صنعاء 19C امطار خفيفة

اغتيال هنية: جزء من سياسةداخلية وخارجية ممنهجة للاحتلال العنصري

اختار الكيان الصهيوني إيران كدولة عدوة له تمر بمرحلة انتقال للسلطة، لاغتيال رئيس حركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، ظنًا منها أنها باغتياله ستضعف الحركة، وتثنيها عن المقاومة، مع بقية فصائل المقاومة، للنجاة بحياة قادتها، وثقة منها بأن إيران لن ترد، ولن تدخل في مواجهة وخيمة العواقب عليها أكثر من إسرائيل المحمية من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا التي تنتظر على أحر من الجمر أية ذريعة لدعم إسرائيل في عدوانها على إيران، وتحويلها إلى عراق ثانٍ.

 
أمريكا كانت على علم مسبق بجريمة الاغتيال الإرهابية، لأنها شريكة من الألف إلى الياء في العدوان على غزة والضفة، وفي إنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
 
بدأت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية للقيادات الفلسطينية خارج فلسطين المحتلة، في أغسطس ١٩٧٢، باغتيال الكاتب والروائي غسان كنفاني، ثم اغتالت بعده عشرات القيادات الفلسطينية والعلمية العربية، مصرية وعراقية، في فلسطين وعواصم عربية وأوروبية.
 
إسرائيل سممت عام ٢٠٠٥ ياسر عرفات، شريكها في اتفاق أوسلو الذي فتح لها ما كان مغلقًا من عواصم، ومكنها من إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم ٣٣٧٩، الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، وكان في محله، ويحق لفلسطين والعرب عرض مثله مرة ثانية على الأمم المتحدة، لأن إسرائيل أصبحت علنًا، وبحماية أمريكا، أكثر عنصرية عما كانت عليه عام ١٩٧٥.
 
لقد تسرع عرفات ومحمود عباس في التفريط في أوسلو، بأوراق فلسطينية مهمة، وهما من هما، ولم يكن يغيب عنهما وعن مراكز الدراسات الفلسطينية، أن إسرائيل لن تنسحب من كل الأرض المحتلة.
 
هذا الكلام يترجم يوميًا إلى واقع عرفاه على الأرض، ومن مصادر عديدة، منها ما قاله ملك المغرب الحسن الثاني، للملك الأردني حسين، بأن إسرائيل لن تنسحب من القدس الشرقية، ولن تقبل مطلقًا بقيام دولة فلسطينية، وأن النص على قيام الدولة في اتفاق أوسلو، كان كذبة إسرائيلية انطلت عليهما، وقد ضربا حينها عرض الحائط بكل ثقافتهما عن الأهداف النهائية للصهيونية. ولو اطلعا هما وخبراؤهما ليس فقط على مذكرات إسحق رابين، الصادرة عام ١٩٧٩، أي قبل ١٤ عامًا من أوسلو، وعلى الفكر والممارسات الصهيونية، ابتداءً من هرتزل، ومرورًا ببن جوريون وشارون، وآخرهم نتنياهو، لما فرطا وتسرعا وجرّا العرب وغيرهم، وراءهم.
 
والحقيقة، فاللوم ليس عليهما وحدهما، بل على الموقف العربي الذي تحول إلى تضامن لفظي لا يقدم ولا يؤخر، والدليل حاليًا أن إسهام غير العرب في دعم السلطة أكبر من دعمهم، وأن التبرعات الإسعافية لإيرلندا وإسبانيا والنرويج أكبر من دعمهم الذي غاب. وحتى الجامعة العربية التي يعقد في مقرها مؤتمر سنوي للدول المانحة للأونروا، لم تطلب من أية دولة عربية، ليس بتصريح، بل بزيارات للأمين العام للعواصم العربية، لدعم الأونروا ماليًا بعد حصارها من قبل إسرائيل التي تعمل جاهدة على إخفائها من الوجود.
 
العرب بثراء بعضهم، أصبحوا أكثر ميلًا للخضوع للإدارة الأمريكية، وأقل استقلالًا وإنسانية.
لقد ابتهجت إسرائيل لارتكابها جريمة اغتيال هنية، وها هو "وزير تزوير التراث الفلسطيني" اليميني العنصري أميخاي إلياهو، يصرح بأن "قتل هنية يجعل العالم أفضل، وأن الاغتيال هو الطريق الصحيح لتنظيف العالم من هذه القذارات".
 
لن تقول عاصمة غربية إن اغتيال هنية إرهاب، ولن تستنكر أو تدين. أميخاي هو الذي طلب بعد ٧ أكتوبر استخدام القنبلة النووية الإسرائيلية في غزة، ولم يثر تصريحه استنكار واشنطن وحلفائها الذين لا يهدأ زئيرهم ضد حق إيران في أن يكون لديها طاقة نووية سلمية كعشرات الدول.
 
إن اغتيال هنية رسالة أخرى للعالم بأن إسرائيل تستطيع ارتكاب كل جرائم الحرب، وهي آمنة من العقاب، بفعل الدعم الغربي الغبي المفتوح والمفضوح، لأنها تحكم أمريكا وكل حلفائها.
 
فلسطين لن تستسلم، وهي قادرة على تعويض هنية بقائد آخر صلب ومضحٍّ مثله.
وأخيرًا، لعل الاغتيال ينقل المصالحة الفلسطينية التي تمت في بكين، هذا الشهر، إلى واقع متحرك ينهي الانقسام المخجل، ويضع فلسطين على طريق الوحدة الوطنية، ووحدة الهدف، ويجعل من يريد التطبيع يفكر ألف مرة.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً