صنعاء 19C امطار خفيفة

بي بي سي تلاحق الفايد

بي بي سي تلاحق الفايد
بي بي سي تلاحق الفايد

عجيب أمر قناة بي بي سي البريطانية العالمية التي يبدو أن فريق عمل قسم البرامج الوثائقية فيها ومن يقف وراءهم لم يجدوا ما يشغلهم في خضم الأزمات والمشاكل التي تعصف ببريطانيا والعالم، سوى ملاحقة رجل الأعمال الأوروبي المصري الأصل الراحل محمد الفايد، الذي اشتهر بملكيته لمركز التسوق الشهير في لندن "هارودز"، ثم ملكيته لأحد نوادي لندن الرياضية، والذي توفي العام الماضي! فقد بثت القناة مؤخرًا برنامجًا وثائقيًا تحدث فيه عدد ممن زعموا أنهم كانوا أو وقعوا ضحية لتحرش أو اعتداء جنسي أو اغتصاب من قبل الراحل محمد الفايد، خلال سنوات عملهم في المتجر الشهير...

 

وبغض النظر عن مدى صدق المزاعم من عدمه، وليس دفاعًا عن الراحل، إلا أن الغرض الواضح بجلاء من البرنامج، هو تشويه سمعته وتشويه سمعة المتجر الشهير الذي بات مملوكًا لشركة استثمارية عربية منذ 2010!

 

وبطبيعة الحال، لم يتمكن الراحل محمد الفايد من الدفاع عن نفسه أو دحض المزاعم، لأن البرنامج أنتج بعد وفاته، إلا أن منتجي البرنامج نجحوا في الوصول إلى إدارة المتجر التي أدركت الغرض الخفي أو محاولة تشويه سمعته المتجر الذي يعد واحدًا من أهم معالم العاصمة البريطانية، ويرتاده أغلب إذا لم يكن كل زوار المدينة العرب وغير العرب، فأعربت عن أسفها لما حدث -إن كان قد حدث بالفعل- وكشفت عن توصلها إلى تسويات -دون الكشف عن تفاصيل- مع بعض أصحاب الشكاوى أو المزاعم التي أثارها برنامج بي بي سي، كما أعربت عن استعدادها للنظر في أية شكاوى أو مزاعم إضافية حفاظًا على سمعة المتجر الشهير، مؤكدة أن رعاية وسلامة والاهتمام بموظفي المتجر أولوية قصوى بالنسبة لها، وأنها لن تسمح بحدوث أو تكرار ما قد يسيء إلى سمعة المتجر العالمية!

إلى هنا ينتهي الجزء المتعلق بالراحل محمد الفايد ومتجر هارودز، لكن ما يثير الدهشة هو حجم الاهتمام والوقت والموارد المالية التي خصصتها بي بي سي لهذه القضية التي وقعت أحداثها قبل أكثر من عشرين عامًا، والتي أبسط ما يمكن أن يقال عنها أنها أشبه بـ"الضرب في الميت"، وتجاهلها لجرائم حدثت وتحدث خلال زمننا الحاضر، ليس خارج بريطانيا فقط (في غزة والضفة الغربية ولبنان)، بل داخل الأراضي البريطانية، ولم تلقَ نفس اهتمام القناة العالمية التي اعتاد الكثير من مشاهدي قنوات التليفزيون اعتبارها مصدرًا رئيسيًا مستقلًا وموضوعيًا للأخبار والمعلومات والتحقيقات الصحافية والبرامج الوثائقية!

فهل حقًا مازالت القناة تحتفظ بسمعتها التي اعتدنا عليها منذ عقود، أم أنها فقدت موضوعيتها واستقلالية قرارها، وأصبحت مجرد أداة دعائية لمن يقف خلفها؟

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً