صنعاء 19C امطار خفيفة

وسط عجز حكومي.. انهيار اقتصادي يثقل كاهل اليمنيين

2024-08-19
وسط عجز حكومي.. انهيار اقتصادي يثقل كاهل اليمنيين
العواصف فاقمت المعاناة في العديد من المناطق مؤخراً (مفوضية شؤون اللاجئين)
تتكالب الأزمات المعيشية على المواطن اليمني في مختلف أنحاء البلاد، في ظل أسوأ أزمة إنسانية تعيشها اليمن، بات فيها البسطاء غير قادرين على توفير احتياجاتهم الرئيسية.

ووسط هذا الوضع، حلّ موسم المدارس في المحافظات اليمنية الخاضعة لسلطات الحكومة المعترف بها دوليًا، تحت وطأة انهيار مخيف للوضع الاقتصادي، وواقع مظلم يعاني منه السواد الأعظم من المواطنين.

وعجزت غالبية الأسر عن توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء، ناهيك عن مستلزمات المدارس التي تصاعدت أسعارها لمستويات غير مسبوقة، الأمر الذي حال دون قدرة أرباب الأسر عن تلبية مطالب أطفالهم التواقين للتعليم.

ويرى أستاذ الاقتصاد والعلوم الاسياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي محمد قاسم نعمان، أن أسباب التدهور الاقتصادي الحاصل في مناطق الحكومة المعترف بها عديدة، وتأتي نتيجة تراكمات منذ عام 2015 وحتى الآن.

يقول الدكتور نعمان لـ"النداء": نحن نعاني منذ عام 2015 حتى الآن من عجز في العملة الصعبة؛ هذا أدى إلى ارتفاع الأسعار، وحصل تضخم في سعر السلع الأساسية، وبالتالي ازدياد نسبة الفقر؛ لأن رواتب الموظفين تصرف بالريال اليمني المنهار أصلًا.

ويضيف: وضع كهذا تسبب بضعف القدرة الشرائية لدى الأسر اليمنية، ووفقًا لتقرير البنك المركزي في عام 2022، فإن متوسط سعر السلة الغذائية للأسرة اليمنية تجاوز 82 ألف ريال يمني؛ ما جعل الأشخاص الذين رواتبهم أقل من 82 ألف ريال عاجزين عن شراء الغذاء لأسرهم.

وهذا جعل معدل الفقر باليمن يصل إلى 80 %، بحسب نعمان، فعالميًا يُحدد الفقر بالأشخاص الذين يحصلون على أقل من دولارين و 15 سنتًا للفرد يوميًا، فالأسرة المكونة من أفراد أشخاص لكي تكون فوق خط الفقر يجب أن يكون دخلها الشهري يتجاوز 254 دولار شهريًا، وهو أكثر من مرتبات أساتذة الجامعات حاليًا، وفق سعر الصرف الحالي.

خلفيات الانهيار الاقتصادي

يُرجع الدكتور سامي نعمان أسباب هذا الانهيار الاقتصادي المرعب إلى عوامل عميقة في الهيكلة الاقتصادية للدولة، ويتحدث عن وضع الموازنة اليمنية بسبب الحرب، والتي قال إنها أصبحت في عجز دائم.

ويعتقد أستاذ الاقتصاد أن الإنفاق أصبح أكثر من الإيراد، مستشهدًا بموازنة 2024 التي تتضمن ما يقارب تريليون ريال سيُقدم للحكومة كمنح، لكن هناك عجز بالموازنة يقدر بحوالي 779 مليار ريال يمني، أي أن الانفاق أكثر من الايرادات بمقدار 779 مليار ريال.

وتطرق الخبيرةالاقتصادي اليمني، إلى تداعيات إيقاف تصدير النفط والغاز، على عجز الموازنة والوضع الاقتصادي ككل.  وقال إن الحكومة كانت تحصل من صادرات النفط على 990 مليون دولار سنويًا، وأكثر من ملياري دولار ونصف عام 2013، فيما كان تصدير الغاز يدر على الموازنة 735 مليون دولار سنويًا عام 2014.

