هل من يقظة ضمير تحرك مشاعرنا تجاه واجبنا الوطني المقدس دفاعًا عنه من طمع الطامعين؟ يبدو أن أبناء اليمن سيستمرون على فرقتهم وعنادهم، وخلافاتهم حتى لو أدى الأمر إلى تفتيت بلادهم إلى عدة مناطق متناحرة رغم مناشدات الخيرين العودة إلى طاولة المفاوضات إنقاذًا لبلدهم من التمزيق، ومن منطلق مقولة لا غالب ولا مغلوب، تأسيًا بقول نبينا محمد رسول الله (صلعم): "أتاكم أهل اليمن، أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية".
إن جل ما يهم اليمانيون حاليًا، سواء أكان شيخًا، أو عسكريًا، أو متنفذًا، أو حزبيًا، هو أن يحكم مربعه، وينهب ريعه.
بالأمس كان عبدالحميد فردًا
واليوم ألف ألف عبدالحميدِ
حقًا، إنها لمفسدة، توارثها اليمانيون للأسف، فانتقل فسادهم إلى أعماق أنفسهم، وإن النفس لأمارة بالسوء.
إذن، أي يمن يريدون، أفضل مما كان تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني بإجماع؟
حقيقة، إن الوضع بقضه وقضيضه قد أصيب بنكبة، وبخاصة بعد تشكيل التحالف العسكري السعودي -الإماراتي، منذ ثماني سنوات وبضعة أشهر، حيث قلب الوضع في اليمن عاليه سافله، وأصبحنا أمام مجلس عسكري انتقالي، ونخب، ومليشيات، وعصابات مدعومة من التحالف العسكري إماراتيًا، تعمل خارج إطار السلطة الشرعية المشكلة من عدة رؤوس في عدن، وسلطة أمر واقع في صنعاء... أما آن لهما أن تتفقا في هذا الوضع الصعب الذي يتعرض فيه اليمن إلى اعتداءات خارجية تنتهك سلامته وسيادة أراضيه ووحدته الوطنية؟
الجدير بالذكر، أننا قد وضعنا أنفسنا في جدالات سفسطائية عقيمة، تاركين الدولة تحتضر، وبرهنا أمام العالم أننا لسنا بحجم اليمن العظيم، يمن التاريخ والحضارة.. فهل من مدكر؟
في واقع الأمر، نحن نمر أمام وضع خطير، فكيف لا، ويمننا الحبيبة تتجه نحو الفوضى، والتقسيم المناطقي، والنهب الخارجي المنظم، ونحن نشاهد مأساتنا أمام أعيننا! فوا أسفاه، إن اليمانيين تائهون في بحر خلافاتهم، ويبرهنون يومًا بعد يوم أنهم لا يملكون وزن حبة من خردل تفكير، ووعي، ووطنية لإنقاذ بلادهم. كما أنهم لا يدركون أن دولًا غربية، لا ترغب بوجود يمن قوية في موقع استراتيجي، بقدر ما تريد يمنًا مجزأة إلى دويلات تحت وصاية إقليمية، مستفيدة من الخلافات اليمنية الداخلية، ومن يلعبون في المنطقة كمخالب قط للغرب، والغاية هي تكريس تجزئة المجزأ في ما تبقى من أطلس اليمن، والسيطرة على موانئها، وجزرها، وثرواتها تحت ذريعة حماية المصالح الإقليمية والدولية إكرامًا لمشروع القرن وخارطة الشرق الأوسط الاستعماري الجديد.
يقينًا، إن هناك دولًا غربية ومن دول الجوار وراء تكريس مؤامرة التقسيم، فهل هناك من صحوة وطنية لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان؟
حقيق، إننا كيمنيين نهمل الممكنات من الحلول في الوقت الراهن، فربما يأتي اليوم أن ترجع هذه الممكنات أشبه بالمستحيلات، ونخسر وطنًا.
"أما آن أن تُنسى من القوم أضغانُ
فيبنى على أس المؤاخاة بنيانُ؟
فهل يا ترى من حل لبلادنا قبل أن يفرضه الآخرون علينا؟
أما آن الخروج من المأزق قبل البكاء على الأطلال، ولات ساعة مندم؟