صنعاء 19C امطار خفيفة

صاحب قصيدة "لا عاد با وحدة" يتحدث لـ"النداء"

2010-12-13
صاحب قصيدة "لا عاد با وحدة" يتحدث لـ"النداء"
صاحب قصيدة "لا عاد با وحدة" يتحدث لـ"النداء"
                                بسبب "الطيش الثوري" في الجنوب هربت خوفاً على حياتي
                           بعد أن نضج الحراك وامتد في كل الجنوب ظهرت أنانية بعض قياداته
                           علينا تنمية روح التصالح والتسامح وإسقاؤه لأطفالنا كسقاء الحليب

ربما باتت قصيدته " لا عاد با وحدة" هي الأشهر بين القصائد التي تكتظ بها ساحة الشعر الشعبي, وربما كذلك هي الأبرز بين قصائد شعراء الحراك السلمي الجنوبي.
يحفظها غالبية الناس ويستمتعون بها, لكنهم لا يعرفون الكثير عن صاحبها, بل لعل بعضهم لا يدري من هو قائل أبيات تلك القصيدة التي كسرت حاجز الخوف لدى الشعراء بحسب صاحبها الذي نستضيفه في هذه المقابلة الصحفية التي أجريناها معه في منزله حيث يسكن شقة بالإيجار في "عدن"!
إنه الشاعر علي حسين عبدالرحمن البجيري من مواليد منطقة الحضن مديرية لودر بمحافظة أبين, في 1950, متزوج وأب ل9 "ذكور وإناث" وقد تجلت قريحته الشعرية للمرة الأولى بينما كان في ال20 من عمره.
حوار: شفيع العبد
عشت فترة طويلة في الغربة، حدثنا عن الأسباب الحقيقية التي دفعتك لمغادرة الوطن ومتى كانت بداية رحلتك مع الغربة؟
- بداية نشكركم على هذه الاستضافة عبر صحيفة "النداء". وإجابة على سؤالكم فقد غادرت الجنوب بسبب العنف الثوري أو ما نستطيع أن نسميه "الطيش الثوري" الذي مرت به التجربة الخاطئة في الجنوب، حيث إنني كنت ضد فكرة التأميم وتشريد الناس إلى الشمال وإعدام آخرين لمجرد تهم كيدية لا ترتقي إلى الحقيقة، وكنت أجاهر بذلك علناً. فاضطررت بعدها للمغادرة إلى الشمال خوفاً على حياتي، حيث غادرت قريتي "الحضن" في منتصف الليل على الأقدام إلى منطقة "عوين" التابعة للبيضاء، وعند وصولي إلى هناك تم اعتقالي بتهمة الجاسوسية لصالح النظام في الجنوب، ومكثت في السجن لمدة أسبوع تقريباً ولم يفرجوا عني إلا بعد ضمانة شخصية من قبل شخص يدعى عبد ربه على العولقي. وبعد الإفراج عني سافرت إلى صنعاء، واستغرقت الطريق مدة يومين لعدم وجود طرق معبدة. ومكثت في صنعاء فترة شهرين تقريباً لمتابعة جواز سفر، وبعد استخراجه سافرت إلى السعودية ومكثت فيها حتى عام 1987.
> ما هي حكاية لقائك بالرئيس الشهيد "سالمين" في السعودية؟
- أثناء تواجدي في السعودية تقريباً عام 1977، زارها الرئيس الشهيد سالمين بطلب من جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز في ذلك الوقت، كأول زيارة لرئيس جنوبي بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وطلب الرئيس الالتقاء بأبرز الشخصيات في الجالية، وكنت من بينهم، وكان اللقاء في السفارة الجنوبية لمناقشة أوضاع الجنوب، وطرحنا ملاحظاتنا على الرئيس سالمين الذي طلب منا العودة إلى أرض الوطن، وكل أدلى بدلوه، وقلت له يومها رحمه الله: "كيف تريد الناس يعودون والمؤامرات والتصفيات لا زالت مستمرة، وهم اليوم يحفرون تحت أقدامك يا سيادة الرئيس". وأتذكر أنهم امتعضوا من هذه الكلمة وساءتهم، ولكنها الحقيقة.
