وإن لم يكن للسياسي اليمني ما يعررفه في السياسة.
لكنها محاولة على أية حال..
وإذ إن المحاولة ممكنة للمضطر ما استطاع للتعريف سبيلًا، فلا مناص من أن تأتي محفوفة بكثير من حذر المجازفة. لا خوف المجازفة نفسها أو اتقاء محاذيرها، بل تعففًا كي لا يقع المعني بها في زلات اللسان. من حيث إن السياسي اليمني حالة شديدة القبح من شأنها أن تغري اللسان بالمضي في ما تأباه النفس الكريمة من غواية الزلات.
يقول الكاتب الإنجليزي آرثر كونان دويل، على لسان بطله شارلوك هولمز:
"ليس من السهل أن تعبر عما لا يعبر عنه".
هنا تتبدى أولى صعوبات التعريف من كون السياسي اليمني، يمارس أي شيء إلا السياسة بمعناها الرفيع.
فبأي معنى من المعاني تعرفه إذن؟!
أنت مضطر هنا لتعريف ما يكاد أن يكون نكرة..
أنت مضطر لأن هذا النكرة، وباء كالطاعون، أوجع كل مدينة في بلادك، كل بلدة وبيت، كل إنسان حي وميت على السواء...
أنت مضطر لخوض مجازفة أحجم عنها حتى علماء الاجتماع في بلدك. لا تنصلًا من واجب، بل إشفاقًا على قدسية العلم من غواية الزلات إياها، وصونًا لوقتهم الثمين من الهدر في تعريف غير القابل للتعريف(!).
لكنك مضطر، مضطر كصاحب تجربة سياسية خرجت من معاناتها وغواياتها، أنت وكثير معك، طاهرًا نظيف اليد واللسان.
السياسي اليمني يمارس أي شيء وكل شيء إلا السياسة.. وهو بارع جدًا في الحقول التالية: الوصولية، الانتهازية، التبعية، نهب المال العام.
ولئن كانت هذه الحقيقة القاسية تبعدك عن التعريف المراد، فلعلها هي التي تقربك إليه حين تضيق عليك معاني السياسة الكبرى التي شذ عنها المراد تعريفه. إذاك يمكن لتلك الحقيقة القاسية، أن تأخذك إلى فلاسفة الفكر السياسي والاقتصادي، للاسترشاد بهم، وأهمهم الفيلسوف الخطير كارل ماركس.
هنالك يدعوك ماركس للتنويع على تعريفه الشهير للعامل، والذي قادته إليه بحوثه الاقتصادية العميقة، وبأنه ذلك الذي يبيع قوة عمله.
التنويع على هذا التعريف الماركسي للعامل، يقودنا إلى الحلقة المفقودة في تعريف السياسي اليمني، وبأنه:
ذلك الذي يبيع قوة منصبه.
نكتفي بهذا المستوى من التعريف، ولا نمضي بعيدًا كي لا نقع في شرك المحذور الذي سبقت الإشارة إليه عن غوايات زلات اللسان، فنتجاوز حدود الأدب واللياقة.
كم أنت خطير يا كارل ماركس!
أغضبت الرأسمال المستغل والإمبرياليين في عصرك...
وها أنت تزعج السياسي اليمني اليوم، وتفضحه!
