من يوم إلى آخر تتعاظم ثروات الحوثيين، فقد أصبح البعض منهم في ثراء فاحش جدًا، وبالمقابل يتفشى الفقر بضراوة في أوساط أغلب المواطنين، فثراؤهم الفاحش هو على حساب الغالبية العظمى من أفراد الشعب، ألم يقل الإمام علي بن أبي طالب: "والله ما رأيت من نعمة موفورة إلا وبجانبها حق مضيع"، هذا الحق المضيع هو سبب ثراء هذه الثلة من الناس، إذ أصبح المواطنون في المحافظات الواقعة تحت سلطتهم، في مسغبة بالغة، وأوجاعهم تنخر في عظامهم دون مبالغة.
لا تقارنوا يا حوثيين الناس بمن هم تحت سيطرة حكومة الفنادق، وإلا فأنتم مثلهم سواء بسواء، ولكن إذا أردتم فقارنوا أحوال الناس في عهدكم بأحوالهم في عهد صالح أو حتى في عهد عبد ربه!
الكل يعرف هذا الكلام، والكل يعرف أين تتدفق الأموال الهائلة العائدة من الجبايات المجحفة القانونية منها وغير القانونية، والتي لا أول لها ولا آخر، ولا تدخل تحت حصر، لا يورد منها إلى مسمى الخزينة العامة إلا النزر اليسير، واليسير جدًا!
هذا إن كان يورد منها شيء!
كما أن حوثنة الوظيفة العامة وإقصاء الناس من وظائفهم وقطع رواتب أغلب من مازال في وظيفته من غير الحوثيين، فضلًا عن حوثنة المراكز العليا والهامة في أغلب الأنشطة الاستثمارية الخاصة التجارية والاقتصادية والطبية والسياحية، وسعيكم لتقتاتوا من حمامات عباد الله، وإغلاقكم لمنافذ موارد أرزاق الناس ومصادر معيشتهم، ناهيكم عن النهب السافر لأراضي وممتلكات الدولة والأوقاف، والفساد المالي والإداري الكبير، والظلم الفاحش الذي ينخر في جسد المجتمع، ونفقاتكم اليومية الخاصة الباذخة، ومركباتكم الفارهة التي تتبدل وتتغير من عام إلى آخر... كل هذا يثير سخط وحنق وغضب الناس عليكم، خاصتهم وعامتهم، وبالذات الذين أصبحوا فقراء بفعل انقلابكم على العملية السياسية السلمية بقوة السلاح، واستيلائكم على الدولة، وتسلطكم على البلاد، فأفقرتم الناس بكفاءة واقتدار مشهود لكم بذلك، حتى جعلتم من لم تهجروهم إلى مختلف أصقاع المعمورة، من اليمنيين الصامدين بجانبكم، فقراء متاربة، في الوقت الذي يشاهدون هم وأولادهم كبار قادتكم وأولادهم وقد تغيرت ملامحهم وأحوالهم، وإلى حد كبير جدًا عما كانت عليه في العام 2014م، وصورهم موجودة في ذلك الحين، وعليها آثار الفاقة والعوز واضحة بجلاء، وصورهم اليوم موجودة، وقد ظهر عليهم آثار الثراء الباذخ والإسراف في الموائد في البيوت أو في المطاعم التي تزايد عددها، وأصبحوا هم كل روادها، وقد أصبحت نفقاتهم مستفزة للفقراء والمعدمين، يفضحها انتفاخ أوداجهم وأناقة ملابسهم وضخامة سياراتهم، وبدت للعيان النعومة في أياديهم ورقابهم!
يا إخواننا الحوثيين، إذا استمر تماديكم بنهجكم هذا ومنهجكم القائم، فثقوا أن خوف الناس من همجيتكم ومن عنفكم ووحشيتكم، لن يطول، وذلك لأنكم تضعونهم وجهًا لوجه مع الخيارات الصعبة التي لا تتمنونها، ولا يتمناها الناس، وتقذفون بالناس دون رحمة إلى زاوية حادة بين الموت جوعًا أو الموت بعنفكم ووحشيتكم، وتتجاهلون أن أصحاب البطون الجائعة يفقدون القدرة على ضبط بوصلة الاتجاه الذي لا ترغبون أنتم الاقتراب منه، وتتجاهلون أن المظلومين لا يبالون وقع عليهم الموت أو وقعوا هم على الموت، وبهكذا سيناريو تكونون أنتم بسوءات سياستكم وسوء نهجكم ومناهجكم، قد وضعتم أنفسكم والبلاد في طريق سيل الله (الشعب)، وقوة سيل الله لا بد ستجرفكم يومًا، وتقذف بكم إلى حيث كنتم، وسيكون عليكم ذلك اليوم يومًا عصيبًا بكل المقاييس، يومًا ستنقلب فيه وسائلكم الهمجية والوحشية والعنيفة عليكم، وتنقلب فيه الغلبة والاستقواء بالقوة والسلاح على رؤوسكم!
فاقرأوا التاريخ، فهو لا يرحم، وكيفما تدين تدان، فالعواقب لكم بالمرصاد، وتلك سنة الله، ولن تجدوا لسنته تبديلًا أو تحويلًا، ونصيحتي إلى هنا وكفاية إن كنتم مؤمنين، فلا تحسبوا أن في تجويع الناس انتصارًا لكم، ولا تظنوا أن نهبكم وفسادكم غنيمة لكم، ولا تتصوروا أن في وحشيتكم وظلمكم لليمنيين مكسبًا لكم، ولا تظنوا أنكم تنصرون بالرعب بتفجير بيوت خصومكم، فاعقلوا واجمعوا دومان يا خبرة، فأنا والله محب لوطني وناصح لكم إن كان للنصح في عُرفكم قبول، فاعقلوا وتفكروا، فلا لزوم لاختباركم صبر الناس، فللصبر حدود، ولا تعطوا لصبر اليمنيين معنى المصاملة، أو تركنوا إلى مقولة: "جوّع كلبك يتبعك". فالزمن اليوم غيره بالأمس، ولا تقف ساعاته على وتيرة واحدة، وأظنكم سمعتم أو قرأتم عن أشد الأيام عنفًا في أيام الثورة الفرنسية، ذلك اليوم الذي أطلق الشعب الفرنسي عليه يوم "الأيادي الناعمة"، وفيه كانت الجماهير الفرنسية تُخرج الذين استأثروا بأقوات الشعب الفرنسي، وتلمس بسخرية أياديهم ورقابهم، فتقطع كل يد ناعمة، لأن سمنتها ونعومتها جاءت من نحول الشعب وجوعه، والجماهير الروسية يا أصحابنا فعلت كذلك بحيتانها وقططها السمان عندما عز عليها العثور على المعيشة النظيفة بسهولة ويسر، وبعد أن أصبحوا يعيشون في حالة رعب وخوف السلطة، واستنطقوا التاريخ، وستجدون فيه الكثير مما تحتاجون معرفته، والكثير من العبر بما يكفي لاقتناعكم لسماع نصيحتي هذه!
صدقوني إلى هنا وكفاية إن كنتم تعقلون!
إلى هنا وكفى أثابكم الله!
2024-03-23