> هل تعرضت لمضايقات بعد هذا الموقف؟
- بعد هذه الحادثة بحوالي شهر التقيت بشخص يعمل في السفارة وقال لي ضاحكاً: متى ستجدد جوازك؟ وعند سؤالي له عن السبب أكد لي أنهم أدرجوا اسمي ضمن قائمة الأشخاص الممنوعين من تجديد جوازاتهم، دون أن يعلم أنني أحمل جوازاً من الشمال بصفتي من البيضاء من بني عامر، لأنهم أخوالي.
> هل هناك من أسباب تقف وراء خروجك من السعودية وانتهاء فترة الغربة؟
- عدت إلى البلاد عام 1987 بعد دخولي في مهاترات بعد أحداث يناير 86، مع بعض الشعراء المغتربين، وشعرت بأن السلطات السعودية تنوي القبض عليَّ فخرجت إلى صنعاء، وكانت نهاية علاقتي بالغربة.
 ماذا قال للرؤساء "الشهيد" سالمين والبيض وصالح؟!
 ما زلت متمسكاً بقصيدتي وموقفي إلى أن أدخل قبري
> لماذا عدت إلى صنعاء وليس إلى عدن؟
- بسبب التصنيفات التي كانت قائمة في عدن فضلت العودة إلى صنعاء وجلست فيها إلى يوم الوحدة، وقد حصلت على عضوية اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام بعد وصولي من الغربة حيث كنت محسوبا على جماعة "الزمرة"، وعُرضت عليّ عدة مناصب فرفضتها.
> طيب متى كانت زيارتك الأولى إلى عدن؟
- أثناء التنقل بين الشطرين بالبطاقة الشخصية عام 89، زرت عدن، وطلبني المرحوم سعيد صالح سالم وزير أمن الدولة آنذاك، ورحب بي ترحيباً شديداً، واستقبلني استقبال الأخ لأخيه، وعرض علي ترتيب وضعي، وأعطاني توجيهات في 3 قطع أرض في عدن، ولكني لم أذهب لمتابعتها إلى اليوم. وسألني سؤالاً لا زلت أتذكره جيداً: ما رأيكم كيف تنظرون للوحدة وكيف تصفون لنا الإخوة في الشمال بحكم معرفتكم بهم من زمان؟ فرددت عليه: الوحدة نعمة من الله سبحانه وتعالى، وهي لصالحنا نحن المشردين من قبلكم أكثر (وقد قلتها في جو من المزاح والضحك). ولكنكم إذا لم تحسبوا حسابكم جيداً فأنتم قطرة من غيث سقطت في بحر.. قلتها ونحن نسير بسيارته فطرق بيده على مقود السيارة. وقال: يجب أن أحدد لك موعداً مع الرئيس البيض.. ولم أمانع من ذلك..
> (مقاطعاً) وهل التقيت البيض في تلك الفترة؟
- جلست في أحد فنادق شارع الميدان بعدن لمدة أسبوع على حساب الأخ سعيد صالح رحمه الله، في انتظار تحديد الموعد الذي لم يحصل نتيجة لانشغال البيض وبعدها اعتذرت من سعيد صالح وعدت إلى صنعاء.
> كيف نظرت لتوقيع اتفاقية الوحدة؟
- نظرت للوحدة بتشاؤم وتوقعت أن الحزبين "الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام" سيتواجهان بالسلاح، وقلت الكلام هذا لعلي البيض بعد الوحدة مباشرة، وهو ما زال على قيد الحياة يتذكر ذلك جيداً.
> ماذا قلت له؟ وأين كان اللقاء بينكم؟
- عندما بدأت الاغتيالات تحصل للجنوبيين وعندما بدأت المعاملة تسوء للجنوبيين في صنعاء وبعدما شاهدنا القهر والإذلال يمارس بحقنا، يومها دخلنا عند البيض وهو في القصر الجمهوري بصنعاء، واستقبلنا استقبالاً جيداً، كنت بمعية عدد من الإخوان، وقلنا له: "لقد طرتم إلى الوحدة بجناح واحد، وكان المفروض أن تطيروا بجناحين حتى تأمنوا شر الجناح الآخر". والآن نحن نعتبر الوحدة جبت ما قبلها بالنسبة للجنوبيين وصفحة جديدة، وهذه المجموعة التي معي من ضباط وصف ضباط من أبناء الجنوب، أتوا اليوم يسلمون عليك ومستعدين أن يأتوا بزملائهم جميعاً، فبادروا بضمهم إلى جيشكم قبل فوات الأوان، ما لم فإن هؤلاء يوماً من الأيام سيكونون في صف من يواجهكم. يومها كان حاضراً مع البيض كل من محسن الشرجبي وأحمد عبدالله العبادي مدير مكتب البيض.
> كيف كانت ردة فعل البيض لما قلتموه؟
- أتذكر أنه كلف قائد الحرس الشخصي التابع له بأن يتواصل مع وزير الدفاع هيثم قاسم طاهر، وقال له بايجيك علي حسين البجيري بمعية مجموعة من العسكريين ضباط وصف اجلس معهم.. وطلب مني الذهاب لهيثم وأن الأمور مرتبة، فذهبنا إلى عند هيثم صباح اليوم التالي في منزله بشارع حدة، وأخبرته أنني سوف أحضر إليه بمعية 60 ضابطاً وصفاً وجندياً من جماعة "الزمرة"، وأنه يجب عليه الإسراع في ضم إخوانهم إلى جيشهم قبل فوات الأوان. والأخ هيثم قاسم ما زال حياً يرزق يعرف هذا جيداً.
> ماذا عمل لكم هيثم؟
- كان كلام وزير الدفاع حينها جيداً، ولكن دون أي عمل ملموس، وتكررت وعوده ولم يفِ بها للأسف الشديد، مما جعلنا نقتنع ونرفض الذهاب إليهم مرة أخرى. وقد دارت الأيام، وبعد حرب صيف 94، التقيت الأخ هيثم في أحد فنادق مدينة "جدة"، حيث كنت في زيارة للشيخ سعيد عبدالله الجساري، وجاءنا هيثم بينما كنا في صالة الفندق، واستقبلني بحرارة وقال للشيخ الجساري: "أشهد الله أن البجيري حكيم وأن كل ما قاله حصلـ"، قال ذلك وهو مستحٍ من عدم الوفاء بوعوده السابقة.
> أين كنت أثناء اندلاع حرب صيف 94؟
- اندلعت حرب صيف 94 وأنا في لودر.
> التقيت بالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بعد حرب 94، فماذا دار بينكما؟
- بعد حرب صيف 94 أتذكر أنني قابلت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، حيث تربطني به علاقة قديمة ومتينة، وقلت له: الآن أنتم انتصرتم على الجنوب وسيطرت قوات الشرعية على الجنوب، والناس هناك يريدون نظاماً وقانوناً وعدالة ومساواة، لأن الحاصل اليوم في الجنوب من بعد الحرب مباشرة لا يبشر بخير، وينذر بعواقب وخيمة، فالفوضى والفساد والرشاوى وهتك كرامة الناس والتعالي عليهم أصبحت هي سيدة الموقف في الجنوب، وأرجو أن تعملوا حلاً لهذه التصرفات لأنها ستوصل الناس إلى ما لا تحمد عقباه. فشكرني على ملاحظاتي وقال إنه سيرفعها للرئيس.
> أيضاً التقيت بالرئيس علي عبدالله صالح، حدثنا عن ذلك اللقاء.
- في 95 طلبنا الرئيس وكنا مجموعة كبيرة من بينها الإخوة عمر صالح الصمة والعقيد سالم عبدالله أحمد وعمر محمد أحمد وآخرون لا أتذكرهم، وتكلمنا مع الرئيس بكل صراحة ووضوح وقلنا له إن الوضع مأساوي وإن البلاد ينخر فيها الفساد وإن الشعب في الجنوب لم يألف هذه الحياة التي فرضت عليه اليوم، وإن العسكر يمارسون قهر وإذلال الناس بصورة يومية، وإن دور الشرطة انتهى في المجتمع ولم يعد المواطن قادراً على الذهاب إلى الشرطة إذا لم يكن جيبه عامراً بالفلوس، وأصبحت الشرطة تأخذ قضايا الناس من قبل ضباطها وجنودها كمقاولات لمن يدفع أكثر. وغضب الرئيس وقال إن الأمور بخير وإن هذه أفكار خاطئة وإنه لا يوجد شيء من هذا.
> كنت من أوائل الداعين إلى التصالح والتسامح بين أبناء الجنوب، حدثنا عن البدايات.
- كنت على رأس أول وفد من أبين وشبوة وحضرموت وعدن يزور الضالع لتقديم العزاء في مقتل أحمد شكع وإصابة آخرين عام 2000 على أيدي قوات الأمن المركزي، حيث استقبلنا أبناء الضالع استقبالاً حاراً، وكان معي من أبين عبدالكريم حسين عبدالرحمن وأحمد سالم محمد، ومن شبوة جلال بن ضباب رحمه الله، وآخرون، والسفير عوض كرامة راشد وآخرون من حضرموت، ورشاد سالم علي وآخرون من عدن. كما أنني لا أنسى حضور الناشطين السياسيين عباس العسل وأحمد القمع. وأخذنا أبناء الضالع إلى منطقة شكع، وهناك وجدنا حشداً جماهيرياً كبيراً استقبلونا بالأحضان، وأذكر يومها أنهم طلبوا مني إلقاء قصيدة وألقيت قصيده ألهبت المشاعر وطالبت فيها بفتح صفحة جديدة في ما بين أبناء الجنوب وطي ملفات الماضي بكل مآسيه، وقلت لهم بأنها لن تقوم لنا قائمة ولن نكون أقوياء إلا بتوحيد صفوفنا أمام هذا الظلم الغاشم في كافة محافظات الجنوب. وقد ظهر على وجوه أبناء الضالع الكرام البهجة والسرور بحضورنا فلم يكونوا يتوقعون أن تأتيهم وفود من هذه المحافظات في الوقت الذي ما زال فيه الجرح لم يندمل ولا زالت الحواجز النفسية قائمة، فقلنا فلنبدأ تبادل الزيارات من اليوم والعمل على توحيد الصف.
> ممكن تقول لنا أهم ما جاء في تلك القصيدة..
- أنتم من أبين وأهل أبين منكم
ملعون بعد اليوم من ينوي انتقام
الظلم وحدنا ووحد صفنا
أنتو أهلنا وإحنا لكم إخوه كرام
ندفن جميعاً ما مضى من بيننا
صفحه جديده والمخوه للأمام
الأرض تجمعنا ويجمعنا هدف
والود واجب والتسامح والوئام
نحنا غلطنا كلنا ماحد بري
أنتم ونحنا ما على واحد ملام
بالأمس دقينا بلدنا بيدنا
لأن العقول الحاضره كانت نيام
واليوم وحد بيننا رب السماء
من بعدها لا عنصريه لا انقسام
والعفو وانتو مثلنا قولوا أسف
على الشرف والجود نبني الانسجام
> لكن التصالح والتسامح كما هو معروف لم يعلن إلا في 2006 من جمعية ردفان بعدن؟
- أنا أعتبر أن حجر الأساس وضعت للتصالح والتسامح في قرية شكع بالضالع، وما حدث في جمعية ردفان ما هو إلا تتويج لتلك الجهود السابقة.
> لماذا لم تحضر ملتقى التصالح والتسامح الذي عقد في جمعية ردفان؟
- كنت أمني النفس بالحضور لكن الظروف كانت أقوى من أمنياتي ونيتي، حيث كنت أثناء عقد الملتقى متواجداً في العاصمة السورية دمشق برفقة زوجتي المريضة التي توفاها الأجل.
> أثناء تواجدك في دمشق هل التقيت الرئيس علي ناصر محمد؟
- نعم التقيت الرئيس علي ناصر محمد في تلك الفترة، وشرحت له الوضع، وسألته أين وصلنا في موضوع التصالح؟ وبعدها جاءت مبادرته عبر صحيفة "الأيام".
> بعد مرور أكثر من 4 أعوام من تجربة التصالح والتسامح، كيف تقيمها اليوم؟
- التصالح والتسامح راسخ في نفوس الناس الذين نريد منهم جميعاً أن يجعلوه نابعاً من القلوب وليس من الألسن فقط، ويجب علينا تنمية روح التصالح والتسامح وإسقاؤه لأطفالنا كسقاء الحليب حتى تشب أجيالنا والنشء الصاعد على هذه الروح السامية، وأنا على ثقة أن شعبنا استوعب الدرس جيداً وبات على درجة من الوعي بالخفافيش التي تعمل في الظلام الدامس لتدميره وتشتيته وتناحره.
> البجيري غاب لفترة طويلة عن المشاركة في فعاليات الحراك، ما هي أسباب الابتعاد أو الغياب؟
- كنا مجتمعين في منزل الدكتور مسدوس في خور مكسر بعدن سنة 2007، نناقش هموم قضية الجنوب وحصل أن أحد "المتطفلين" تطاول علي واتهمني بالخيانة في الوقت الذي أنا فيه متواجد في مقدمة الحراك وأنا أول من دعا للتصالح والتسامح قبل الجنوبيين كلهم، ويأتي من يخوّنني، وكادت أن تنشب بيننا معركة بالأيادي، وكنت منفعلا جداً فأقسمت بأغلظ الإيمان إنني لن أشارك في أية فعالية طالما ونحن على عادتنا التي كانت في السبعينيات، وقلت لهم نحن في السبعينيات دفننا نصف شعب الجنوب أحياء بسبب هذه التهم الباطلة، واتضح لنا بعد دفنهم أنهم من أنبل الرجال وأشرفهم، واليوم نبكي عليهم وكلنا ندم، واليوم نشاهدكم تكررون نفس السيناريو تخونون الأحرار والنبلاء ولا ندري ما هو القصد من ذلك. ومن يومها اعتكفت في بيتي ولم أشارك في أي مهرجان حتى جاء مهرجان 27 أبريل 2009، الذي كان حماسياً وقوياً بانضمام الشيخ طارق الفضلي، وتفاجأت الجماهير بحضوري في الوقت الذي نسجوا عني كثيراً من الشائعات والأقاويل الكاذبة.
> كيف تنظر لواقع الحراك السلمي الجنوبي اليوم؟
- أنظر لواقع الحراك بألم شديد وحسرة، فبعد أن نضج الحراك وامتد في كل الجنوب للأسف الشديد ظهرت الأنانية من بعض قيادات الحراك دون أن أخص أحداً بالذكر، وظهر حب الذات وحب التسابق على منصات الخطابة وعلى إطلاق التصريحات والبيانات في الصحف والمواقع الالكترونية في الوقت الذي قضية الجنوب وأبناء الجنوب بأمس الحاجة إلى وحدتهم وتوحيد كياناتهم وتوحيد خطاباتهم وبرامجهم حتى نصل إلى ما نصبو إليه وإلى ما يطمح إليه شعب الجنوب في استعادة دولته المنهوبة وحقوقه المغتصبة.. لذا فإنني أنصحهم وأقول لهم بأن يتسابقوا للتنازل لبعضهم البعض وألا يتسابقوا على تخوين بعضهم البعض وبغضهم لبعضهم البعض، وأن يأخذوا العبرة من التاريخ وأن تكون لديهم الروح النضالية الصادقة، ويجب ألا نمن على شعبنا بما قدمناه له، ويجب أن نترك للقواعد الجماهيرية الحكم في ذلك، وألا نفرض أنفسنا فرضاً على الجماهير؛ أنا وإلا الطوفان، فهذا لا يجوز ولا يسمى نضالاً.
> قصيدة "لا عاد با وحدة" تعتبر ربما القصيدة الأولى من حيث جماهيريتها وانتشارها، ما هي حكاية هذه القصيدة؟ ومتى قلتها؟
- هذه القصيدة كتبتها عام 2004، وقيلت في لقاء التصالح والتسامح في جمعية ردفان 2006، أثناء سفري لسوريا، وبعدها ألقيت في أكثر من فعالية في محافظات الجنوب في الوقت الذي لم يكن أحد قادراً على الحديث بتلك الصورة، وكانت بمثابة كسر حاجز الخوف لدى شعراء الجنوب.
> هناك من يتهمك بكتابة قصيدة أخرى على نفس وزن وقافية "لا عاد با وحدة" تمدح فيها الرئيس صالح.
- أنفي هذا الكلام وبشدة أن أكون قد ألقيت قصيدة بعدها مدحاً في الرئيس، فأنا ما زلت متمسكاً بقصيدتي وموقفي إلى أن أدخل قبري. ولكن هناك من طلب مني إجراء مقابلات صحفية لتغيير موقفي، وعرضت علي مناصب كبيرة ولم أطلب إلا تعويضي عن منزلي الذي استولوا عليه بعد حرب 94 في خور مكسر، وصرفت لي قطعتا أرض كتعويض عن منزلي واستلمتهما، وهناك 4 قطع لم أستلمها حيث تم التحفظ عليها لديهم بعد رفضي أي تغيير لمواقفي أو كتابة قصيدة أو إدلاء بتصريح يتعارض مع مواقفي من قضية الجنوب.
> يدور الحديث حالياً عن لقاءات جنوبية في الخارج وفشل يرافقها في كل مرة، ما هي نصيحتك لتلك القيادات في الخارج؟
- أقول للقيادات الجنوبية في الخارج اتقوا الله في أنفسكم وفي شعبكم الذي أعلن التصالح والتسامح، فلماذا أنتم كقيادة تاريخية لم نسمع بالتصالح والتسامح في ما بينكم قد تم، فماذا تنتظرون وقد بلغ الواحد منكم السبعين من العمر إذا لم يكن قد تجاوزها، وماذا ستقولون لربكم يوم أن تلاقوه؟
لقد ارتكبتم أخطاء فادحة بحق شعب الجنوب الأحياء منكم والأموات، أليس من واجبكم أن تختموا حياتكم المنتهية بالخير والصلاح والظهور بصورة جماعية لتعلنوا لشعبكم في الداخل والخارج وللعالم أنكم قد تصالحتم وتسامحتم، وتعملون على إخراج برنامج عمل موحد تنضم تحت لوائه كل المكونات، ويعمل الجميع في الداخل والخارج في خط واحد وبرنامج عمل واحد وخطاب إعلامي واحد، وهذا طلب منكم يا قيادات الجنوب التاريخية في الخارج، وهو طلب كل جماهير الجنوب، فمن يا ترى منكم يكون المبادر؟
> ما هي حكاية القصيدة التي قلتها مدحاً في أمير دولة قطر في مهرجان 27 أبريل 2010 بمدينة لودر؟
- ليست مدحاً وإنما اعترافاً وعرفاناً بدوره تجاه ترتيب أوضاع فنان الجنوب عبود الخواجة بعد مضايقات تعرض لها في إحدى الدول العربية بسبب أغانيه الجنوبية، يضاف إلى ذلك الدور العربي والإقليمي الذي يقوم به الأمير في إصلاح ذات البين في كثير من البلدان العربية، وحسن المعاملة لإخواننا المغتربين في دولة قطر.

إقرأ أيضاً