صنعاء 19C امطار خفيفة

مستشفى القاعدة.. مال "سَايبْ" يُعلّمُ أشياءَ كثيرة!

2009-04-18
مستشفى القاعدة.. مال "سَايبْ" يُعلّمُ أشياءَ كثيرة!
مستشفى القاعدة.. مال "سَايبْ" يُعلّمُ أشياءَ كثيرة! - يحيى هائل سلام
منتصف العام 2007 أقيل مدير مكتب الصحة بمديرية ذي السفال، ومعه مدير مستشفى القاعدة الريفي، من وظيفتيهما.
كان ذلك على خلفية التدهور في أوضاع المستشفى. من بين المتسببين فيه، كان مدير الصحة بالمديرية. وليس ذلك كل شيء، إنه أحد المتسببين في تدهور الوضع الصحي بالمديرية بشكل عام، أو هكذا جاء في الحيثيات الرسمية للإقالة، وربما أكثر من ذلك، في تقرير نشرته "النداء" آنذاك، يتصدره العنوان: "مستشفى القاعدة الريفي.. إقالةٌ لا توقِف الخرابْ".
ولم يطل الانتظار، إذ ما هي إلا أشهرٌ معدودات انقضتْ، وبعدها جلس مدير الصحة المقال على كرسي إدارة المستشفى، وما من تفسير لذلك! لكن ثمة من يقول: لم يتمكن في السابق من القضاء النهائي على المستشفى، لذلك أعادوه يكمل المشوارْ!
تفسيرٌ ليس ببعيد عن تقرير رسمي، منذ ما يقارب الشهور الثمانية وهو يقبع في "زنابيلْ" مدير مكتب المالية بالمديرية، وأدراج رئيس مجلسها المحلي.
التقرير، الذي أعده موظفان في الوحدة الحسابية، يشرح أوضاع مستشفى القاعدة خلال النصف الأول من العام 2008، ولا يرد عليه مدير المستشفى بأكثر من القول: "لا يعنيني، لأنني لم أعين إلا في مارس 2008"!!
إذن، هو يعنيه تماماً، يعنيه بما فيه: عدم التزام مدير المستشفى بالدوام، المناوبات ليست أكثر من كشوف وهمية، والمخازن بلا سجل مراقبة، بل ولا أوامر صرف مخزنية للأصناف. أما صرف أموال المستشفى فلا قيود عليها، إنها تصرف بالأوامر المباشرة من المدير قبل توريدها إلى حساب المستشفى بالبنك. وحتى التي تورد منها، يلحقها الأذى: شيكات بأسماء موظفين، ثم مبالغ لا يعرف مصيرها.
وبحسب التقرير: العمليات تراجعت عن العام الماضي في الفترة ذاتها الى النصف: فقط 12 عملية جراحية. والعجيب أن هذه العمليات التي لم تدر على المستشفى سوى أقل من 80000 ريال، استنزفت خزينته ما يقارب 1200000 ريال. والمضحك في الرقم هو ما قد تروى من حكايات ذهابه للتغذية!
هي البداية فحسب، وللضحك مع الأرقام بقيةٌ: 188378 ريالاً للضيافة، 2447422 ريال وبالمخالفة للاّئحة المنظمة لموارد التحسين ذهبت مكافآتْ. وفيما 263000 ريال اجتزأتها الإدارة لنفسها من المبلغ، فإن 557000 ريال من المبلغ كافأتْ به الشؤونُ المالية وملحقاتها نفسَها!!!
أما م ذلك كله، التقرير وضع أكثر من علامة تعجب، وقال: "لو تم الصرف بحسب النظام واللائحة والكادر المستحق لها وتوريد المبالغ أولاً بأول، لارتفع مستوى الخدمة".
لم يأبه أحدٌ لذلك، وظل الصندوق كائناً مطيعاً لمدير المستشفى: اصرفْ! وهو يصرفْ، ادي لهذا، كما هو من اصحابنا! وهو يدي!!
لكن، شهية المدير كانت قد أخذت في الاتساع لتبتلع مراسيم الطاعة، فيفعل ما لا يُفعل إلا في الشركات الخاصة: صهره (غير الموظف) عبد الفتاح السمان، استقدمهُ، وأسند إليه مهمة تحصيل أموال المستشفى، بعدها، وفي زمن قياسي لم يتجاوز 52 يوماً، 739870 ريالاً كانت قد ظلت طريقها إلى حساب المستشفى في البنك، لتلتهمها ألفاظ مطاطية: "مكافأة"، "مناوبات"، "نثريات"... وبطبيعة الحال فإن لدى المدير ما يؤكد صحة ذلكْ: إنه الصهيرْ!!
أبعد من كل ذلكْ: 457800، 130000، 205756 ريالاً، وهي مصروفات الفترة من 27/8 31/12/2008، (المكافآت، المرتبات) التهمتْ نصيبا من كل رقمٍ فيها على حده، وذلك على الرغم من أن تلك المبالغ هي من اعتماد المستشفى، وبالتالي فهي محكومة بقواعد صرف الموازنة، وليس بالمزاج الشخصي للمدير.
بالنسبة لشخصٍ مثل جميل الصهباني، وهو مدير إدارة الرقابة على الموارد بالمديرية، فإن كل تلك الفوضى المشاعة قابلة للتعايش، وربما المديح!!
صحيح أنه في تقرير نزوله الميداني إلى المستشفى، مطلع العام الجاري، والمرفوع مؤخراً إلى قيادة المجلس المحلي، لم يتجنب الإشارة إلى تجاوز اللائحة في عملية الصرف، وبالتالي التوصية بالالتزام بالصرف وفقاً للأنظمة واللوائح، لكنها ظلت على استحياء، وفي حدود ما لا يمس بقداسة المدير.
إذن، المسؤولية كلها تقع على عاتق الشؤون المالية، وبالتالي يتوجب إيقافها وإحالتها للتحقيق، هكذا ارتأى الصهباني. وفي نهاية تقريره، لم ينس الإشادة بالمدير، فهو يوفر البطانيات، والملايات، والستائر! كما أنه يفعل شيئاً آخر، لم يدرج ضمن أسباب الإشادة: 10000 ريال يدفعها في تاريخ 18/1/2009 لمدير الرقابة على الموارد، الذي هو كاتب التقرير، ليس من جيبه الخاص، بل من أموال المستشفى، والذريعة جاهزة: "مكافأة"!!!
ولشراء المدير الذمم غير مسمى، وأكثر من بقية: 24000 ريال في تاريخ 10/1/2009 لمدير مكتب الصحة بالمحافظة "ضيافة"، 22000 ريال في تاريخ 16/1/2009 لمكتب الصحة "ضيافة"، 30000 ريال في تاريخ 25/1/2009 لمكتب الصحة "ضيافة"، 30000 ريال في تاريخ 26/1/2009 لمكتب الصحة أمين العواضي "ضيافة"، 10000 ريال في تاريخ 14/1/2009 لمدير المالية بالمديرية "مكافأة"، وأخيراً، وليس آخراً، 2000 ريال في تاريخ 26/1/2009 للأمن السياسي "صدقة"!!
كل تلك المبالغ، وهي بعض ما تم صرفه خلال شهر واحد بأوامر مباشرة، لم تصدر عن فخامة الرئيس القائد من خزائن القصر الجمهوري، إنما من أموال مستشفى لا يتوافر على قطعة "الشاشْ" أو "خافض الحرارة"، أمر بصرفها فخامة المدير عبد الإله اليوسفي، ولا بأس في أن تأتي الرقابة على الموارد من بعده تقولْ: "وعلى الشؤون المالية والحسابات استكمال تسوية المصروفات، كونها تمت فعلاً".
إنهُ المال "السايبْ"، غير السرقة، يُعلِّمُُ أشياء أخرى كثيرة!!
 
.. و الرباطي وقحطانْ... مشروع اللادولة في ذي السفالْ!
 
صباح السبت، الثاني من مارس الماضي، أراد جلال، 25عاماً، وهو يقل راكباً على دراجته النارية، أن يتفادى واحدة من عشرات الحفر المتوزعة على طول الطريق الإسفلتي المؤدي إلى مدينة ذي السفالْ. وفعلاً تفاداها، لكنْ إلى متناول سيارة في مهب الريح، وفي المتناول ذاكْ الأشلاء المتناثرة والجمجمة المهشمة على الإسفلت، ليستا كل ما ذهب من جلالْ، ففي البيت ثمة والدٌ مريض، وأخواتٌ خمس ٌبلا "جلالْ"!
في المكانْ، عبدالعزيز الرباطي، رئيس مجلس المديرية المحلي، تأفف من الحفرة، وكان أمين عام المجلس، قحطان أبوراسْ، سبقه إلى المكانْ، الدمُ لا يزال رخواً طرياً، ولذلك كان امتعاض الأمين العام وتأففه من الحفرة شرساً، وأشد ضراوة، ثم إن الأمل عظيم في تأففٍ قادمٍ من حفرة أخرى على هامش كارثة مقبلة!
منذ أمدٍ طويل والرجلان يعبران الطريق، يقعان في حفره المتفاوتة العمق والسعة، الموزعة بأيادي الصدفة والإهمال على امتداده بعناية محتالة، وترتيب خبيث، ومع ذلك، هما لم يكلفا نفسيهما فعل شىء، أي شيء، التأفف ذاته، لم يأت مؤخراً بلا مقابل، كان بثمنٍ، وباهضٍ: جمجمة "جلالْ".
على أنقاض المشهد، ثمة فتيةٌ ارتأوا في جغرافيا الحفر ذرائع للإنابة عن الدولة والكسْبْ، بكيسٍ واحدٍ من الإسمنتِ وملحقاتِه. بدؤوا المشروع، في كل يوم يردمون عدداً ضئيلاً من الحفر. وفي الموازاة، أسندت إلى أحدهم مهمة تحصيل الأموال من سائقي السيارات، وهو يقوم بالمهمة على أكمل وجه، فإذا أعجزه اللسان؛ أسعفه منظر "الكلاشينكوفْ" على الكتفْ!!
إنهم أصحاب مشروع، وبالنسبة لهم، كل شيء يسير على خير ما يرام، لكن شيئاً واحداً لايروق لهم: الرباطي وقحطان يمران بسيارتيهما أمام ما تشبه النقاط البوليسية، ولا يدفعان المالْ كما الآخرينَ!!
لا بأس! لا بأس من ذلك؛ فكلاهما مشروع اللادولة في ذي السفالْ!!

إقرأ أيضاً