صنعاء 19C امطار خفيفة

210 أيام من الصمود البطولي الفلسطيني!

أدت عملية طوفان الأقصى إلمنى عودة الروح والوعي إلى قضية الشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ 75 عاماً وحتى اليوم، وحركت الضمير العالمي مع القضية الفلسطينية ضد حرب الإبادة والتدمير والتهجير والحصار الذي تتعرض له غزة والضفة الغربية المحتلة.


يشهد العالم تظاهرات في أكثر من 200 مدينة حول العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني وقد خرج طلاب الجامعات الاميركية والبريطانية والالمانية والفرنسية والكندية والنيوزيلاندية وغيرها في تظاهرات، ونظموا اعتصامات داخل تلك الجامعات ونصبوا الخيام في مشهد تضامني لم نشهد له مثيل في الدول العربية والإسلامية، ولا يزال الامل قائما بأن يحذو الطلاب العرب والمسلمين والنقابات العمالية العربية حذوهم. هذه التظاهرات والاعتصامات الطلابية فضحت ممارسات حرب الإبادة على غزة أمام الرأي العام الاميركي والغربي والعالمي الذي يجري تضليله من قبل وسائل الاعلام الغربية التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني والمنظمات الصهيونية (ايباك) التي تتهم كل من يتحدث عن جرائم اسرائيل بمعاداة السامية حتى لو كان يهودياً.
لقد ظهر نتنياهو على وسائل الإعلام ووصف مايجري في جامعة كولومبيا والجامعات الاميركية بأنه معاد للسامية وبالمقابل عبر بعض الطلاب اليهود ومنظمتهم "العدالة لفلسطين" أثناء الاعتصامات لوسائل الاعلام بأنهم يتضامنون مع الشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة في غزة وهذا يدل على أن الشعوب استيقظت ولم تعد تنطلي عليها أكذوبة معاداة السامية. إن نتنياهو ومن يقف معه هم المعادون للبشرية ويجب محاكمتهم كمجرمي حرب كما طالبت جنوب افريقيا بمحاكمة اسرائيل لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي على ما ترتكبه من حرب إبادة على غزة.
ومع الأسف أن الدول العربية لم تطالب بمحاكمة اسرائيل على جرائمها منذ 1948 وحتى اليوم حيث جرى تهجير الفلسطينيين من أرضهم وترحيلهم الى الدول المجاورة ودول العالم وهم الذين يدافع من بقي منهم عن أرضهم ومقدساتهم كخط دفاع أول عن الأمتين العربية والاسلامية والمقدسات.

أتذكر أن الجماهير العربية كانت تخرج في مظاهرات مؤيدة لثورة الجزائر كما كانت تخرج مظاهرات في فرنسا للمطالبة بانسحاب القوات الفرنسية عن الجزائر لان الفرنسيين خسروا أبناءهم في معارك على أرض ليست أرضهم حين كانت الحكومة الفرنسية تعتبر أن الجزائر أرضا فرنسية وهذا ليس صحيحاً ولم يكن حباُ في أرض الجزائر وإنما بثروات النفط والغاز فيها والحفاظ على هيبة فرنسا كقوة عظمى وقتذاك.
إضافة إلى ذلك أتذكر تضامن نقابات العمال التي كانت تقاطع السفن الفرنسية في بعض الموانئ العربية ومنها ميناء عدن العالمي، وكان بعض أئمة المساجد في عدن كالشيخ الجليل الوطني القومي عبد الله حاتم رحمه الله يخصص فقرات من خطبة الجمعة للتضامن مع ثورة الجزائر وكان يردد اللهم يا قوي ياقاهر انصر ثورة الجزائر والمصلين يرددون بصوت عال آمين وكان أيضاً يتحدث عن مقاومة مصر في حرب 1956، اللهم يا قوي يا قاهر انصر جمال عبد الناصر
وقد أدت مطالبات الرأي العام الفرنسي إضافة إلى صمود الشعب الجزائري وتضحياته في ثورة المليون شهيد إلى التحرر من الاحتلال الفرنسي.
هذا يذكرنا أيضا بما حدث في فيتنام حيث ساهم الرأي العام الاميركي وتضحيات الشعب الفيتنامي بهزيمة امريكا عام 1975 وانسحابها الذليل منها وخلق ماسمي ب"عقدة فيتنام".
وأتذكر لقائي في عدن كرئيس للوزراء ووزير للدفاع مع رئيس البنك الدولي مكنمارا الذي كان قبلها وزير الدفاع الاميركي بين عامي 1961- 1968 في حفل عشاء معه في دار الضيافة في معاشق بعدن حيث حدثني عن بعض ذكرياته في فيتنام عندما كان وزيرا للدفاع وعن شجاعة وبطولات الشعب الفيتنامي وقائده الجنرال جياب الذي التقيته في فيتنام وعدن وقد أشار وزير الدفاع الاميركي إلى أن أحد أسباب انسحاب القوات الاميركية من فيتنام هو ضغط الرأي العام الاميركي على الإدارة الاميركية التي لحقت بها خسائر بشرية كبيرة ليس دفاعاً عن أميركا وإنما خوفاً من انتشار الشيوعية في الهند الصينية وغيرها من البلدان.
وفي فترة الاحتلال البريطاني في عدن شكلت لجان في الدول العربية لمناصرة الثورة في الجنوب اليمني المحتل حتى تحرر من الاحتلال البريطاني الذي استمر 129 عاماً. وهذا كله يدل على التضامن بين الشعوب العربية الذي نفتقده اليوم.
فلسطين اليوم بحاجة إلى موقف تضامني عربي صادق وشجاع إلى جانب القضية الفلسطينية لوقف الحرب وفك الحصار عن غزة وقيام الدولة الفلسطينية.

متى يستيقظ الضمير العربي ونحن نشاهد هذه الانتهاكات والجرائم بحق الشعب الفلسطيني التي لم ينج منها حتى المسجد الأقصى الذي جرى ويجري اجتياحه وانتهاكه المتكرر من قبل المتطرفين اليهود في ظل صمت عربي واسلامي غير مسبوق.
إننا نؤكد على أهمية وحدة القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الخطيرة التي لم تشهد القضية الفلسطينية مثيل لها في تاريخ الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لأن العدو واحد والمتضرر هو القضية الفلسطينية برمتها ولن تكون الأمة العربية بمنأى عن أي نكسة تصيب القضية الفلسطينية ككل وليس فصيلاً سياسياً واحداً.
لقد نوهت مجموعة السلام العربي في اجتماعها الأخير يومي 29 -30 ابريل بمقر جامعة الدول العربية بهذه المخاطر التي لن يسلم منها أحد لأن الكيان الصهيوني لايعتدي ويتآمر علينا وحده بل ضمن تحالف واسع هو الذي يمده بالسلاح ويوفر له الحماية الدبلوماسية والسياسية.
 
المجد والخلود للشهداء
الشفاء العاجل للجرحى
جمعة مباركة
* الرئيس اليمني الأسبق

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً