اتصلت صباح اليوم إلى منزل العزيز العميد شرف قاسم، ردت عليّ واحدة: شرف توفي اليوم. صعقت لسماع الخبر الذي لم أكن أتوقعه، كنت أعرف أن صحته معتلة، وأنه يعاني من عدة أمراض.
العميد شرف قاسم علم من أعلام الكفاح الوطني والنضال السري، كان المسؤول عن التواصل بين قيادات العمل الحزبي اليساري في الشمال والجنوب، وكان يرحمه الله وهو الضابط الأمني أكثر حصانة وإحساسًا بالمسؤولية، وقراءة للأوضاع السياسية من كثير من قيادات الحزب الاشتراكي، كان الأقرب لجناح الفدائيين في الجبهة القومية، والأكثر ابتعادًا عن الصراعات الكالحة داخل الجبهة، والتنظيم السياسي، وفي ما بعد الاشتراكي، حرصه على التجربة الثورية، وعلى رفاقه، يفوق التصور، يرعى الجميع كأنهم أبناؤه، لا يتدخل في الخصوصيات، ولا تستهويه التهم، ولا يخوض في النقاشات الثورجية، ولا يتعصب لطرف من أطراف الصراع، وما أكثرهم، فهو الأكثر ميلًا واتزانًا لنهج السلام والحوار، وابتعادًا عن الشطط، والمغامرة الثورية التي أهلكت الثورة. أتذكر ليلة استشهاد الدكتور أحمد حسن سعيد، ابن عمه، كان هو الأكثر تماسكًا وصبرًا. جاء إلى الشمال بعد كارثة ١٣ يناير ١٩٨٦، وحافظ على صلاته وعلاقاته بكل الرفاق، ولم ينزلق إلى الصراعات وتصفية الحسابات، وكان أبًا روحيًا، وأخًا صادقًا لرفاقه، وأصدقائه في الحركة الوطنية، والحياة العامة.
فرحم الله العميد شرف قاسم سعيد، والعزاء لأبنائه، وأسرته الكريمة، ورفاقه ومحبيه، ولأبناء اليمن، الذين يفقدون في زمن الموت كمدًا أعز أبنائهم، وأصدق مناضليهم.