التكتلات التي تقوم على أسس سليمة وقواعد صلبة ومصالح مشتركة، تحصن الأوطان وتزيدها منعةً وقوةً في مواجهة التحديات التي تنذر بعالمٍ مضطرب بدأ يتشكل بلا مبادئ ولا أخلاق؛ حيث القوي يستنزف الضعيف ويطوعه. وقد بدأت معالم هذا العالم تتشكل وتطلُّ بوحشيةٍ متناهية.
أمام هذه التحديات، اليمن لن يطفو وسيُغرق دون الارتباط بالخليج؛ فهذا خياره الصحيح والوحيد. وكذلك الخليج، دون اليمن، لن يقلع بعيدًا، وهذه حقيقةٌ لا مفرَّ منها. واليمن، بجغرافيته الممتدة وموقعه المتميز وثرواته وتعداد سكانه وتنوعه الفريد وثقافته العريقة وتراثه الأصيل وتاريخه الحافل، يشكل إضافةً نوعيةً كمًّا وكيفًا، ومكسبًا كبيرًا مطلقًا لا عبئًا على الخليج، والعكس صحيح.
إن جذور معظم مَن يقطنون الجزيرة تعود إلى اليمن؛ هذا ما دونه التاريخ، وقاله المثقفون والأدباء والمؤرخون المنصفون، وردَّده ملوكُ وأمراء الجزيرة. كما أكدتْه فحوصاتُ الحمض النووي (الجينية) لسكان الجزيرة، التي أشارت إلى تطابقها بين سكان اليمن والحجاز ومكة وقلب الجزيرة وغربها. وبالنتيجة، نحن نتحدث عن شعبٍ واحد.
على هذه الخلفية، تأتي أهمية دعوة الأمير تركي إلى انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي (أو تحوُّله إلى "مجلس اتحاد دول الجزيرة العربية")، حيث سيصبح تعداد سكانه أكثر من ١٠٠ مليون نسمة، مع ثرواتٍ مشتركة قد تكون الأكبر في العالم.