ثورة الكادحين الأحرار
أتى رفقة 7 من أبنائه و7 سيارات محملة من إحدى قرى المحويت، حبيب: صالح خلّى اليمنيين يشحتوا ...
*هلال الجمرة
كانت نفوس غالبية اليمنيين محتقنة وتنتظر من يقودها للثورة على هذا الحكم الذي سئموه والرئيس الذي أصبحوا يكنون له كل الكره. وصباح الخميس الفائت، كان عبدالله حبيب، 55 عاماً، و7 من أبنائه يعيشون أجواء جميلة، إنها أجواء الثورة التي ما زالت في بدايتها. لقد قدموا من منطقة حبيش مركز الصفقين - أحد أرياف محافظة المحويت- لتلبية دعوة أحزاب اللقاء المشترك للمشاركة في مهرجان العاصمة صنعاء الذي يطالب بإسقاط الرئيس علي عبدالله صالح.
لطالما حلموا أن يكونوا في مكان كهذا وفي موقف مشرف ووطني كما هم اليوم. لم توجه لهم أية دعوة شخصية، ويقول حبيب إنه وعشرات من أبناء القرية اتفقوا عصر(الأربعاء) على الدخول إلى العاصمة للاعتصام والتظاهر من أجل "التخلص من حكم علي عبدالله صالح".
عبدالله حبيب وهو مزارع وأب ل 21 فرداً، يشكو غلاء المعيشة ويشير إلى التحولات والانهيار الاقتصادي للبلد الذي تسارع منذ التسعينيات من القرن الماضي، يقول لـ"النداء": كان الكيس البر ب 170 ريالاً في 1990 واليوم أصبح ب 5200 ريال. ويضيف: "علي عبدالله صالح خلى اليمنيين العزيزين يرجعوا يشحتوا خاصة الذي ما عنده عمل ولا عنده مصدر دخلـ". ويزيد متسائلاً: هل يجوز من الله أن الشعب يأكل من القمامة وكنّا في نعمة ونعيم؟
المواطن الذي لا ينتمي إلى أي حزب يشكو من أكثر من موضوع. فابنه الأكبر بندر حبيب، خريج جامعة العلوم والتكنولوجيا بحضرموت منذ 4 سنوات، لكنه إلى الآن لم يحصل على وظيفة حكومية ولا حرّة. ويقول إن مطالبهم تتمثل في "تغيير نظام الحكم، ونريد أن يحكمنا شخص يرحم الناس ويحكم بالعدلـ".
ويتهم الرئيس صالح بأنه "أوصل الشعب إلى هذا المنحدر". ويطالب بأن يحل الشعب مجلسي النواب والشورى؛ فالأول قال إنه يمثل الرئيس وحده، وأنه "لايهش ولا ينش وإنما يأكل الميزانية".
كان حضور كبار السن ضئيلاً لكن مؤثراً. ففئة الشباب كانوا الغالب، لأنها ثورتهم. علي أحمد علوان، 58 عاماً، أحد المشاركين في المظاهرة، يقول إن سبب مشاركته هو من أجل "إزالة الظلم والفساد والمرض، الذي قامت الثورة من أجله".
علوان أحد المنتمين إلى حزب الإصلاح، وقد شارك في الفعالية التي دعا إليها المشترك مع أولاده الخمسة. ويشكو من "نهب ثروات البلد: كلما ازدادت الثروات ازددنا فقراً وجوعاً ومرضاً، وأبسط حقوقنا من العلاج لا نحصل عليها".
بشير عبده عاطف، 23 عاما، كان الوحيد ممن قابلتهم الذي يطالب فقط بتغيير الحكومة. يقول: نشتي نغير النظام نغير الذي تحت علي عبدالله صالح.. أما هو فهو مسكين". هذا الشاب ترك المدرسة وهو في الصف الثامن بسبب الظروف المعيشية الصعبة. وقد أصبحت أعباؤه أكبر منذ تزوج، وهو يعمل "بائعاً للخضروات في سوق علي محسن الأحمر".
*************
عدد منهم يحملون شهادات جامعية
عمّال يريدون الثورة علّهم يجدون فرص عمل
منتصف عام 2006، كان الطلب الوحيد لدى ماجد عبدالله الخولاني، 38 عاماً، هو الحصول على وظيفة في وزارة التربية والتعليم. حينها كان قد حصل على شهادة بكالوريوس من كلية التربية تخصص كيمياء. لكن مطالبه اليوم باتت "إسقاط النظام الحالي".
لقد جاء الخميس للمشاركة في الهبة الشعبية التي دعا لها المشترك، والتي وصفوها بـ"هبة الغضبـ". وكان يحمل شعارات تطالب بـ"إسقاط النظام لإيجاد فرص عمل للعاطلين". أتى من "حراج عمال منطقة عصر" في العاصمة صنعاء، وعدد من العمال. يقول ماجد: لم أجد فرصة عمل، وملفي مقدم لدى الخدمة المدنية منذ 6 سنوات، والآن أشتغل شاقي.
لا يستطيع ماجد الخولاني أن يكفي أسرته المكونة من زوجة وطفلين, فقد تضاعفت مأساته بالإنجاب، وزادت مشاكله ومطالب البيت، ويضطر إلى العمل فوق طاقته لسد "جوع أسرته على الأقلـ".
إنها مأساة كثير من الشباب. فعدد عمال الحراج الذين شاركوا في المهرجان لا يستهان به، وعدد خريجي الجامعات الذين لم يجدوا فرصة عمل. وغالباً ما يضطر عدد كبير منهم إلى الخروج للعمل في الأراضي والمنازل.