وتطرق الدكتور نعمان إلى اختلال الميزان التجاري في اليمن، وهو الميزان الذي يسجل صادرات وواردات الدولة، فمنذ عام 2015 حتى 2024 هناك عجز كبير في هذا الميزان، حيث أن الواردات أكبر من الصادرات بشكل كبير.

ما يعني أن العملة الصعبة الخارجة من البلاد أكثر من العملة الصعبة الواردة، وفي عام 2022 كان إجمالي الواردات من الخارج 12 مليار و461 مليون دولار، بينما الصادرات لم تتجاوز 3 مليارات دولار.

مشيرًا إلى أن هناك اختلال يصل إلى 9 مليارات دولار، في ظل توقف تصدير النفط، أي أن العجز في الميزان التجاري كبير جدًا، ناهيك عن المضاربة بالعملة التي تقوم بها بعض شركات الصرافة وغسيل الاموال وتهريبها.

وكشف الخبير الاقتصادي أن حجم الأموال التي هُرّبت أو خرجت من اليمن بلغت أكثر من 125 مليار دولار حتى عام 2021.

 تداعيات رفع سعر الدولار الجمركي

ويشير أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، إلى أن احتياطيات البنك المركزي اليمني انخفضت من أكثر من 5 مليارات دولار عام 2014 إلى أقل من 600 مليون دولار، وبالتالي انهيار كل المؤشرات الاقتصادية، فأصبح على الدولة إيجاد بدائل جديدة، لكنها لجأت إلى أسهل الإجراءات، وهو رفع سعر الدولار الجمركي إلى 750 ريال يمني، بعد أن كان قبل الحرب 250 ريالًا.

مضيفًا أن الحرب وما ارتبط بها من ارتفاع أسعار التأمين البحري لسفن الشحن التجاري إلى اليمن، والهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر ساهم في ارتفاع قيمه البضائع الواصلة إلى موانئ الحكومة اليمنية المعترف بها.

ولفت الدكتور سامي نعمان إلى أن الحكومة مكبلة وعاجزة عن إيجاد حل شامل للمشكلات الاقتصادية؛ لأنها لا تستطيع السيطرة إلا على الموارد الواقعة تحت يدها في مناطق سلطاتها.

كما حمّل الخبير الاقتصادي الحوثيين مسئولية شن ”حرب اقتصادية” ضد الحكومة، ووضع العراقيل أمام الحكومة من الناحية الاقتصادية، إضافة إلى الانقسام النقدي، الناتج عن وجود عملتين وبنكين مركزيين.

معالجات وحلول مقترحة

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن وضع مقترحات للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطنين، وقال إن كل ما تم سرده من عوامل لا يعفي الحكومة من اتخاذ إجراءات لمعالجة الوضع المعيشي، ولكن تلك الاجراءات تتطلب دعمًا داخليًا شعبيًا وسياسيًا.

إضافة إلى مكافحة الفساد وتعزيز مبدأ الشفافية والقيام بإجراءات إصلاحية، من بينها الإعلان عن موازنة عامة، وفقًا للأطر القانونية المحددة، ووضع خطط للانعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار.

مقترحًا البحث عن مصادر تمويل من المانحين لتعزيز العملة المحلية عبر منحة تقدم للبنك المركزي لا تقل عن 3 مليار دولار دفعة واحدة، وإعادة تصدير النفط والغاز، وإيجاد أطر لتعزيز الموارد المحلية والمركزية، وكل ذلك بامكانه معالجة جزء من العجز الكلي في الاقتصاد.

كما يجب على الحكومة إيقاف النفقات غير المبررة، خاصةً نفقات العملة الصعبة، سواءً لمنح دراسية في الخارج أو نفقات المسؤولين في الدولة خارج البلاد، ووضع قيود لبعض السلع الكمالية المستوردة بهدف تخفيض حجم الواردات.

واختتم الدكتور سامي نعمان حديث لـ”النداء” بالتأكيد على ضرورة إعادة تشغيل شركة مصافي عدن؛ لتوفير المشتقات النفطية محليًا بدلًا من استيرادها من الخارج وتخفيف تكلفة استيراد المشتقات النفطية ولو جزئيًا.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً