كسنديانة.. مات واقفًا..
وعاش وارفًا كطولق..
لا ينفعه رثاء بلاد ستنعيه كثيرًا..
وتبدي أنها تبكيه غزيرًا.. وقد أشاحت عنه وأضرته جفوتها وجفاؤها في حياته التي محضها إياها..
رحل بصمت.. وغادر الحياة وهو ينش عن بهائمه.. في منتجعه الأثير.. بقريته الوادعة.. عصامي نزيه.. عاش حياة الكفاف والعفاف..
غير مكترث برونق المناصب العليا ولامتزلف.. لم يستجد سلطة مارقة..
وانكفأ على نفسه ليعيش بعيدًا عن زيف الشعارات والإدعاءات الكاذبة..
في لحظة من الزمن غادرنا جميعا وغادر تنكر وغدر الوطن الذي ظل ينشده ولم يأت..
محمدالمساح الكاتب الأنيق..
الرعوي البسيط.. القلم الرشيق..
النزف الأخير.. والشاهد الجريئ على التنكر الوطني الكبير..
والزيف والمروق الضرير.. منح هذا الوطن كل ما عنده من ممكنات وقدرات.. وملكات وهجساته والهمسات.. بل أعطاه راحته وفوح روحه.. بالمقابل لم يمنحه أبسط حقوق المواطنة.. بلد تصطلي بجحيمه ويصلي فؤادك ويقليك بجحوده..
يقتل شموخك وطموحك.
ثم لا يلبث أن يسير في مقدمة جنازتك ويذرف.. يتظاهر أنه يبكيك..
يقتنص لحظة من زمن لينعي رحيلك.. وفي الفوات يرثيك..
عليك شآبيب الرحمة..
ونسأل الله لك الغفران وحسن الختام..
سلام عليك في مستقرك.. يا من تمثل فيك ضمير الجماهير.. صوت البسطاء والمقهورين.. نبض الشارع.. الشاهد على الزمن.. وملهم المبدعين..
صديقنا وزميلنا الذي طالما أمتعنا بلطائفه.. وأتحفنا بأدبه الرفيع والوفير..
الأديب والكاتب الصحفي الكبير محمد المساح..