أمين الحداء، 36 عاماً، مثال للشباب الخريجين الذين لم يجدوا فرصة عمل. فقد تقدم إلى الخدمة المدنية لطلب وظيفة في 2002، وهو حاصل على شهادة تربية من جامعة ذمار. لكنه ما يزال عاطلاً عن العمل، وارتباطه بالدولة يتمثل فقط بتجديد الطلب في الخدمة المدنية كل عام "فيما يحصل على الدرجات الوظيفية أصحاب الوساطات وأولاد المسؤولين أو يبيعونها على أصحاب الأموالـ"، حد قوله.
لا ينتمي أمين إلى أي حزب أو تنظيم سياسي، وإن سبب مشاركته هو "لدافع وطني يستدعي من الجميع العمل من أجله وهو إسقاط نظام الحكم الاستبدادي في اليمن". ويؤكد أن خروجهم من حراج العمال "كان تلقائياً عندما سمعوا عن دعوات المشترك... ونحن سنخرج مع أي دعوة من أجل مصلحة الوطن ومن أجل إيجاد فرص عمل لنا جميعاً" .
محمد صالح الحداء، 28 عاماً، وهو من مديرية الحداء بمحافظة ذمار، قال إنه يناضل من أجل إسقاط الرئيس والمطالبة بمحاكمته. ولفت إلى أنه وصل إلى حالة من اليأس والإحباط: "سنناضل سلمياً حتى نسقط الرئيس ونظامه الفاسد، لكن في حال لم يفد نضالنا السلمي فنحن مستعدون لبذل الدماء". مؤكداً أن مطالبهم متشابهة وأنهم يبحثون عن فرصة عمل. ويضيف: تخيل ما فيش شغل حتى إننا ننتظر للشغل 3- 6 أيام وفي النهاية نحصل على شغل نصرفه خلال فترة الانتظار.
امتزج شارعا الجامعة والعدل بمختلف شرائح المجتمع، لكن مطالبه كانت موحدة: إسقاط النظام. ويؤكد غالبية هؤلاء أنهم استلهموا هذه الانتفاضة من الشعبين الأبيين "التونسي والمصري" اللذين خرجا ضد الظلم والقهر والبطالة.
***************
هتافات وشعارات
الجماهير تخاطب نجل الرئيس صالح: يا حمادة قل لابوك الشعب كله يكرهوك
ضجّت الجموع من الجماهير الخميس الماضي، بجملة من الشعارات التي هزت حي الجامعة وهيجت مشاعر اليمنيين إلى الثورة. كانوا يضجون بالحماس ويتوقون للثورة. وإذ نددوا بفساد وعبثية النظام وما أفسده خلال 33 عاماً منذ تولي الرئيس صالح للحكم.
"النداء" سجلت عدداً من الشعارات والهتافات التي نادى بها المتظاهرون، وقد طالبت بإسقاط الرئيس صالح وبرحيله، ونددت بالعبث الذي مارسه الرئيس وأسرته طيلة حكمه، و"نظامه وحكوماته الفاسدة"، ننشر بعضاً من تلك الشعارات التي رفعت :
- يا حمادة قل لابوك الشعب كله يكرهوك.
- ياعلي عطف فرشك قررنا نسقط عرشك.
- الشعب يريد إسقاط النظام.
- ياالله يالله .. اقلع علي عبدالله.
- يا ملك عبدالله ... باقي علي عبدالله.
- افهمونا.. قبل أن نفهمكم.
- أرض اليمن مش لكم بكره بتقولوا فهمناكم.
طلاب المدارس كان لهم حضور في المظاهرة وكانوا يرددون:
- لا شغل ولا تدريس إلا بعد رحيل الرئيس.
- يا علي ارحل ارحل غير رحيلك ما في حل.
- لا دراسة بعد اليوم خلي علي يشبع نوم.
ومنددين بحكم التوريث وملكية الحكم وتوزيع المواقع الهامة في الدولة على أبناء الرئيس ومريديه:
- لا لحكم الأسرة الواحدة.
- جمهورية جمهورية.. لا فردية ولا ملكية.
- مللنا خطابات مكررة ودعوات زائفة.
- نحن والشرطة والجيش يجمعنا رغيف العيش.
- لأننا نحب اليمن .. افهمونا وارحلوا.
وبلهجة شاعرية استحضرت الحشود التاريخ المشرف للقادة والثوار والأحرار، فردّدت:
- ياحمدي عود عود شعبك يقتل بالحدود.
- ياعلي عبد المغني علي صالح جوعني.
- يالبوزة عود عود شعبك يقتل في الحدود.
- على غيري على غيري احنا أحفاد الزبيري.
- ياحكومة الطغيان.. اسحبي جيشك من ردفان.
كما دعوا الرئيس إلى أخذ العبرة مما يجري في مصر وما حدث للرئيس التونسي:
- أمس في تونس واليوم مصر.. بكره اليمن يفك الاسر.
- الدستور حدد مدة أعجبكم وإلا جدة.
- جدة ترحب بكم.
- لا و 1000 لا لمن يعبثون بالدستور.
- طفح الكيل طفح الكيل.. حتى يرحل هذا الليل.
وخلال المظاهرة حلقت طائرة مروحية هيلوكبتر من فوق المتظاهرين فارتفعت أنظارهم نحوها مخاطبين الرئيس وكأنهم يرونه عليها:
- إرحل ..إرحل.. يا ظالم.
ثورة الكادحين الأحرار
2011-02-07