صنعاء 19C امطار خفيفة

عندما يسطو الأستاذ على أفكار طلبته!

اقترحتُ، قبل سنوات، موضوعًا بحثيًّا لرسالة جامعية في كلية آداب بإحدى جامعاتنا اليمنية (الحكومية)، بعد أن تَمَّ التواصل معي لطلب مشورتي ونصيحتي، وأنا مازلتُ وقتها خارج الوطن في بعثة دراسية، ويومها كانت هناك فكرة جاهزة في ذهني، حول التخصُّص الدقيق المطلوب، فاقترحتُها لهم، مع الاتفاق معهم على أن يَتِمَّ إبلاغي في حال تمَّ قبول الموضوع وتسجيله رسميًّا، بما يجعلني أحذف الفكرة من صدري وسطري، وأنهي علاقتي بها، وفي حال تعذّر تسجيلها، يتم إبلاغي أيضًا، بما يجعلني مدرِكًا أن الموضوع مازال بحوزتي.


وكما اتفقنا، فقد تم التواصل معي بعد ذلك، وإبلاغي بأنه لم يتم قبول الموضوع المقترَح، من الأستاذ المتخصِّص الذي تم العرض عليه، فقلتُ لهم إنَّ هذا يعني عودة الموضوع إليَّ، كما كان، وأن ينسوا ما كان لهم من علاقتهم به، فتم توكيد ذلك لي.
وبعد مرور حوالي سنة، فوجئتُ ببحثٍ منشورٍ للأستاذ نفسه، حول ذلك الموضوع، وتحت العنوان نفسه، فاستغربتُ من الأمر، واحتملتُ أن يكون قد استأذن، فأذِنُوا له بأن يشتغل عليه، وربما بدافع الإحراج لم يرجعوا إليَّ، قبل أن أتواصل معهم، وأجدهم يبدون استغرابهم الشديد من إقدام الأستاذ على الكتابة فيه، وهو الذي أكَّد عدم صلاحية الموضوع للبحث والدراسة، وكان هذا البحث المشار إليه (المسروقة فكرته: موضوعًا وعنوانًا) أحد بحوث ترقيته إلى درجة الأستاذية.
فإذا كان الأستاذ لا يعلم بالتفاصيل المشار إليها؛ فإنه يجب عليه أن يتعامل مع الفكرة بأنها حقٌّ خاصٌّ لِمَن تمَّ اقتراحها منهم، ويجد حرجًا أكاديميًّا وأخلاقيًّا مِن أن يسطو عليه، دون أن يطلب منهم الإذن بذلك، اعتمادًا منه على كونه ذا سلطة قوية على طلبته، ومِن ثَمَّ فإنه لن يكون بإمكانهم الاعتراض عليه، وهم لايزالون في حاجة إليه..!
وحتى إن كان/ت الطالب/ة تراجع/ت عن الفكرة من تلقاء نفسه/ا، فإنَّ الأستاذ الذي يحترم نفسه، لن يُقدِم على الكتابة فيها، إلا بعد التأكُّد مِن إمكان السماح لهم بذلك، فلرُبَّما أنهم احتفظوا بها للاشتغال عليها لاحقًا، أما أن يقول الأستاذ إنَّ الفكرة لا تصلح للاشتغال البحثي عليها، وإنَّ الظروف الراهنة لا تخدم ذلك أيضًا -حسب ما تم إبلاغي به في حينه- ثم يكتب فيه هو، فإنَّ المشكلة تكون مضاعَفَةً!
ركِّزوا على جوهر الفكرة، والتقطوا منها العظة والعبرة، ودعكم من الشخصنة، والأهم أنّ المعني بالأمر، إن قرأ هذه الأسطر، سيعلم أنَّ هذه الحالة تنطبق عليه، بل إنه -عند الانتباه إلى اسم الكاتب- سيدرك أنه المشار إليه، ولعلَّ في هذه الطريقة التي حاولنا فيها اتباع منهج "ما بال أقوام"، وسيلة تربوية مناسبة!

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً