دور الزنداني في اغتيال جار الله عمر
لم يكن الرئيس صالح وأجهزة مخابراته غافلين عن جميع أنشطة الزنداني كبيرها وصغيرها. كان الزنداني كغيره تحت الرقابة السمعية والبصرية والبشرية حتى وهو في بيته. ذهب القاتل علي السعواني، للقائه في عدن، بعلم أجهزة الأمن، ولم يكن مجهولًا لدى الزنداني، لأنه كان طالبًا في السنة الثالثة بجامعة الإيمان، وعضوًا في حزب الإصلاح، وزعيم خلية جامع مسيك الإرهابية التي نفذت خطة اغتيال الشهيد جار الله في المؤتمر العام لحزب الإصلاح، ليطمئنه على خطة سير عملية الاغتيال في 28 ديسمبر 2002، وبأن كل الترتيبات تضمن نجاحها. كانت السلطة على علم بإقدامه على تنفيذ جريمته؛ لوجود مصلحة مشتركة لا تنفيها الدموع التي ذرفها الطرفان حينذاك. غضت السلطة الطرف عن مؤامرة الاغتيال منذ التخطيط وحتى التنفيذ، وهي التي لا تخفى عنها خافية.
من بين اعترافات السعواني لدى استجوابه في الأمن السياسي، أنه تسلم قبيل جريمة الاغتيال مالًا من الزنداني في بيته بعدن. ذلك المال لم يدفع له إلا مقابل تنفيذه جريمة اغتيال مواطن مدني بريء ومسلم كالزنداني أدى فريضة الحج قبيل اغتياله. وبعد أن تنفس الزنداني الصعداء لغياب جار الله، لم يعبر عن استنكاره لاغتيال شخصية عامة حظيت باحترام شعبي واسع.
الزنداني توسط لإخراج عبدالسلام الحريري، أحد المدانين قضائيًا في الجريمة، من سجن الأمن السياسي، بحجة مرضه. لم يكلف رئيس الجهاز غالب القمش نفسه عناء طلب تقرير طبيب السجن عن مرض مشارك في الاغتيال، ولم يسأل عن نوع وخطورة المرض التي تستدعي تهريبه بذريعة كاذبة.
السؤال هو لماذا انتقى الزنداني الحريري من بين كل المدانين في الاغتيال، وفضّله مثلًا على الإصلاحي عايض الشايف وغيره. أطلق غالب القمش رئيس الجهاز سراح الحريري بدون ضمانة أو تعهد خطي بإعادته إلى السجن فور شفائه! ولم يرافق الحريري كما هي العادة مندوب أمني أو أكثر للإقامة معه في المستشفى، ولم تقيد رجلاه لضمان عدم هروبه وإفلاته من العقاب. ونجح الزنداني فعلًا بتواطؤ صالح في أن يفلت الحريري من العقاب، ولم يكن القمش ليقبل وساطة الزنداني بدون تعليمات مباشرة من الرئيس صالح في إطار التخادم المتبادل بين طرفي الجريمة.
كان دم كل اشتراكي مستباحًا لديه، وكل ما قاله عن الشهيد أنه كان يشاهده في جامع "جامعة الإيمان" يؤدي صلاة الجمعة، أي أنه شهد بعد وفاته بإسلامه، لكنه لم يطلب العدالة الإسلامية للشهيد وتوقيع العقوبة "الشرعية" على قاتله.
الزنداني والزندانيون (2-4)
2024-05-12