انتشرت مؤخرًا مخاوف مجتمعية وتساؤلات عديدة حول وجود "ديدان" بيضاء في المانجو التيموري -وهو أحد أجود محاصيل المانجو التي تزرع في تهامة منذ عقود- ولقيت تفاعلًا واسعًا انقسم فيه اليمنيون ما بين مذعور من آثار المبيدات والأسمدة، وبين داعم نشط للإنتاج المحلي، قد يبدو للمتابع عن بعد أننا نتعرض للغزو من ديدان التيمور التي ستحكم سيطرتها علينا عما قريب.. وقد لا يصدق أن هذا الاضطراب مصدره ذبابة!
ذبابة الفاكهة أو ذبابة البحر المتوسط هي حشرة أصغر من الذباب المنزلي، تهاجم أكثر من 200 نوع من الثمار، وتتسبب بتلفها، مما يجعلها آفة زراعية خطرة عالميًا.
تمرّ ذبابة الفاكهة بأربع مراحل في حياتها، ويمكن أن تتحول من بيضة إلى ذبابة بالغة في غضون 30 يومًا في البيئة المثالية، وهي البيئة الرطبة والدافئة.
تقوم الذبابة البالغة بثقب قشرة الفاكهة، وتضع فيها بيضها، التي تفقس لتخرج منها يرقات "دود" تتغذى على السوائل عالية الفركتوز في لب الفاكهة، وتتسبب في فسادها وتعفنها، وعندما يكتمل نمو اليرقات تخرج عبر جلد الثمار، وتتركها لتتحول إلى شرنقة -ويتم هذا التحول غالبًا في التربة- حيث يتم احتضان الشرنقة في التربة، وبداخلها تنمو الذبابة حتى تخرج منها، وتعيد الهجوم على المحاصيل الزراعية في دورة حياة جديدة.
وهي كغيرها من الآفات الزراعية سريعة الانتشار في البيئة المثالية، إذ إن الثمار التي اخترقتها بعض الذباب سرعان ما ستصبح مصدرًا سريعًا للتكاثر وغزو الثمار الأخرى، بل حتى المحاصيل الجديدة؛ ولذلك يجب التدخل السريع والملائم للتعامل معها وتدارك أضرارها.
تعد ذبابة الفاكهة من التحديات الزراعية التي تواجه العالم، حيث تتسبب بخسائر سنوية مليارية حول العالم؛ وهو ما جعل كثيرًا من الدول تفرض تدابير صارمة لمنعها من الانتشار، حيث يتم عادة تصفية التالف من الثمار ما لا يقل عن مرتين أسبوعيًا لمنع العدوى بين الأشجار، كما يتم حفر وتقليب التربة المصابة لمنع فقس الشرانق، حتى إنه في بعض الدول يمنع قانونيًا أخذ الثمار الموبوءة في السفر لمنع انتشارها إلى الأماكن الأخرى.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التدابير من شأنها الحفاظ على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي القومي، أما الذبابة فهي لا تحمل العوامل المسببة للمرض داخل أجسادها -أي أنها ليست ممرضة بحد ذاتها- ومع ذلك، يمكن أن تلتصق البكتيريا والميكروبات خارج أجسادها، وتصبح ناقلات لها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قشرة الثمرة هي وسيلتها الدفاعية، والتي تفقدها حين يتم ثقبها، ويصبح من السهل مرور البكتيريا عبرها.
وأخيرًا، فإن نمو العفن داخل الثمرة، بل وعملية تغذية اليرقات، لا بد أن ينتج عنها سموم وفضلات أيضية، كل ذلك بالمجمل يؤدي إلى الأمراض -المعوية غالبًا- والتسمم عند الاستهلاك.
تعد المانجو التيمور بشدة حلاوتها وقوامها شبية القشدة منعدم الألياف، منتجعًا سياحيًا مرفهًا للعديد من الآفات التي تتغذى على الفركتوز، وليس للذباب فقط، ولذلك لا يعد من العجيب وجود بعض الثمار التالفة منها، وهي مخاطر تواجه المزارعين باستمرار.
إلا أنه من المثير للدهشة أن ثمرة واحدة مصابة في مطبخ المنزل قد تتسبب في بداية وباء عنيد يؤدي للأمراض والفساد المتكرر للأطعمة مجهول المصدر، ويستمر طول الصيف!
ابدأ بتعليق المصائد واستخدام المبيدات لمنع الذباب من غزو المنزل.
ثم ننصح بتفقد الثمار قبل شرائها؛ لا تأخذ تلك التي تبدو عليها نقاط سوداء أو علامات اختراق مهما كانت صغيرة وتبدو سليمة من الخارج، لا تسمح بتجمع الأطباق في المغسلة، وامسح الأسطح من أي بقايا طعام، كما يجب وضع الأطعمة في الثلاجة، وإعادة فحص الفواكه قبل تناولها،
وعند مصادفة الثمار المصابة لا داعي للذعر، ولكن احرص على وضعها في أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق قبل التخلص منها.