أكتب هذه السطور في موسكو لأصارح الجميع بأن المجموعة قصرت كغيرها من المؤسسات العربية في تقديم الدعم المحسوس والمثمر لإخواننا الصامدين في غزة والضفة الغربية. نحن في موسكو على رأس وفد للمجموعة تلبية لدعوة رسمية من وزارة الخارجية الروسية هي الأولى من نوعها، وقد ضم الوفد السيدة مريم الصادق المهدي، وزيرة الخارجية السودانية السابقة، السيد عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضوين من مجموعة الشباب في المجموعة.
إن فلسطين قضية وشعبًا ونضالًا وأهدافًا مشروعة تؤيدها كل الدول غير الاستعمارية وغير العنصرية التي تنحاز لأسباب استراتيجية للعدو الصهيوني المحتل. وفي موسكو وجدنا التناغم التام بين الموقف السوفياتي من فلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة، وبين الموقف الروسي، ولم نفاجأ بموقف موسكو الداعي إلى وقف فوري للنار في غزة، وانسحاب قوات الغزو والتدمير والاحتلال، ووقف قتل وقمع الشعب الفلسطيني في الضفة المحتلة والقدس الشرقية المحتلة، وإنهاء كل أنواع الاستعمار الاستيطاني وحرق المزارع وتدمير البيوت وقلع أشجار الزيتون ومصادرة الأراضي والتوسع الاستعماري الذي يسير بوتيرة عالية في الضفة للحيلولة دون تنفيذ قرار تقسيم فلسطين عام ١٩٤٧ الخاص بإقامة دولة فلسطينية.
في موسكو لاحظنا المتابعة الدقيقة لكل جرائم دولة العدوان التي تجل عن الحصر، ورفض بل إدانة الدعم الأمريكي والغربي الذي تستثنى منه دول صديقة للشعب الفلسطيني كإسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا وأرمينيا.
أما عن الاعتراف الروسي بدولة فلسطين فقديم ويعود إلى عهد الاتحاد السوفياتي.
إن موقف روسيا كموقف المجموعة مما يجري في غزة والضفة، ويدين العدوان المتواصل والمتصاعد والإبادة الجماعية والحصار والتجويع والتشريد والتدمير الممنهج لكل سبل البقاء والحياة.
كل ذلك كان محل نقاشات المجموعة مع الجانب الروسي الرسمي منه وغير الرسمي، ولم تشعر المجموعة في واقع الأمر بوجود أدنى خلاف واختلاف بين الموقفين، فهما مع السلام، ومع هذا طالبت المجموعة روسيا بحشد موقف دولي لإنهاء احتلال غزة وتدميرها، وتطبيع الحياة فيها واحترام حق سكانها في اختيار من يحكمهم، ونقل مبدأ إقامة دولة فلسطينية من الكلام إلى التنفيذ.
وحدة الصف الفلسطيني كانت محل اهتمام الطرفين اللذين أجمعا على الأثر المدمر للانقسام واستمراره على القضية الفلسطينية، وأن المستفيد الوحيد منه هي دولة الاحتلال وحدها.
وبهذه المناسبة، وبعد مرور عشرة أشهر على صمود غزة والضفة في وجه قوة فاشية مدعومة من واشنطن التي قالت علنًا إن إرسال قنابل تزن خمسمائة رطل إلى إسرائيل لا يقلقها، ولا حاجة للقول بأن هذه القنابل ستقتل الفلسطينيين وتدمر منازلهم ومزارعهم... الخ.
واشنطن بطبيعة تركيبتها الاستعمارية الاستيطانية، لا يقلقها أن تذهب غزة إلى الجحيم، وإن استطاعت إسرائيل أن تغرقها في البحر المتوسط فلتفعل ذلك وهي آمنة.
إن المجموعة تناشد مرة أخرى العرب شعوبًا وحكومات، لينتبهوا إلى أن واشنطن وتل أبيب يعملان ما بوسعهما لتصفية القضية الفلسطينية قبل أن يتفرغا للعرب ككل، وإلا لماذا خلق الغرب إسرائيل، وهذا ما أكدنا عليه في لقائنا مع السفراء العرب في موسكو.