صنعاء 19C امطار خفيفة

الوجه الإفريقي الغائب لليمن القديم

2025-04-30
الوجه الإفريقي الغائب لليمن القديم
فلكلور عفري إثيوبي(منصات التواصل)

بعيدًا عن الوعي المركزي لتاريخ ما بعد الإسلام.. وبعيدًا حتى عن محددات علم الجيوبوليتك في الفكر السياسي المعاصر، فثمة وجه آخر غائب لليمن موازٍ لوجهه العروبي.. ألا وهو الوجه الإفريقي..! هذا الوجه الذي تبلور وتراكم في اليمن القديم عبر علاقة ثقافية وميثيولوجية متفاعلة ومتكاملة مع الهضبة الإثيوبية والقرن الإفريقي، وتشكلت من خلال تلك العلاقة مشتركات ثقافية وطقوسية وأنماط لعلائق اجتماعية متفاعلة..

 
تم طمرها واضطهادها وسلخها في العصور اللاحقة، وبالتحديد الإسلامية بشكل ممنهج. لكن ورغم ذلك الاضطهاد والتجريف والإلغاء، ظل الموروث الشعبي والفلكلوري والتراثي اللامادي محتفظًا ببعض سمات ومسامات ذلك الوجه القديم، باعتبار أن الموروث الشعبي أحد أهم الحقول الثقافية العميقة التي قاومت كل أشكال الاضظهاد والتجريف عبر الصيرورة التاريخية!
لو عايش أحدنا اليوم معايشة حقيقية وعن قرب اختلاطي، وبعيدًا عن افرازات الحداثه مجتمع الهضبة الإثيوبية بقومياتها الرئيسية (الأمهرة والأرومو والتيغراي والعفر) لوجد في نفسه، وفيهم ثمة ألفة تتنهد بمكنونات إنسانية وزفرات جمالية كتيمة وكأنها تعبر عن حالة تعاشق وطمأنينة لحب عميق ومشتركات وجدانية قديمة، وأيضًا لوجد أنماط علائق مجتمعية وسلوكية وقيم وأعراف ثقافية تكاد تكون في جوهر جزء غالب منها وجهًا آخر لتلك التي يعيشها في اليمن! هذه الجغرافيا الثقافية والميثيولوجية والتراثية والعلائقية المطموسة فوق عروبة القلب والوجدان، بحاجة إلى من ينقب عنها، ويعيد اكتشافها وإنتاجها حتى تكتمل ملامح الوجه الحضاري لليمن! ثمة نكهة وطقوسية -يمنية إفريقية- مشتركة مازالت تفوح وتتراقص في مجمل الرقصات والموروثات الفلكلورية في سواحل اليمن وهضبة إثيوبيا إلى اليوم، وأي شخص بقليل من التركز والتمعن يدركها ويتلمسها من أول وهلة!

وهنا أدعو كل الباحثين إلى الوقوف عند هذه المسألة الجوهري وتوجيه جهودهم في سياقها.. ومع أني لست باحثًا أو متخصصًا، فإني سأحاول أن أكتب عن المسألة لاحقًا بشكل ممنهج ما أسعفتني قدراتي المتواضعة لذلك!
 
ــــــــــــــــــ
الصور الأولى لفلكلور عفري إثيوبي، والثانية لفلكلور حضرمي، أما الثالثة فهي لإنجيلا ابنتي في حفل زفاف إثيوبي بالخرطوم في 2020م.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً