بعد عام وعشرة أشهر على وفاة المستثمر اليمني عبدالصمد المحمدي تحت التعذيب، في حجز الشرطة السعودية، في سبتمبر 2021، تقول زوجته لـ"النداء": إن الداخلية السعودية لم تعتقل أو توجه اتهامات لأي شخص على صلة بوفاة المحمدي، حتى اليوم.
أمضى رجل الأعمال البالغ من العمر 53 عامًا، نصف حياته في المملكة، من عامل في أحد المطاعم الحضرمية في محافظة صبيا، إلى مستثمر في مجال الضيافة وصاحب مطعم ناجح للمأكولات اليمنية و"المندي" خصوصًا.
في 9 سبتمبر 2021، داهمت فرقة أمنية مؤلفة من 25 فردًا، منزل ومطعم المحمدي، بحثًا عن المال. وزعمت الفرقة التي يقودها الملازم حسين جعفري من إدارة مكافحة المخدرات بجيزان، أنها تلقت بلاغًا مجهولًا بأن المحمدي كان يخفي مبلغًا كبيرًا من المال من تهريب المخدرات، قالت الزوجة: "كان الضابط يطالب بـ17 مليون ريال سعودي". ومع ذلك، لم يتم العثور على مثل هذه الأموال المزعومة.
وبدلًا من ذلك، قام أفراد الفرقة بضرب واعتقال المحمدي، وكذلك عماله. كما أغلقوا المطعم، وصادروا متعلقات المحمدي الشخصية، بما في ذلك مبلغ "مليون و61 ألف ريال"، والمجوهرات الخاصة بزوجته "أسمهان" وابنتيهما "فاطمة وحياة"، والبالغة 556 جرامًا.
فصول التعذيب والألم
رجل الأعمال اليمني عبدالصمد المحمدي (النداء)
بعد يومين من المداهمة، اتصل المحمدي بزوجته، أسمهان ثابت، من المستشفى الذي كان محتجزًا فيه. قال لها إنه تعرض للتعذيب، وأنه يتألم. لقد توفي في اليوم التالي.
في 12 سبتمبر 2021، تلقت ثابت، مكالمة من قوات الأمن، تخبرها أن المحمدي "توفي بسبب انسداد رئوي".
لم تقتنع الزوجة التي شهدت مع أولادها والعاملين في المطعم، فصلًا من فصول تعذيب المحمدي، وهو مكتوف اليدين، ساعة المداهمة والتفتيش، عندما تناوب الضابط وأفراد الأمن التابعون له، على ضربه "لكمًا ورفسًا وبأعقاب البنادق والعصي". وبالرغم من وجود شبهة جنائية، أشارت إليها شهادة الوفاة الصادرة من المستشفى، إلّا أن الأمن رفضوا تشريح الجثة بحجة أنه موت طبيعي.
أدلة دامغة
لم تستجب السلطات السعودية المعنية لطلب الأسرة في فحص جثة الرجل من قبل الطبيب الشرعي، إلّا بعد مرور شهر على الجريمة. مع ذلك، فقد وجد تقرير التشريح، الصادر في 14 أكتوبر 2021، أن المحمدي مصاب بعدة "كدمات وعلامات زرقاء على جسده خصوصًا ذراعيه وصدره، بالإضافة إلى كسور في 9 ضلوع". تم تحديد سبب الوفاة على أنه انسداد رئوي، وهو انسداد الشرايين الرئيسية في الرئتين. وخلص التقرير، الذي حصلت "النداء" على نسخة منه، إلى أنه توفي لعدم تلقيه الرعاية الصحية اللازمة داخل المستشفى.
وبحسب التقرير، فقد توفي في مستشفى أبو عريش في 12 سبتمبر 2021. وكانت دائرة المخدرات اعتقلته في 9 سبتمبر 2021، وتم إدخاله إلى المستشفى في 10 سبتمبر 2021، وبقي تحت حراستهم.
لم يجد تقرير لإدارة البحث والتحريات الجنائية في السعودية، أي دليل على نشاط مشبوه للمواطن اليمني عبدالصمد إسماعيل المحمدي. وذكر التقرير الصادر في 29 نوفمبر 2021، أن المحمدي حسن السلوك في الوسط الاجتماعي، وليس لديه سجل جنائي.
وأشار التقرير إلى أن المحمدي تقدم بطلب للحصول على وثيقة مستثمر، وكان لديه نزاع مع كفيله حول موضوع الوثيقة. كما أورد مزاعم سلطات مكافحة المخدرات في جيزان بأنها توفرت على معلوما تتفيد بوجود مبلغ 17 مليون ريال داخل منزل المحمدي. مؤكدًا، مع ذلك، أنه لم يتم العثور على معلومات مؤكدة تشير إلى أن المحمدي كان لديه ممارسات مشبوهة أو متورط في التهريب أو أنشطة مشبوهة.
وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية السعودي النافذ، فإن وفاة المحمدي جراء التعذيب، تعد "جريمة قتل عمد موجبة للقصاص".
خذلان مريب
رغم أدلة التعذيب الدامغة، فإن وزارة الداخلية السعودية لم تعتقل أو توجه اتهامات لأي شخص على صلة بوفاة المحمدي. تقدمت الأسرة بشكوى إلى النيابة العامة، لكن المكتب لم يتخذ أي إجراء بعد.
قدم محامي الأسرة شكوى للشرطة، لكن التحقيق كان بطيئًا وغير حاسم. ورفضت الشرطة إحالة ملف القضية إلى النيابة العامة، حيث إنها صاحبة السلطة الوحيدة للفصل في القضايا الجنائية، ولم يتم القبض على أي من أفراد فرقة الأمن المتورطين في وفاة المحمدي.
تُذكر قضية عبدالصمد إسماعيل المحمدي بالانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها العمال الوافدون في المملكة العربية السعودية. يسمح نظام الكفالة، الذي يمنح أصحاب العمل سلطة غير محدودة تقريبًا على موظفيهم، باستغلال وسوء معاملة على نطاق واسع. في هذه الحالة، استخدم ضابط وأفراد الأمن سلطتهم لتعذيب رجل أعمال ناجح حتى توفي، لمجرد أنه يمني.
يجب على الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي الضغط على الحكومة السعودية لاتخاذ إجراءات لمحاسبة أفراد الأمن على وفاة المحمدي، وإصلاح نظام الكفالة لحماية العمال الوافدين من سوء المعاملة.