شاهد زوجته وابنته، فسأل العسكر: من هؤلاء؟.. مفتاح يظهر في الأمن السياسي في حالة صحية وذهنية مرِّوعة - هلال الجمرة
محمد مفتاح لم يعد يعرف زوجته وابنته أميرة. هذه الحقيقة المروعة اكتشفتها الزوجة والإبنة عصر اليوم الاربعاء.
سأل مفتاح العساكر الذين يحيطون به في مقر الأمن السياسي: «من هؤلاء؟». كان يقصد زوجته الصابرة وأبنته أميرة (13 سنة).
قال له العسكر: هذه عائلتك. لكنه أعاد السؤال ثانية، وثالثة.
استغرق مفتاح وقتاً حتى يتعرف على زوجته وأميرته الصغيرة.
الثابت أن مفتاح تعرض للتنكيل في معتقله. ومعلوم أنه اختطف من مجموعة أمنية مساء 22 مايو الماضي.
ولكن كيف تمكنت زوجته وابنته من الوصول إليه؟
الحاصل أن الزوجة والابنة سألتا عن مفتاح في الاستعلامات، فأجابهما الموظف بأن اسمه مش موجود، ولكننا سندقق في قوائمنا، وعليكن العودة بعد نص ساعة.
الزوجة والابنة لم تنتظرا، بل توغلتا باتجاه شباك الزيارة. وهناك سألتا عن مفتاح.
جاء مفتاح مستنداً على اثنين من العسكر، وخمسة آخرون يراقبونه.
ولحظة اقترب من زائرتيه وقعت الواقعة. لم يتعرف عليهما.
وحسب، زوجة مفتاح، فإنه بدا عليلاً ومصفراً، فقد نصف وزنه وصوته لا يُكاد يُسمع.
مفتاح الناشط السياسي والحقوقي يحرم من ادنى الحقوق في معتقله. تقول زوجته: «ما بيخلوه يدخل الحمام إلا وقد هانوه وبهذلوه ويدخل مرة واحدة في اليوم لمدة دقيقتين ويجلس باب الحمام مفتوح».
على ما تعتقد جميلة فإن إضرابه عن الطعام منذ فترة هو أحد الأسباب الرئيسية في تدهور صحته. قبل أن يضرب عن الطعام كان يصرف له يومياً «حبة كدم وقطعتين بطاط و ملعقتين رز لثلاث وجبات».
لم تصمد أميرة أمام الحالة السيئة لوالدها. كانت تبكي عاجزةً عن الكلام حتى بعد عودتها إلى البيت بساعتين.
استطاعت جميلة (زوجة مفتاح) من الوصول إلى زوجها أخيراً. كانت قد زارت مقر الأمن السياسي أكثر من 20 مرة خلال الشهرين الماضيين دون طائل. وقد قررت أمس أن تجازف، فتجاوزت موظفي الاستعلامات، واقتربت من شباك الزيارة، كأي زائرة أخرى. وهناك أمكن لها أن تمسك بالمستحيل: شاهدت زوجها، لكنه كان خائر القوى، معذب، مشتت ذهنياً، هزيل البنية. كان مشهده صاعقاً.
وبعد ربع ساعة غادرت الزوجة والأميرة الصغيرة، مكان الزيارة، وطرقتا مكتب الاستعلامات، وهناك سألتا الموظف عما إذا كان محمد مفتاح في قائمة المعتقلين. أجابها الموظف النابه: لا!
أبناء مفتاح (طه 14 عاماً، وامير الدين 12 عاماً) كانا بانتظار الخبر الجميل من والدتهم، بيد أن فرحتهم تبددت عندما عرفوا الوضع الصحي لوالدهم.
تبدي جميلة قلقاً شديداً من الحالة الصحية لزوجها وتطالب الجهات المسؤولة بالإفراج عنه قبل أن يصيبه أي مكروه. وقبل أن يتفاقم وضعه الصحي.
شاهد زوجته وابنته، فسأل العسكر: من هؤلاء؟.. مفتاح يظهر في الأمن السياسي في حالة صحية وذهنية مرِّوعة
2008-08-08