شعارهم: "المواجهة مع الباسطين" أرادوا استرداد ما فقدوه في الماضي فبادرهم المسؤولون بقرار مصادرة ما لم يصادره قرار التأميم.. القصة المفصلة لأراضي قبيلة قرو العدنية وما تبقى منها والمصير الذي ينتظرها - هلال الجمرة
لم يرضخ أبناء قبيلة قرو، القاطنون في مدينة البريقة بعدن، للمخطط الرسمي الجديد الذي يقضي بتقسيم أراضيهم المعترف بها من الأنظمة الماضية على مر السنوات للعسكريين وبعض المتضررين من حرب 94.
وفي كل مرة يبدي هؤلاء رفضهم الشديد لأي قرار يتخذ بشأن الإطاحة بالأرض، ويدافعون بشراسة عن أراضيهم، الواقعة بين جبلين والتي تثبتها الوثائق منذ 1960.
وإذ توالت تأكيدات وشهادات الحكومات والأنظمة المختلفة التي حكمت جنوب اليمن، من الاستعمار البريطاني إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" إلى حكومة الفترة الانتقالية بعد الوحدة، إلى بأحقية أفراد القبيلة للأرض؛ رفع الورثة عدة شكاوى إلى رئيس الجمهورية ليحصلوا على 3 توجيهات رئاسية إلى المحافظ تأمر "بالإطلاع والتوجيه باتخاذ اللازم".
مطلع العام 2000 قامت المنطقة الحرة بعدن وشركة "سي. سي" بالاستيلاء على أجزاء من أراضي قرو في "بندر شيخ" بجانب نادي شركة مصافي عدن. رفض أبناء القبيلة هذا الإجراء وقاوموه بكل ما أمكن، ومنعوا المقاول محمد اليافعي من استغلال محافرهم الداخلة ضمن أملاك القبيلة، فشكاهم إلى قيادة الأمن. تحركت حملة عسكرية مسلحة ضدهم قتل فيها الشيخ نبيل أحمد سالم قرو، وتكبدوا فيها الكثير من الخسائر.
صدر قرار من محكمة البريقة يقضي بإيقاف شركة "سي. سي" والمنطقة الحرة عن التصرف في الأراضي المجاورة لشركة المصافي، وتم إحالة الشركة إلى المحافظ للاستملاك بالتراضي وفقاً لقانون الاستملاك، لكن لم يحدث شيء.
دخلت الأرض نقطة الصراع. احتكم الطرفان (أولياء دم الشيخ نبيل قرو وأهالي قبيلة قرو - طرف أول، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية العميد مهدي مقولة - طرف ثان) إلى الشيخ صالح بن فريد العولقي، عضو مجلس النواب.
يقول وكلاء أهالي قبيلة قرو: الشيخ عادل قرو، عضو المجلس المحلي بالبريقة، والشيخ صالح قرو والشيخ محمد قرو، إن المحكَّم غاب بعد ذلك التحكيم في سفر طويل خارج البلاد.
عاد بن فريد (المحكم)؛ ولكنه "ظل متحفظاً على الحكم الذي حكم به، ثم حصلنا على نسخة منه بطريقة خاصة"، قال الشيخ صالح.
الحكم الذي حكم به بن فريد ووثقه بختمه يعكس معاناة القبيلة وحرمانها من أبسط الخدمات الضرورية، مقارنة بالمناطق المجاورة. ويذكر الحكم –الذي حصلت "النداء" على نسخة منه– أن قيادة الأمن شنت على قبيلة قرو حملة عسكرية مسلحة غير مسبوقة دمرت البيوت وبددت الثروة الحيوانية وشردت الأهالي وهتكت أعراضهم ونهبت ممتلكاتهم. وأضاف أن الحملة العسكرية "أحدثت جرحاً دامياً في جسد القبيلة وأصابتها بأضرار مادية ومعنوية كبيرة".
كما أشار الحكم إلى أن تبادل إطلاق النار مع الحملة، والذي قتل فيه أحد جنود الأمن المركزي، ما زال الجاني فيه مجهولا، لتعدد اتجاهات إطلاق النار. الحكم حمّل المقاول المسؤولية، لأنه لم يلجأ للقانون بل للقوة.
ولخص بن فريد حكمه الصادر في 3 نوفمبر 2001 ب8 نقاط، قضت النقطة الأولى منه بتمكين قبيلة قرو من محافرهم الكائنة في منطقتهم الجغرافية، ومن الأرض التي يعيشون عليها والأرض المجاورة في "الوادي الصامت"، باستثناء المواقع العسكرية في "رأس عباس" و"صلاح الدين" فالتزم محافظ عدن (طه غانم، آنذاك) بتنفيذها ودعمها من مهدي مقولة. وإلى هذا الالتزام وعد ببناء مدرسة من 6 فصول وإيصال التيار الكهربائي للقرية. الحكم اعتبر ذلك بمثابة قرار يكلف الطرف الأول بتنفيذه.
وقضت بقية بنود الحكم بإلزام الطرف الأول (مهدي مقولة) بدفع 18 مليون ريال دية الشيخ نبيل قرو ومقابل الأضرار البالغة التي ألحقتها الحملة العسكرية بالقبيلة. وعلى هذا الطرف أيضا إلزام المقاول بأن يدفع للقبيلة ثمن المواد المسحوبة من المحافر، وإسقاط كافة التهم المنسوبة ضد القبيلة. وإلزام الطرف الثاني (القبيلة) بدفع مليوني ريال لقيادة الأمن المركزي، بسبب قتل أحد أفرادها. واعتبر الشيخ صالح بن فريد العولقي الحكم نافذاً من تاريخ النطق به وغير قابل للطعن ويلزم كل الأطراف تنفيذه.
