سامي غالب يسمع طنطنة تحت القبة
يخوض مجلس النواب منذ أسبوعين حرباً جاهلية، خاسرة، ضد السلطة القضائية باسم الدفاع عن الشرعية الدستورية والحفاظ على مهابة السلطة التشريعية.
انتفض نواب الشعب بعد سبات طويل انتصاراً لأحد زملائهم من كتلة الأغلبية الكسيحة متهم بجريمة قتل، فيما جدول أعمالهم متخم بقضايا تراكمت على امتداد دورتهم الدستورية. ودفع الغضب بممثلي الشعب حد مطالبة وزير العدل بالتدخل في مسار قضية باتت في عهدة القاضي المختص، من أجل الإفراج عن زميلهم. وفي الأثناء يواصل بعض هؤلاء الممثلين الزعيق احتجاجاً على قانون يحدِّد سناً للزواج سبق أن أقره البرلمان. وفي الحالين يتموضع وزير العدل كبندٍ وحيد في جدول أعمال البرلمان الذي ينتظر الرأي العام المحلي والخارجي كلمته بعد 3 أسابيع في اقتراح تعديل دستوري مثير للجدل يضيف إلى عمر نوابه عامين مجانيين باتفاق سياسي بين الحكم والمعارضة. ومعلوم أن وزير العدل، مدعوماً من منظمات مدنية ونسوية، خاض سجالاً راقياً في البرلمان من أجل تمرير قانون الأحوال الشخصية، الذي يُراد الآن وأده باسم الشريعة المفترى عليها.
خلال مدة البرلمان الدستورية التي تنتهي في 10 مايو المقبل ظهر برلمان الأغلبية الكاسحة خائراً على الدوام في مواجهة السلطة التنفيذية ومراكز القوى داخل السلطة الرسمية وخارجها. وفي عهده المبارك اندلعت 5 جولات حرب في صعدة دون أن يتمكن من محاسبة أي مسؤول عن أسبابها ونتائجها الكارثية على البلد. وبينما تلوح في الأفق إشارات تنذر باندلاع الحرب مجدداً هناك، لم يصدر صوت من تحت قبته يدعو ممثلي الشعب إلى الاحتشاد لمنع المقامرين من التجروء مجدداً على دم اليمنيين وسوقهم إلى جولة سادسة من حرب عبثية.
في عهد هذا البرلمان، طويل العمر، طلع المئات من المتقاعدين العسكريين والأمنيين في تظاهرات سلمية تطالب بإنصافهم. وسنة تلو سنة تعاظم الغضب في المحافظات الجنوبية والشرقية حتى بلغت القلوب الحناجر فيما ممثلو الشعب الغيورون على الشرعية الدستورية وعلى مهابة مجلسهم العتيد، منغمسون في لعبة «الأيادي الخشبية» التي في ظلها تم إهدار مئات الملايين من الدولارات سنوياً في اعتمادات إضافية سبق التصرف فيها من «سلطة البعد الواحد» التي لا تحسن سوى إعمال القوة لمواجهة المطالب الشعبية.
يطنطن ممثلو الشعب هذه الأيام انتصاراً لأحد زملائهم تزعم النيابة العامة أنه ضبط متلبساً في جريمة قتل، ويطنطن بعضهم انتصاراً لفهمهم لمقاصد الشريعة الاسلامية. وبعد أسابيع من الآن سترتفع أيادٍ خشبية تحت القبة لتمرير اتفاق سياسي يطيل أعمار أصحابها حولين كاملين. ساعتها سيستأنف هؤلاء دور التأتأة، الدور الأثير في مواجهة «سلطة البعد الواحد» التي تقود البلد إلى المجهول!
يسمع طنطنة تحت القبة
2009-04-09