دور الزنداني في حرب 1994 وفي توظيف الدين لتدمير الجنوب
في هذا الصدد أدلى الأستاذ مسعد حشوان بشهادته عما سمعه بأذنيه في حوش دار الضيافة في بيحان، في أغسطس 1994، ونشره في "واتساب"، في 26 أبريل 2024. ومما كتب: "كان الزنداني منتشيًا باجتياح الجنوب، وحينها سئل عن مقتل (محمد واكد)، وكان رده بالحرف الواحد: لا تحقيق في قتل الاشتراكيين". هؤلاء في رأيه لا يستحقون الحياة، وتعزيزًا لرأيه هذا أحل هو وخدنه الديلمي بفتوى سوداء لادينية دماء خصوم سياسيين عصمت "الشريعة المصدر الوحيد للتشريع الزنداني" دماءهم وأعراضهم وأموالهم. اغتصب الزنداني دور العدالة وهو المطالب اللحوح بأن تكون الشريعة المصدر الوحيد لكل القوانين، ومن بينها القصاص سواء كان القاتل من جماعته أو غيرها. الزنداني سطا على دور الدين، وأحل لنفسه انتهاك مبدأ راسخ فيه هو العقوبة التي بدون فرضها تختل موازين السلام المجتمعي، ويسود حكم الغاب.
باختصار، الزنداني وضع نفسه في مقام الخالق عز وجل، وأصدر حكمه نيابة عن العدالة بطي صفحة القتل وعدم التحقيق مع مدان، لأن الضحية اشتراكي، ويجب أن يلحق برفاقه الذين أهدر الزندانيون دمهم وفق شريعة ليست هي شريعة الله، وفاق عددهم المائة وخمسين اشتراكيًا اغتيلوا كمقدمة لحرب 1994، وشارك الطرفان في الاغتيال مع الأفغان العرب أو قل القاعدة.
دور الزنداني في حرب 1994
حث الزنداني الرئيس صالح، في ديسمبر 1993، على استخدام القوة المسلحة ضد الجنوب.
صالح من جهته طمأنه بأنه عازم على استخدام القوة، ولكن في الوقت المناسب: "اصبر عليّ". ومن نافلة القول أن الزنداني وحزبه كانا ضد وحدة يكون الحزب الاشتراكي "الكافر" تنظيمًا وقبائل وأفرادًا شريكًا فيها، ناهيكم عن الشراكة المتساوية بين فاعلَيها، ما يعني تهميشه. ولثاني مرة في تاريخ الإسلام السياسي يُكَفّر حزب يتشكل من عشرات الآلاف من المناضلين أغلبيتهم من الريف ومتدينون بالسليقة، ومنهم مناضلون أمميون. التكفير الأول أعلنه سيد قطب للمجتمع المصري بوصفه "المجتمع الجاهلي". نهل الزنداني من قطب ثقافة التكفير والعنف والاغتيالات. الزندانيون شوهوا عمدًا ولأهداف سياسية دنيوية النظام في الجنوب بجزمهم بلادينيته وتكفيره، وهو الذي قرر في دستور دولته بأن دين الدولة هو الإسلام، ولم يذكر من قريب أو بعيد، العلمانية التي لم تكن محل جدل في الجنوب ولا في الشمال، وصدرت كراهيتها إلى اليمن من خارجها.
خلال حكم الاشتراكي لم يغلق مسجدًا واحدًا، ولم يضايق مصليًا، ولم يمنع مواطنًا من ممارسة واجباته الدينية صلاة وصومًا وحجًا، وكانت التربية الدينية تُدرس في المدارس وفي كليات التربية، وكانت الإذاعة والتلفزيون يستهلان بثهما بقراءة القرآن الكريم، ولم يُغير اسم مولود من محمد إلى لينين أو ماو. ولأسباب سياسية تم اختلاق شيوعية الجنوب شعبًا ونظامًا وجيشًا ورجال دين وقبائل وتجارًا. وفي هذا الصدد كان الزندانيون يخدمون مصالح طرف غير يمني، وهذا الطرف كان صاحب مصلحة غير مباشرة في تسليف اليمن، وكان معهد دماج بصعدة رأس الحربة رغم خلاف مؤسسه مقبل الوادعي العميق مع الإخوان، لكنهما معًا كانا يخدمان أجندات خارجية.
لقد تمادى الزنداني والديلمي بفتاواهما اللادينية التكفيرية للحزب الاشتراكي وجيش وشعب الجنوب نساء ورجالًا وأطفالًا. إن ما قام به الرجلان ضد الدين نفسه لو كانا حقًا وحقيقة مسلمين ويفقهان أن المصلحة شرع.
الزنداني والزندانيون (3-4)
2024-05-14