لم يتم العمل بالحكم، وظلت المشكلة قائمة، رغم توجيهات محافظ عدن الأسبق والمحافظ السابق ورئيس الجمهورية.
في 1960 شهد الشيخ مهدي العقربي لصالح سالم قرو بملكيته للأرض المغدر الواقعة بين جبلين، وأنه يملكها وأسلافه منذ ما يزيد على 80 عاما تقريباً.
وتأكد من سلامة الوثائق التي تثبت ملكية قبيلة قرو للأرض القاضي مختار حمود الصنعاني، بناء على طلب من عضو مجلس النواب عن المنطقة عبدالخالق البركاني. وخلص الصنعاني في تقريره إلى أن ورثة صالح سالم دباشي قرو هم الملاك الشرعيون للأرض المغدر الواقعة بين الجبلين وبحدودها المحددة في تقرير اللجنة الفرعية لمعالجة قضايا الأرض بمحافظة عدن في 21 فبراير 95: شمالا معسكر صلاح الدين، وجنوباً جبل الكعبين، وشرقا جبال المزلقم المجاورة للمصفاة، وغرباً مسيفة – "رأس عباس".
رغم تلك الوثائق لم يستطع أهالي قرو استرداد أراضيهم منذ تأميمها في عهد "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية". لكن ذلك النظام كان يعترف لها ب30 فداناً في وادي الصامت، والذي يحاولون السيطرة عليه وإنزال مخططات للتعويض فيها.
حتى مطلع الشهر الجاري كان أهالي قرو يجرون لاسترداد حقهم المسلوب منذ سنين. لكن الوضع تغير بداية الشهر الحالي. لقد أرسلت الدولة مجموعة مهندسين لمسح مخطط ل300 قطعة أرض مخصصة لأهالي قرو. فيما يقول وكلاء الأهالي إن المخطط الخاص بالأراضي المخصصة للتعويضات يقع خارج قرية قرو.
وكلاء الأهالي قدموا إلى العاصمة مطلع الأسبوع للحاق باللجنة البرلمانية المكلفة بتقصي الحقائق حول المشاكل الحاصلة في قرو لمقابلتها قبل تسليم تقريرها. وأفاد صالح قرو لـ"النداء" بأن شكواهم لم تعد بشأن استرداد أرضهم التي أُخذت في فترة التأميم، بل لحماية أرضهم التي تدخل ضمن ال30 فداناً المعترف بها حتى في وقت التأميم.
وكانت اللجنة البرلمانية قد عادت من البريقة، لكن "قبل أن تلتقي بأبناء قبيلة قرو. واكتفت بمقابلة النائب صالح بن فريد العولقي الذي أصبح طرفاً في المشكلة"، أوضح صالح قرو سبب لحاقهم باللجنة البرلمانية. وأضاف: "مشكلتنا الآن مع المساحة العسكرية وعقارات الدولة والمنطقة الحرة، لصرفهم مخططات في أملاكنا". وأمل من اللجنة البرلمانية أن تتحرى الحقيقة وأن تنصفهم.
ونفى وكلاء أهالي قرو شائعة تدمير منازلهم، وقالوا إنها سليمة، لكن نزول المخطط في أراضيهم ورفضهم له ومقاومتهم للظلم هو الدمار والمشكلة التي سجن بسببها 30 شخصاً منهم لمدة 7 أيام. ولفتوا إلى أن مطالبتهم حقوقية وليست سياسية، رافضين أي محاولة لتسييسها من قبل البعض.
وفيما نشرت صحيفة "الأيام"، مطلع الشهر، إعلاناً يحذر من التعامل مع عادل قرو وصالح قرو ومحمد وعبدالله قرو، والاثنان الأولان هما وكيلان شرعيان بوثيقة رسمية بصم عليها الأهالي، وعمّدت في قلم التوثيق بعدن في 12 سبتمبر 2001، ويفوضان فيه الشيخ صالح بن فريد للتفاوض باسميهما؛ نفى عادل وصالح قرو، صحة ما نشر، ولفتا -في ردهما الذي قالا إن "الأيام" رفضت نشره- إلى أن الأسماء المنشورة ليست لورثة صالح سالم قرو الحقيقيين. وقالا إنه يريد استثمار قضيتهما وإنه يستثمر ثلث من أرضهما في مناطق علاّقة وكعبين ومسيفة رأس عيسى.
وناشدا رئيس الجمهورية والعوالق العليا والسفلى أن منع النائب البرلماني صالح بن فريد العولقي من التدخل في شؤونهما. واتهماه باستغلال قضيتهم لأغراضه الشخصية.
وأكدا أن مطالبتهما لن تنتهي إلا بتحقيقها واستعادة أراضيهم. "وكما طالبنا في أيام حكومة الاحتلال البريطاني وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية اليمنية، سنظل نطالب اليوم وغدا".
شعارهم: "المواجهة مع الباسطين" أرادوا استرداد ما فقدوه في الماضي فبادرهم المسؤولون بقرار مصادرة ما لم يصادره قرار التأميم.. القصة المفصلة لأراضي قبيلة قرو العدنية وما تبقى منها والمصير الذي ي
2009-04-30