيف الحبيب، في عيونك، يا سامعين الصوت، الوصية، اشتقت لك، أجمل هوى، حمام الشوق، صبوحة خطبها نصيب، طريق الحب" وغيرها الكثير، وله باعه الإداري الطويل في المؤسسة الثقافية الرسمية، حيث شغل فيها العديد من المواقع المتقدمة على نحو رئاسة مجلة "الثقافة الجديدة" في إصدارها الأول في العام 1970، ورئاسة التلفزيون، وشغل موقع نائب وزير الثقافة، ورئاسة مجلة "قضايا العصر".
فريد من مواليد العام 1946، وتخرج من آداب جامعة القاهرة في العام 1968، وكان اسمًا على مسمى، في تعامله ووعيه الرفيع. حين كانت تجمعنا الجلسات والمقايل أو الفعاليات في عدن أو صنعاء، كانت الأنظار والأسماع تتوجه إليه حين يتحدث، أو يعقب، أو يشرح، وحين يستذكر الوقائع الغزيرة.
وفريد أحد مؤسسي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الأوائل، مطلع سبعينيات القرن الماضي.
في 30 يوليو 2019، توفي بمدينة عدن حامد جامع، المثقف الرفيع والمترجم النابه، والأهم الإنسان النبيل.
في ضجيج السبعينيات تشكل في إطار اليسار، وكان شاهدًا على التحولات الاجتماعية والثقافية في المدينة التي أحبها، فأقامت تحت جلده الأسمر، وكان يقول وبضحكته المميزة إنه صومالي، لكنه خلاصة عدن المدينة الكوزومبوليتية التي اختلطت فيها الأعراق والأديان (الصومالي والهندي والعربي) و(المسلم واليهودي والمسيحي والبوذي والبهائي والوثني).
كان قريبًا جدًا من الجاوي وعبدالرحمن عبدالله والقرشي عبدالرحيم وجعفر الظفاري وعبدالله محيرز وأحمد قاسم دماج ومحمد عبده نعمان وسعيد عولقي وعبدالباري طاهر وحسن عبدالوارث، وكل أعلام اليمن من مثقفين وأدباء وسياسيين.
كان يعهد إليه بتصحيح مجلة "الحكمة" إبان رئاسة الجاوي لها، ولاحقًا صار أحد أعمدة صحيفة "التجمع" في إصدارها الأول مطلع التسعينيات، فكان يقول عنه الأستاذ أحمد قاسم دماج: نحن نتعلم اللغة وحب الجغرافيا من هذا الصومالي.
حين ترجم الجزء الثاني من كتاب ديفيد سمايلي المسمى "مهمة في الجزيرة العربية"، والمتعلق باليمن، في الثمانينيات، كان يقدم درسًا بليغًا للمترجمين في الاجتهاد والانضباط المفاهيمي وسياقات البناء اللغوي الموازي.
صدر له عن مجلة "قضايا العصر"، في العام 88، كتاب مترجم عن الإنجليزية اسمه "كاسترو والدين"، وهو جملة حوارات ومحاضرات ومقالات للزعيم الكوبي عن الدين. وهناك كتاب ثالث له عنوانه "الموقع الأخير"، وهو عبارة عن ترجمة لمذكرات ضابط وسياسي إنكليزي عن السنوات الأخيرة له في عدن.
ويحتفظ بأكثر من خمس مخطوطات لكتب مترجمة ومقالات ودراسات وتأملات، كان يعد الكثير من أصدقائه باقترابه من نشرها. لم يتزوج، وكان يقول إنه تزوج الكتب والقراءة والتسكع اللذيذ، وعاش حياة ثرية في محبة الناس واكتشاف العالم القابع في بطون الكتب وسير الكائنات المحلقة عاليًا في الغرابة والإدهاش.
في 19 ديسمبر 2019، توفي بصنعاء الشاعر الغنائي عبدالله هاشم الكبسي، عن 83 عامًا، والذي له العديد من النصوص المغناة بأصوات مطربين معروفين، ومنها: ما بال الحب يعذبني، وغناها أحمد السنيدار، إلى جانب أغنية حبوب حبوب لا تغضب، وأغنية رد السلام واجب، وغناها محمد حمود الحارثي، نعم نعم يا قمري المناظر، وغناها الفنان يحيى العرومة، أشكي بمن، وغناها ولده الفنان فؤاد الكبسي.
في 8 مارس 2020، توفي في أحد مشافي القاهرة الشاعر والباحث في التراث الشعبي علي أحمد بارجا، رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ومدير مكتب الثقافة في سيئون. صدر له عدد من الدواوين الشعرية؛ وهي: "رَوَاء" و"أشرعة الروح" و"نبض يتشكل حرفًا" و"رد نجمي في سماك" و"العش الصغير" من المسرح الشعري. صدر له في التراث الشعبي عدد من الكتب، منها: "الدان الحضرمي (دراسة تاريخية وصفية)"، "كتابات في الأدب والتراث اليمني (دراسات وأبحاث"، "المعجم الهادي إلى لهجة الوادي"، "الشاعر الحكيم أبو عامر" (طبعتان)، من أدب النخلة.
في 2 مايو 2021، توفي بعدن شيخ المراسلين اليمنيين محمد عبدالله مخشف، عن 75 عامًا، بعد رحلة طويلة من العمل الصحفي المميز، ابتدأت في العام 1965 مع صحيفة "الأيام" العدنية، وانتهاء بعملة كمراسل لوكالة "رويترز" لأكثر من نصف قرن.
في 13 مايو 2021، توفي الشاعر والصحفي محمد يحيى المنصور، عن 54 عامًا، بعد مضاعفات لورم الرئة. والمنصور أحد شعراء جيل التسعينيات، وله مجموعة شعرية وحيدة عنوانها "سيرة الأشياء"، وتولى لفترة رئاسة تحرير صحيفة "الأمة" التي كان يصدرها "حزب الحق"، والذي كان محمد أحد قياداته.
(يتبع)